كَوْنَ شُمُولِهَا لَهُنَّ بِخَارِجٍ؛ إذْ لَا مُعَيِّنَ لِذَلِكَ (فَإِنْ اُسْتُدِلَّ بِعَدَمِ دُخُولِهِنَّ فِي الْجِهَادِ وَالْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِمَا) كَحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: ٧٨] {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] (لِعَدَمِهِ) أَيْ دُخُولِهِنَّ فِي أَحْكَامٍ أُخَرَ حَتَّى إنَّهُ يَحْتَاجُ ثُبُوتُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهَا فِي حَقِّهِنَّ إلَى دَلِيلٍ غَيْرِ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ (فَقَدْ يُقَالُ بَلْ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ دُخُولِهِنَّ فِيمَا لَمْ يَدْخُلْنَ فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ (بِخَارِجٍ) عَنْهَا.
(وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ دُخُولِهِنَّ فِيمَا لَمْ يَدْخُلْنَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ بِخَارِجٍ (أَوْلَى مِنْ دُخُولِهِنَّ) فِيمَا دَخَلْنَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ (بِهِ) أَيْ بِخَارِجٍ (لِأَنَّهُ) أَيْ عَدَمَ دُخُولِهِنَّ الْمَذْكُورِ (أَقَلُّ) مِنْ دُخُولِهِنَّ الْمَذْكُورِ (وَإِسْنَادُ الْأَقَلِّ إلَى الْخَارِجِ أَوْلَى) مِنْ إسْنَادِ الْأَكْثَرِ إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ خِلَافِ الظَّاهِرِ (خُصُوصًا بَعْدَ تَرْجِيحِ الْمَعْنَوِيِّ) عَلَى اللَّفْظِيِّ وَالْمَجَازِ. ثُمَّ الْخَارِجُ الْمُخْرِجُ لَهُنَّ مِنْ الْجِهَادِ وَالْجُمُعَةِ وَحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ الْإِجْمَاعُ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً: مَمْلُوكٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ عَائِشَةَ اسْتَأْذَنْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجِهَادِ فَقَالَ جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ» وَمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ عَنْهَا «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (وَلَا حَاجَةَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِ جَمْعِ الْوَاحِدِ الْمَعْنَوِيَّ (إلَى الِاسْتِدْلَالِ) لِدُخُولِهِنَّ حَقِيقَةً (بِالْإِيصَاءِ لِنِسَاءٍ وَرِجَالٍ) بِشَيْءٍ (ثُمَّ قَوْلِهِ أَوْصَيْت لَهُمْ) بِكَذَا حَيْثُ يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي لَهُمْ ثُمَّ يُدْفَعُ بِأَنَّ تَقَدُّمَ الْجَمْعَيْنِ الْخَاصَّيْنِ قَرِينَةُ إرَادَةِ الْكُلِّ مَجَازًا كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَوِيِّ مَعَ أَنَّهُ أَقْوَى (وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ تَرَجَّحَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ (فَقَوْلُهَا) أَيْ أُمِّ سَلَمَةَ نَقْلًا عَنْهُنَّ بِنَاءً عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا مَعْنَاهُ (مَا نَرَى اللَّهَ ذَكَرَهُنَّ) فَإِنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِنَّ مَا ذَكَرَ إلَّا الرِّجَالَ (أَيْ) مَا ذَكَرَهُنَّ (بِاسْتِقْلَالٍ) وَقَوْلُهَا نَفْسِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا لَنَا لَا نُذْكَرُ أَيْ مُسْتَقِلَّاتٍ، وَقَوْلُ أُمِّ عُمَارَةَ وَمَا أَرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ أَيْ مُسْتَقِلَّاتٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَلَا يَخْفَى عَدَمُ تَحَقُّقِ الْخِلَافِ فِي نَحْوِ: زَيْدُونَ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً.
وَهَذَا مَا تَقَدَّمَ الْوَعْدُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (إلَّا بِفَرْضِ امْرَأَةٍ مُسَمَّاةٍ بِزَيْدٍ) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ بِالذُّكُورِ (وَأَمَّا أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ كَ: مُسْلِمُونَ فَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ) لِلْأَكْثَرِ (لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ الْمُذَكَّرِ وَالْجَمْعُ لِتَضْعِيفِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُسْلِمٌ) وَمُسْلِمٌ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ (وَلَهُمْ) أَيْ الْحَنَابِلَةِ (دَفْعُهُ) أَيْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ (بِأَنَّ الْجَمْعَ لِلتَّضْعِيفِ) لِلْوَاحِدِ (لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي كَوْنِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ الْمُضَعَّفِ (الْوَاحِدَ الْمُذَكَّرَ لَيْسَ غَيْرُ) أَوْ وَالْمُؤَنَّثَ أَيْضًا (وَتَسْمِيَتُهُ) أَيْ هَذَا الْجَمْعِ (بِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ اصْطِلَاحٌ) لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لَا لِلْعَرَبِ فَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ.
(فَإِنْ قِيلَ) : لَوْ كَانَ مُسْلِمُونَ جَمْعًا لِمُسْلِمَةٍ أَيْضًا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِ الْوَاحِدُ فَلَمْ يَكُنْ جَمْعَ تَصْحِيحٍ ثُمَّ يُقَالُ اسْتِبْعَادًا (فَأَيْنَ تَذْهَبُ التَّاءُ فِي مُسْلِمَةٍ الَّتِي هِيَ مِنْ آحَادِهِ قِيلَ مَذْهَبُهَا فِي صَوَاحِبَ أَوْ طَلَحُونَ عَلَى رَأْيِ أَئِمَّةِ الْكُوفَةِ) وَابْنِ كَيْسَانَ إلَّا أَنَّهُ فَتَحَ اللَّامَ فِي طَلَحُونَ قِيَاسًا عَلَى أَرَضُونَ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ، وَقَالُوا: إنَّمَا يُجْمَعُ عَلَى طَلْحَاتٍ كَمَا هُوَ الْمَسْمُوعُ وَالْحَرْفُ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْمُغَايِرَةِ لِمَا فِي عِدَةٍ وَثُبَةٍ عَلَمَيْنِ شَرْطٌ لِهَذَا الْجَمْعِ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute