للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ مُهْدٍ أَوْ مُرْسِلٍ بِخَبَرِ وَكَالَةٍ وَنَحْوِهَا كُلَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ عَدْلٌ يَقُومُ بِهِ وَقَدْ جَرَتْ السُّنَّةُ وَالتَّوَارُثُ بِإِرْسَالِ الْهَدِيَّةِ عَلَى يَدِ الْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ لَا وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ أَصْلًا إلَى حَالِ الْوَاصِلِ بِهَا فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا عَلَى الْقَبُولِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَاجَةِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الْفَاسِقِ (الْمَسْتُورُ) وَهُوَ مَنْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ (فِي الصَّحِيحِ) فَلَا يَكُونُ خَبَرُهُ حُجَّةً حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَتُهُ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَالْعَدْلِ فِي الْإِخْبَارِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِي هَذَا الْفَصْلَ (وَأَمَّا) (الْمَعْتُوهُ وَالصَّبِيُّ فِي نَحْوِ النَّجَاسَةِ) أَيْ الْإِخْبَارِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَبِطَهَارَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا مِنْ الدِّيَانَاتِ (كَالْكَافِرِ) فِي عَدَمِ قَبُولِ أَخْبَارِهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَى نَفْسِهِمَا فَعَلَى غَيْرِهِمَا أَوْلَى عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ مَرْفُوعُ الْقَلَمِ فَلَا يُحْتَرَزُ عَنْ الْكَذِبِ لِعَدَمِ الْوَازِعِ وَالرَّادِعِ لَهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُونَ الْعِقَابِ فَلَا يُؤْتَمَنُ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِثْلُهُ الْمَعْتُوهُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمَا احْتِيَاطًا (وَكَذَا) (الْمُغَفَّلُ) أَيْ الشَّدِيدُ الْغَفْلَةِ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ عَلَى طَبْعِهِ الْغَفْلَةُ وَالنِّسْيَانُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ (وَالْمُجَازِفُ) الَّذِي يَتَكَلَّمُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاطٍ غَيْرِ مُبَالٍ بِالسَّهْوِ وَالْغَلَطِ وَلَا مُشْتَغِلٍ بِالتَّدَارُكِ بَعْدَ الْعِلْمِ كَالْكَافِرِ فِي عَدَمِ قَبُولِ أَخْبَارِهِ لِأَنَّ مَعْنَى السَّهْوِ وَالْغَلَطِ فِي رِوَايَتِهِمَا يَتَرَجَّحُ بِاعْتِبَارِ الْغَفْلَةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ كَمَا يَتَرَجَّحُ الْكَذِبُ بِاعْتِبَارِ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ

[مَسْأَلَةٌ مَجْهُولُ الْحَالِ هَلْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ]

(مَسْأَلَةٌ مَجْهُولُ الْحَالِ وَهُوَ الْمَسْتُورُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ) مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ (قَبُولُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ السَّلَفُ وَجْهُهَا) أَيْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ (ظُهُورُ الْعَدَالَةِ بِالْتِزَامِهِ الْإِسْلَامَ «وَلَأُمِرْت أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ» ) وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا (وَدُفِعَ) وَجْهُهَا (بِأَنَّ الْغَالِبَ أَظْهَرُ وَهُوَ) أَيْ الْغَالِبُ (الْفِسْقُ) فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ (فَيُرَدُّ) خَبَرُهُ (بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْغَالِبِ (مَا لَمْ تَثْبُتْ الْعَدَالَةُ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْتِزَامِهِ الْإِسْلَامَ (وَقَدْ يَنْفَصِلُ) الْقَائِلُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ (بِأَنَّ الْغَلَبَةَ) لِلْفِسْقِ (فِي غَيْرِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ) لَا فِي الرُّوَاةِ الْمَاضِينَ لَهُ (وَيَدْفَعُ) هَذَا (بِأَنَّهُ) أَيْ كَوْنُ الْغَلَبَةِ فِي غَيْرِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ (فِي الْمَعْرُوفِينَ) مِنْهُمْ (لَا فِي الْمَجْهُولِينَ مِنْهُمْ) وَكَلَامُنَا فِي الْمَجْهُولِينَ مِنْهُمْ (وَالِاسْتِدْلَالُ) لِلرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ (بِأَنَّ الْفِسْقَ سَبَبُ التَّثَبُّتِ فَإِذَا انْتَفَى) الْفِسْقُ (انْتَفَى) وُجُوبُ التَّثَبُّتِ (وَانْتِفَاؤُهُ) أَيْ الْفِسْقِ (بِالتَّزْكِيَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى) صِحَّةِ (هَذَا الدَّافِعِ إذْ يُورَدُ عَلَيْهِ) أَيْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ (مَنْعُ الْحَصْرِ) فِي التَّزْكِيَةِ (بِالْإِسْلَامِ) أَيْ بِالْتِزَامِهِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْكَفَّ عَنْ مَحْظُورَاتِ دِينِهِ كَالتَّزْكِيَةِ (وَيُدْفَعُ) بِأَنَّ الظَّاهِرَ بِالْكَثْرَةِ أَظْهَرُ مِنْهُ وَالْمَجْهُولُونَ مِنْ النَّقَلَةِ لَمْ تَثْبُتْ فِيهِمْ غَلَبَةُ الْعَدَالَةِ فَكَانُوا كَغَيْرِهِمْ (وَأَمَّا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ فَعَدْلٌ وَاجِبُ الْقَبُولِ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مَسْتُورًا بَعْضٌ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ كَالْبَغَوِيِّ ثُمَّ قَوْلُ الْبَيْهَقِيّ الشَّافِعِيُّ لَا يَحْتَجُّ بِأَحَادِيثِ الْمَجْهُولِينَ قَالَ شَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ عَدَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ بِالْتِزَامِهِ أَوَامِرَ اللَّهِ وَنَوَاهِيَهُ وَكَوْنِ بَاطِنِ أَمْرِهِ غَيْرِ مَعْلُومٍ لَا يُصَيِّرُهُ مَرْدُودًا مَجْهُولًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَوْرَدَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِمَا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ فِي الظَّاهِرِ صَرِيحٌ فِي قَبُولِ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْمَجْهُولِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ لِمَنْ هُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مَسْتُورٌ وَهَذَا هُوَ الْمُسْتَقِرُّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَلِذَا أَعْطَى حُكْمَ مَجْهُولِ الْحَالِ عَدَمَ الْقَبُولِ وَسَمَّاهُ مَسْتُورًا وَجَعَلَ مَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ مُقَابِلًا لَهُ فَهُوَ عَدْلٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ وَاجِبُ الْقَبُولِ

[مَسْأَلَةٌ الشُّهْرَةَ لِلرَّاوِي بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ]

(مَسْأَلَةٌ عُرِفَ أَنَّ الشُّهْرَةَ) لِلرَّاوِي بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ وَغَيْرِهِمْ (مُعَرَّفُ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ كَمَالِكٍ وَالسُّفْيَانَيْنِ) الثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ (وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِمْ) كَوَكِيعٍ وَأَحْمَدَ وَابْنِ مَعِينٍ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ (لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهَا) أَيْ بِالشُّهْرَةِ بِهِمَا (مِنْ الظَّنِّ) بِهِمَا فِي الْمَشْهُورِ بِهِمَا (فَوْقَ التَّزْكِيَةِ وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ عَنْ إِسْحَاقَ) بْنِ رَاهْوَيْهِ فَقَالَ مِثْلُ إِسْحَاقَ يُسْأَلُ عَنْهُ (وَابْنُ مَعِينٍ) عَلَى مَنْ سَأَلَهُ (عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يُسْأَلُ عَنْ النَّاسِ، وَ) تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ أَيْضًا (بِالتَّزْكِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>