وَالْخَارِجِ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مِثْلُهُ عَقْلًا أَوْ خَارِجًا لَزِمَ أَنْ يَثْبُتَ وَصْفٌ أَنَّهُ مِثْلُ مِثْلِهِ ثُمَّ غَيْرُ خَافٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِ هُنَا الْمِثْلُ الْمُتَوَهَّمُ وَلَيْسَ لِمُتَوَهِّمِهِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ لِأَنَّهُ شِرْكٌ بَلْ اللَّهُ بِخِلَافِهِ لَا مِثْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ مِثْلٌ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الصِّفَةِ الْعَجِيبَةِ الشَّأْنِ الَّتِي لَا عَهْدَ بِمِثْلِهَا وَالْمَعْنَى لَيْسَ كَصِفَتِهِ الْعَجِيبَةِ الشَّأْنِ شَيْءٌ وَإِنَّهُ لَصِدْقٌ فَهِيَ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَهُوَ حَسَنٌ لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ كَوْنِ الْمَجَازِ نَقْلِيًّا]
(مَسْأَلَةٌ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الْمَجَازِ نَقْلِيًّا فَقِيلَ فِي آحَادِهِ وَقِيلَ فِي نَوْعِ الْعَلَاقَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) فَحَاصِلُ الْمَذَاهِبِ لَا يُشْتَرَطُ نَقْلُ الْآحَادِ وَلَا نَقْلُ نَوْعِ الْعَلَاقَةِ يُشْتَرَطُ نَقْلُ الْآحَادِ يُشْتَرَطُ نَقْلُ نَوْعِ الْعِلَاقَةِ فَقَطْ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ قَائِلًا قَالَ: لَيْسَ نَقْلِيًّا وَآخَرُ قَالَ: نَقْلٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: نَقْلُ الْآحَادِ وَقِيلَ: بَلْ نَقْلُ نَوْعِ الْعَلَاقَةِ كَالسَّبَبِيَّةِ وَالْمُسَبَّبِيَّةِ كَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ (فَالشَّارِطُ) لِلنَّقْلِ فِي نَوْعِ الْعَلَاقَةِ يَقُولُ مَعْنَاهُ (أَنْ يَقُولَ) الْوَاضِعُ (مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ اتِّصَالٌ كَذَا إلَخْ) أَيْ أَجَزْت أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نَقْلِ آحَادِهِ فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا اسْمَ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ وَيَكْفِينَا هَذَا فِي إطْلَاقِ كُلِّ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْهُمْ فِي عَيْنِ كُلِّ صُورَةٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ وَالشَّارِطُ لِلنَّقْلِ فِي الْآحَادِ يَشْتَرِطُ سَمَاعَهُ مِنْهُمْ فِي عَيْنِ كُلِّ صُورَةٍ (وَالْمُطْلِقُ) لِلْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ نَقْلٍ فِي الْآحَادِ وَلَا فِي النَّوْعِ يَقُولُ (الشَّرْطُ) فِي صِحَّةِ التَّجَوُّزِ أَنْ يَكُونَ (بَعْدَ وَضْعِ التَّجَوُّزِ اتِّصَالٌ) بَيْنَ الْمُتَجَوِّزِ بِهِ وَالْمُتَجَوَّزِ عَنْهُ (فِي ظَاهِرٍ) مِنْ الْأَوْصَافِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمُتَجَوَّزِ عَنْهُ فَحَيْثُ وُجِدَ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى غَيْرِهِ (وَعَلَى النَّقْلِ) أَيْ الْقَوْلُ بِاشْتِرَاطِهِ آحَادًا أَوْ نَوْعًا (لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِوَضْعِ نَوْعِهَا) وَإِلَّا كَانَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَضْعًا جَدِيدًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ (وَاسْتَدَلَّ) لِلْمُطْلَقِ أَنَّهُ (عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ) أَيْ تَقْدِيرِ شَرْطِ نَقْلِ الْآحَادِ وَتَقْدِيرِ شَرْطِ نَقْلِ الْأَنْوَاعِ (لَوْ شَرَطَ) أَحَدُهُمَا (تَوَقُّفَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ) فِي إحْدَاثِ آحَادِ الْمَجَازَاتِ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَأَنْوَاعِهَا عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي
(وَلَا يَتَوَقَّفُونَ أَيْ فِي الْآحَادِ وَإِحْدَاثِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ الْعَلَاقَةِ بَلْ يَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ الْبَلَاغَةِ وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يُدَوِّنُوا الْمَجَازَاتِ تَدْوِينَهُمْ الْحَقَائِقَ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلُ (مُنْتَهِضٌ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْلِ فِي الْآحَادِ (مَمْنُوعُ التَّالِي) وَالْوَجْهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ مَمْنُوعٌ اسْتِثْنَاءُ نَقِيضِ التَّالِي وَهُوَ عَدَمُ التَّوَقُّفِ (فِي الثَّانِي) أَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ النَّقْلِ فِي الْأَنْوَاعِ (وَعَلَى الْآحَادِ) أَيْ وَاسْتُدِلَّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْلِ فِي الْآحَادِ (لَوْ شُرِطَ) النَّقْلُ فِيهَا (لَمْ يَلْزَمْ الْبَحْثُ عَنْ الْعَلَاقَةِ) لِأَنَّ النَّقْلَ بِدُونِهَا مُسْتَقِلٌّ بِتَصْحِيحِهِ حِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلنَّظَرِ فِيهَا لَكِنَّهُ لَازِمٌ بِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ النَّقْلُ فِي الْآحَادِ (وَدَفَعَ إنْ أُرِيدَ نَفْيُ التَّالِي) وَهُوَ لُزُومُ الْبَحْثِ عَنْ الْعَلَاقَةِ (فِي غَيْرِ الْوَاضِعِ مَنَعْنَاهُ) أَيْ نَفْيَ التَّالِي (بَلْ يَكْفِيهِ) أَيْ غَيْرُ الْوَاضِعِ (نَقْلُهُ) الْآحَادَ (وَبَحْثُهُ) عَنْ الْعَلَاقَةِ (لِلْكَمَالِ) وَهُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْحِكْمَةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى تَرْكِ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ وَتَعَرُّفُ جِهَةِ حُسْنِهِ (أَوْ) أُرِيدَ نَفْيُ التَّالِي (فِيهِ) أَيْ فِي الْوَاضِعِ (مَنَعْنَا الْمُلَازَمَةَ) فَإِنَّ الْوَاضِعَ مُحْتَاجٌ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ الْمُسَوِّغَةِ لِلتَّجَوُّزِ عَنْهُ إلَيْهِ وَأَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَغَيْرَ النِّزَاعِ) لِأَنَّ النِّزَاعَ فِي غَيْرِ الْوَاضِعِ لَا فِي الْوَاضِعِ
(قَالُوا) أَيْ الشَّارِطُونَ لِلنَّقْلِ فِي الْآحَادِ: (لَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ) النَّقْلُ فِيهَا (جَازَ نَخْلَةٌ لِطَوِيلٍ غَيْرِ إنْسَانٍ) لِلْمُشَابِهَةِ فِي الطُّولِ كَمَا جَازَتْ لِلْإِنْسَانِ الطَّوِيلِ (وَشَبَكَةٌ لِلصَّيْدِ) لِلْمُجَاوَرَةِ بَيْنَهُمَا (وَابْنٌ لِأَبِيهِ) إطْلَاقًا لِلْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ (وَقَلْبُهُ) أَيْ أَبٌ لِابْنِهِ إطْلَاقًا لِلسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ (وَهَذَا) الدَّلِيلُ (لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي نَقْلِ الْآحَادِ (وَالْجَوَابُ وُجُوبُ تَقْدِيرِ الْمَانِعِ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا (لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَوَقَّفُونَ) عَنْ اسْتِعْمَالِ مَجَازَاتٍ لَمْ يُسْمَعْ أَعْيَانُهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مِنْ مَظَاهِرِ الْعَلَاقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ نَوْعًا وَتَخَلُّفُ الصِّحَّةِ عَنْ الْمُقْتَضَى فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِمَانِعٍ مَخْصُوصٍ بِهَا لَا يَقْدَحُ فِي الِاقْتِضَاءِ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَانِعِ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْمُقْتَضَى وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَتِمُّ مَقْصُودُنَا وَلَا يَلْزَمُنَا تَعْيِينُ الْمَانِعِ ثُمَّ الْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِعْمَالِهِ مَعَ الْعَلَاقَةِ حُكْمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute