أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا حَمْلُ الْكِتَابِ (عَلَى الْمَجَازِ لِمُعَارَضَتِهِ) أَيْ خَبَرِ الْوَاحِدِ لَهُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا عِنْدَ الْقَائِلِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْعَامَّ قَطْعِيٌّ كَالْعِرَاقِيِّينَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا الْقَائِلُ بِظَنِّيَّةِ الْعَامِّ مِنْهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ كَأَبِي مَنْصُورٍ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَيْضًا (عَلَى الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ (لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخَبَرِ ثَابِتٌ (فِي ثُبُوتِ الْخَبَرِ وَالدَّلَالَةِ) أَيْ وَدَلَالَةِ الْخَبَرِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ (فَرْعُهُ) أَيْ ثُبُوتُ الْخَبَرِ (فَاحْتِمَالُهُ) أَيْ ثُبُوتِ الْخَبَرِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ (عَدَمَهَا) أَيْ دَلَالَةُ الْخَبَرِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ (فَزَادَ) خَبَرُ الْوَاحِدِ احْتِمَالًا عَلَى احْتِمَالِ الْكِتَابِ (بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ الْمُسْتَلْزِمِ عَدَمَ الدَّلَالَةِ أَصْلًا وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّخْصِيصِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ تَخْصِيصَ عَامٍّ إلَّا بِعَامٍّ كَالنِّسَاءِ فِي لَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ فَفِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ مِثْلُ مَا فِي الْأَوَّلِ حَتَّى احْتَمَلَ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ التَّخْصِيصَ وَوَقَعَ فَإِنَّهُ خَصَّ مِنْ تَخْصِيصِ مَنْ قَاتَلَ مِنْهُنَّ أَوْ كَانَتْ مَلِكَةً فَسَاوَى فِي احْتِمَالِ عَدَمِ إرَادَةِ الْبَعْضِ الْقَطْعِيِّ الْعَامِّ وَزَادَ هُوَ عَلَيْهِ بِاحْتِمَالِ عَدَمِ ثُبُوتِهِ رَأْسًا وَلَوْ انْفَرَدَ الْقَطْعِيُّ بِاحْتِمَالِ مَتْنِهِ دُونَ الْخَبَرِ كَانَ هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّابِتُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِهِ لِأَنَّ تِلْكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرَادِ أَيُّهَا هُوَ وَهَذِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوُجُودِ فَهُوَ فِي أَصْلِهَا وَذَاكَ فِي وَصْفِهَا بَعْدَ الْقَطْعِ بِثُبُوتِهَا كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(لَنَا) فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ (لَمْ يَثْبُتْ ثُبُوتَهُ) أَيْ الْكِتَابَ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ قَطْعِيٌّ وَثُبُوتَ خَبَرِ الْوَاحِدِ ظَنِّيٌّ (فَلَا يُسْقِطُ) خَبَرُ الْوَاحِدِ (حُكْمَهُ) أَيْ الْكِتَابِ (عَنْ تِلْكَ الْأَفْرَادِ) الَّتِي بِحَيْثُ يُخْرِجُهَا خَبَرُ الْوَاحِدِ مِنْ عَامِّ الْكِتَابِ (وَإِلَّا) لَوْ أَسْقَطَ حُكْمَهُ عَنْهَا (قُدِّمَ الظَّنِّيُّ عَلَى الْقَاطِعِ) وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الظَّنَّ مُضْمَحِلٌّ بِالْقَطْعِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ) الْخَبَرُ (تَوَاتُرًا أَوْ شُهْرَةً) فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِهِ (لِلْمُقَاوَمَةِ) بَيْنَ الْكِتَابِ وَبَيْنَهُمَا أَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَاتِرِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُورِ عَلَى رَأْيِ الْجَصَّاصِ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّهُ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ ابْنِ أَبَانَ وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَنَّهُ يُفِيدُ عِلْمَ طُمَأْنِينَةٍ فَلِأَنَّهُ قَرِيبٌ بِالْيَقِينِ وَالْعَامُّ لَيْسَ بِحَيْثُ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الظَّنِّ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَخْصِيصِ عُمُومَاتِ الْكِتَابِ بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَاتِهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ (فَثَبَتَ) كُلٌّ مِنْ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَالْمَشْهُورِ (تَخْصِيصًا) لِعُمُومِ الْكِتَابِ (وَزِيَادَةً) عَلَى مُطْلَقِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُقَارِنًا) لَهُ إذَا كَانَ هُوَ الْمُخَصَّصَ الْأَوَّلَ (وَنَسْخًا) أَيْ وَنَاسِخًا لَهُ حَالَ كَوْنِهِ (مُتَرَاخِيًا) وَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّخْصِيصِ، وَالنَّسْخَ عَلَى تَقْدِيرِ الزِّيَادَةِ (وَعَنْهُ) أَيْ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْمُخَصَّصِ الْأَوَّلِ (حَكَمُوا بِأَنَّ تَقْيِيدَ الْبَقَرَةِ) فِي قَوْله تَعَالَى اذْبَحُوا بَقَرَةً بِالْمُقَيِّدَاتِ فِي بَقِيَّةِ الْآيَةِ (نَسْخٌ) لِإِطْلَاقِهَا لِكَوْنِ الْمُقَيِّدَاتِ مُتَأَخِّرَةً عَنْ طَلَبِ ذَبْحِ مُطْلَقِهَا (كَالْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ) كَ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] بِالنِّسْبَةِ إلَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] الْآيَةَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] بِالنِّسْبَةِ إلَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: ٢٢١] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
(وَعَنْ لُزُومِ الزِّيَادَةِ بِالْآحَادِ مَنَعُوا إلْحَاقَ الْفَاتِحَةِ وَالتَّعْدِيلِ) لِلْأَرْكَانِ (وَالطَّهَارَةِ) مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ (بِنُصُوصِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] (وَالْأَرْكَانُ) أَيْ {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧] (وَالطَّوَافُ) أَيْ {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] (فَرَائِضُ) بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» «وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ فَسَاقَهُ إلَى أَنْ قَالَ فَقَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي فَقَالَ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» وَبِمَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute