أَنْ يَشْتَمِلَ كَلَامُ اللَّهِ عَلَى مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ تَكْلِيفٌ فَلَا يَجُوزُ وَإِلَّا كَانَ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَفِي شَرْحِ الْبَدِيعِ لِلشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ فَلَهَا مَعَانٍ
[مَسْأَلَةٌ قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ هَلْ يَجِبُ تَوَاتُرُهَا]
(مَسْأَلَةٌ قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ مَا) كَانَ مِنْهَا (مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ) بِأَنْ كَانَ هَيْئَةً لِلَفْظٍ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهَا وَلَا يَخْتَلِفُ خُطُوطُ الْمَصَاحِفِ بِهِ (كَالْحَرَكَاتِ وَالْإِدْغَامِ) فِي الْمِثْلَيْنِ أَوْ الْمُتَقَارِبَيْنِ وَهُوَ إدْرَاجُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا سَاكِنًا فِي الثَّانِي (وَالْإِشْمَامِ) وَهُوَ الْإِشَارَةُ بِالشَّفَتَيْنِ إلَى الْحَرَكَةِ بَعِيدُ الْإِسْكَانِ مِنْ غَيْرِ تَصْوِيتٍ فَيُدْرِكُهُ الْبَصِيرُ لَا غَيْرُ (وَالرَّوْمِ) وَهُوَ إخْفَاءُ الصَّوْتِ بِالْحَرَكَةِ (وَالتَّفْخِيمِ وَالْإِمَالَةِ) وَهِيَ الذَّهَابُ بِالْفَتْحَةِ إلَى جِهَةِ الْكَسْرَةِ (وَالْقَصْرِ وَتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ وَأَضْدَادِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَات مِنْ الْفَكِّ وَعَدَمِ الْإِشْمَامِ وَالرَّوْمِ وَالتَّرْقِيقِ وَعَدَمِ الْإِمَالَةِ وَالْمَدِّ وَتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ (لَا يَجِبُ تَوَاتُرُهَا وَخِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ (مِمَّا اخْتَلَفَ بِالْحُرُوفِ كَ: مَلِكِ) الْمَنْسُوبِ قِرَاءَتَهُ إلَى مَنْ عَدَا الْكِسَائِيَّ وَعَاصِمًا (وَمَالِكِ) الْمَنْسُوبِ قِرَاءَتَهُ إلَيْهِمَا وَيُسَمَّى بِقَبِيلِ جَوْهَرِ اللَّفْظِ (مُتَوَاتِرٌ وَقِيلَ مَشْهُورٌ) أَيْ آحَادُ الْأَصْلِ مُتَوَاتِرُ الْفُرُوعِ (وَالتَّقْيِيدُ) لِمَا هُوَ خِلَافُ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ مِنْهَا (بِاسْتِقَامَةِ وَجْهِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ) كَمَا فِي شَرْحِ الْبَدِيعِ (غَيْرُ مُفِيدٍ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ) بِاسْتِقَامَةِ وَجْهِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ (الْجَادَّةَ) الظَّاهِرَةَ فِي التَّرْكِيبِ (لَزِمَ عَدَمُ الْقُرْآنِيَّةِ فِي {قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: ١٣٧] بِرَفْعِ قَتْلِ وَنَصْبِ أَوْلَادِهِمْ وَجَرِّ شُرَكَائِهِمْ عَلَى أَنَّ (قَتْلَ) مُضَافٌ إلَى شُرَكَائِهِمْ وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ أَوْلَادُهُمْ (لِابْنِ عَامِرٍ) لِأَنَّ الْجَادَّةَ فِي سِعَةِ الْكَلَامِ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ بِغَيْرِ الظَّرْفِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ (أَوْ) أُرِيدَ بِهَا الِاسْتِقَامَةُ وَلَوْ (بِتَكَلُّفِ شُذُوذٍ وَخُرُوجٍ عَنْ الْأُصُولِ فَمُمْكِنٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ) فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ (وَقَدْ نَظَرَ فِي التَّفْصِيلِ) أَيْ نَظَرَ الْعَلَّامَةُ الشِّيرَازِيُّ فِي كَوْنِ مَا مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ كَالْحَرَكَاتِ لَا يَجِبُ تَوَاتُرُهُ بِخِلَافِ مَا كَانَ مِنْهُ (لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ وَمَا مَعَهَا أَيْضًا قُرْآنٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَصْرَ وَالْمَدَّ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي) أَيْ خِلَافَ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ (فَفِي عَدِّهِمَا مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي) أَيْ مِمَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ (نَظَرٌ) وَالْأَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي (مَالِكِ) وَ (مَلِكِ) إذْ (مَالِكِ) لَا يَزِيدُ عَلَى مِلْكٍ إلَّا بِالْمَدَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَلِفُ (لَنَا) فِي أَنَّ مَا مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ أَنَّهُ (قُرْآنٌ فَوَجَبَ تَوَاتُرُهُ) ضَرُورَةً أَنَّ جَمِيعَ الْقُرْآنِ مُتَوَاتِرٌ إجْمَاعًا لِكَوْنِ الْعَادَةِ قَاضِيَةً بِهِ (قَالُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ بِالِاشْتِهَارِ (الْمَنْسُوبِ إلَيْهِمْ) هَذِهِ الْقِرَاءَاتُ (آحَادٌ) لِأَنَّهُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ وَالتَّوَاتُرُ لَا يَحْصُلُ بِهَذَا الْعَدَدِ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَضْلًا عَمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ.
(أُجِيبَ: بِأَنَّ نِسْبَتَهَا) أَيْ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ إلَيْهِمْ (لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالتَّصَدِّي) لِلِاشْتِغَالِ وَالْإِشْغَالِ بِهَا وَاشْتِهَارِهِمْ بِذَلِكَ (لَا لِأَنَّهُمْ النَّقَلَةُ) خَاصَّةً بِمَعْنَى أَنَّ رِوَايَتَهُمْ مَقْصُورَةٌ عَلَيْهِمْ (بَلْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) مَوْجُودٌ (مَعَهُمْ) فِي كُلِّ طَبَقَةٍ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلِأَنَّ الْمَدَارَ) لِحُصُولِ التَّوَاتُرِ (الْعِلْمُ) أَيْ حُصُولُ الْعِلْمِ عِنْدَ الْعَدَدِ (لَا الْعَدَدُ) الْخَاصُّ (وَهُوَ) أَيْ الْعِلْمُ (ثَابِتٌ) بِقِرَاءَاتِهِمْ
[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]
(مَسْأَلَةٌ بَعْدَ اشْتِرَاطِ الْحَنَفِيَّةِ الْمُقَارَنَةَ فِي الْمُخَصِّصِ) الْأَوَّلِ لِلْعَامِّ الْمُخَصَّصِ (لَا يَجُوزُ) عِنْدَهُمْ (تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَوْ فُرِضَ نَقْلُ الرَّاوِي قُرْآنَ الشَّارِعِ الْمُخْرِجِ) لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْمَتْلُوِّ (بِالتِّلَاوَةِ) فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقُرْآنِ حَالَ كَوْنِهِ (تَقْيِيدًا) لِإِطْلَاقِ عُمُومِ الْمَتْلُوِّ وَحَالَ كَوْنِ الْمُخْرَجِ (مُفَادًا لِغَيْرِيَّةٍ) أَيْ مَا هُوَ غَيْرُ قُرْآنٍ هَذَا وَتَقَدَّمَ فِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُقَارَنَةِ فِي الْمُخَصَّصِ الْأَوَّلِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُهُمْ كَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا فِي التَّخْصِيصِ مُطْلَقًا لَكِنْ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ يُعْلَمُ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَالتَّمْهِيدُ الْمَذْكُورُ لِبَيَانِ مَنْعِهِ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ مَعَ إمْكَانِ تَصَوُّرِ شَرْطِهِ فِيهِ لَا غَيْرُ، دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ امْتِنَاعَهُ عِنْدَهُمْ إنَّمَا هُوَ لِانْتِفَاءِ تَصَوُّرِ شَرْطِهِ لَا لِلْإِشَارَةِ إلَى جَوَازِهِ عِنْدَ غَيْرِ شَارِطِيهَا مِنْهُمْ (وَكَذَا) لَا يَجُوزُ (تَقْيِيدُ مُطْلَقِهِ) أَيْ الْكِتَابِ (وَهُوَ) أَيْ تَقْيِيدُ مُطْلَقِهِ هُوَ (الْمُسَمَّى بِالزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ) بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (وَحَمْلُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute