الْبَصْرِيُّونَ: نَعَمْ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا ثُمَّ قَدْ عَرَفْت مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا ذَهَبَتْ مَذْهَبَهَا فِي طَلَحُونَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَمْعُ تَصْحِيحٍ بِخِلَافِ صَوَاحِبَ.
(وَالْوَجْهُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِتَسْمِيَةِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ مِنْ كُلِّ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ اسْتِدْلَالٌ بِإِجْمَاعِهِمْ) عَلَى ذَلِكَ فَتَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ (وَإِلَّا لَقَالُوا: جَمْعُ الْمُخْتَلِطِ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ (وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّغْلِيبِ فِي التَّسْمِيَةِ بَلْ) كَانَ (يَجِبُ) أَنْ يَقُولُوا: جَمْعُ الْمُخْتَلِطِ (دَفْعًا لِمُوهِمٍ فَحَيْثُ قَالُوهُ) أَيْ جَمْعَ الْمُذَكَّرِ (كَانَ) هَذَا الْجَمْعُ (ظَاهِرًا فِي الْخُصُوصِ) بِالذُّكُورِ (وَيُدْفَعُ) هَذَا بِأَنَّهُ (لَمَّا لَزِمَهُ) أَيْ لَفْظَ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ (الذُّكُورُ حَيْثُ كَانَ) جَمْعُ الذُّكُورِ (لِلْأَعَمِّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الذُّكُورِ (مُنْفَرِدِينَ أَوْ مُخْتَلِطِينَ كَانَ نِسْبَتُهُ) أَيْ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ (إلَيْهِمْ) أَيْ الذُّكُورِ (أَوْلَى مِنْ الْمُخْتَلِطِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الِاخْتِلَاطَ هَذَا الْجَمْعُ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا (تَرَجَّحَ الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ) أَيْضًا، وَفِي الْبَدِيعِ: وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَالْحَنَابِلَةُ يَدْخُلْنَ تَبَعًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَوْلِ بِتَنَاوُلِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ الْإِنَاثَ (فُرِّعَ أَمِّنُونِي عَلَى بَنِيَّ تَدْخُلُ بَنَاتُهُ) ثُمَّ كَرَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ الْحَنَابِلَةِ مُرَجِّحًا لِقَوْلِ الْأَكْثَرِ فَقَالَ (وَالْأَظْهَرُ خُصُوصُهُ) أَيْ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ بِالذُّكُورِ (لِتَبَادُرِ خُصُوصِهِمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، وَالتَّبَادُرُ عِنْدَهُ بِدُونِهَا مِنْ أَمَارَاتِ الْحَقِيقَةِ (وَدُخُولُ الْبَنَاتِ) فِي الْأَمَانِ عَلَى الْبَنِينَ (لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْأَمَانِ حَيْثُ كَانَ مِمَّا تَصِحُّ إرَادَتُهُ) أَيْ الْأَمَانِ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْأَمَانِ عَلَيْهِمْ تَبَعًا حَقْنًا لِلدَّمِ أَوْ بِعُمُومِ الْمَجَازِ فِي الْبَنِينَ بِالْأَوْلَادِ.
[مَسْأَلَةٌ هَلْ الْمُشْتَرَكُ عَامٌّ اسْتِغْرَاقِيٌّ فِي مَفَاهِيمِهِ]
(مَسْأَلَةٌ هَلْ الْمُشْتَرَكُ عَامٌّ اسْتِغْرَاقِيٌّ فِي مَفَاهِيمِهِ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ (يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْهَا) أَيْ مَفَاهِيمِهِ (لَا الْمَجْمُوعِ) مِنْهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ بِحَيْثُ لَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ مَعَانِيهِ مَنَاطُ الْحُكْمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّ الْإِفْرَادِيِّ وَالْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْإِفْرَادِيَّ جُزْءٌ مِنْ الْمَجْمُوعِيِّ، وَمِنْ ثَمَّةَ يَصِحُّ: كُلُّ وَاحِدٍ يُشْبِعُهُ رَغِيفٌ بِالْمَعْنَى الْإِفْرَادِيِّ دُونَ الْمَجْمُوعِيِّ، وَلَا يَصِحُّ: كُلُّ وَاحِدٍ يَحْمِلُ هَذَا الْحَجَرَ الْعَظِيمَ بِالْمَعْنَى الْإِفْرَادِيِّ دُونَ الْمَجْمُوعِيِّ فَإِنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي عَدَمِ جَوَازِهِ حَقِيقَةً وَلَا فِي جَوَازِهِ مَجَازًا إنْ وُجِدَتْ عَلَاقَةٌ مُصَحِّحَةٌ، وَلَا فِي صِحَّةِ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْ مَعَانِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ بِأَنْ يُطْلَقَ تَارَةً وَيُرَادَ مَعْنًى مِنْ مَعَانِيهِ وَيُطْلَقَ تَارَةً وَيُرَادَ مَعْنًى غَيْرُ ذَاكَ، وَلَا فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً وَلَا فِي صِحَّةِ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَحَدُ مَعَانِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَهُوَ مَا لَا يَتَجَاوَزُهَا، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فَقَالَ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ: حَقِيقَةٌ، وَقَالَ آخَرُونَ مَجَازٌ (فَعَنْ الشَّافِعِيِّ نَعَمْ) أَيْ يَجُوزُ حَقِيقَةً نَقَلَهُ أَمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ
(وَالْحَنَفِيَّةُ لَا) يَجُوزُ حَقِيقَةً (وَلَا مَجَازًا) وَوَافَقَهُمْ الْبَصْرِيَّانِ أَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو هَاشِمٍ وَغَيْرُهُمْ (فَقِيلَ) : عَدَمُ الْجَوَازِ (لُغَةً كَالْغَزَالِيِّ) وَأَبِي الْحُسَيْنِ وَفَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ لَا عَقْلًا (وَقِيلَ) : عَدَمُ الْجَوَازِ (عَقْلًا) وَهُوَ مُخْتَارُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ (الْآمِدِيُّ يَصِحُّ مَجَازًا) وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْإِسْنَوِيِّ وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ فَلَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا اهـ نَعَمْ ذَهَبَ إلَى هَذَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (وَقِيلَ) يَصِحُّ (فِي النَّفْيِ فَقَطْ حَقِيقَةً وَعَلَيْهِ) أَيْ هَذَا الْقَوْلِ (فَرَّعَ فِي وَصَايَا الْهِدَايَةِ) فَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ وَمَوَالٍ أَعْتَقُوهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَوْلَى النِّعْمَةِ وَالْآخَرَ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ فَصَارَ مُشْتَرَكًا فَلَا يَنْتَظِمُهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوَالِيَ فُلَانٍ حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ؛ لِأَنَّهُ مَقَامُ النَّفْيِ فَلَا تَنَافِيَ فِيهِ (وَفِي الْمَبْسُوطِ: حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ مَوْلَاك وَلَهُ أَعْلَوْنَ وَأَسْفَلُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute