للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقَوْلِ الْمُعَمِّمِينَ بِالصِّيغَةِ (فَانْفَرَدَ التَّعْمِيمُ بِالْعِلَّةِ قَالُوا) أَيْ الْمُعَمِّمُونَ بِالصِّيغَةِ (حُرِّمَتْ الْخَمْرُ؛ لِأَنَّهَا مُسْكِرَةٌ كَحَرَّمْت الْمُسْكِرَ) فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَالثَّانِي يَعُمُّ كُلَّ مُسْكِرٍ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَكَذَا الْأَوَّلُ. (قُلْنَا) إنَّمَا الْأَوَّلُ مِثْلُ الثَّانِي (فِي عُمُومِ الْحُكْمِ) وَلَا يَسْتَلْزِمُ عُمُومٌ عُمُومَ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلِ (كَوْنُهُ بِالصِّيغَةِ) كَمَا فِي الثَّانِي (لِانْتِفَائِهَا) أَيْ الصِّيغَةِ فِي الْأَوَّلِ وَوُجُودِهَا فِي الثَّانِي

[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى عُمُومِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ]

(مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى عُمُومِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ دَلَالَةُ النَّصِّ وَكَذَا إشَارَةُ النَّصِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا دَلَالَةُ اللَّفْظِ، وَاخْتُلِفَ فِي عُمُومِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ عِنْدَ قَائِلِيهِ نَفَاهُ الْغَزَالِيُّ خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ فَقِيلَ) الْخِلَافُ (لَفْظِيٌّ) ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ (لِثُبُوتِ نَقِيضِ الْحُكْمِ) لِلْمَنْطُوقِ (فِي كُلِّ مَا سِوَى مَحَلِّ النُّطْقِ اتِّفَاقًا وَمُرَادُ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ) أَيْ الْعُمُومَ (لَمْ يَثْبُتْ) فِي الْأَفْرَادِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْمَفْهُومُ (بِالْمَنْطُوقِ) بَلْ الْمَفْهُومُ بِوَاسِطَةِ الْمَنْطُوقِ (وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّ ثُبُوتَ نَقِيضِ الْحُكْمِ فِي الْأَفْرَادِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْمَفْهُومُ لَيْسَ بِالْمَنْطُوقِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ يَرْجِعُ إلَى تَفْسِيرِ الْعَامِّ فَمَنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَسْتَغْرِقُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَفْهُومِ عُمُومٌ، وَمَنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَسْتَغْرِقُ فِي الْجُمْلَةِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ أَوْ لَا كَانَ لَهُ عُمُومٌ (لَكِنْ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ) فِي الْمُسْتَصْفَى (مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ قَدْ يَظُنُّ لِلْمَفْهُومِ عُمُومًا وَيَتَمَسَّكُ بِهِ) أَيْ بِعُمُومِهِ (وَفِيهِ) أَيْ وَفِي أَنَّ لَهُ عُمُومًا (نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ لَفْظٌ) تَتَشَابَهُ دَلَالَتُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ، وَالنَّحْوِيُّ لَيْسَ يَتَمَسَّكُ بِلَفْظٍ بَلْ بِسُكُوتٍ وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا مُخْتَصَرًا بِقَوْلِهِ: (وَالتَّمَسُّكُ بِالْمَفْهُومِ تَمَسُّكٌ بِسُكُوتٍ) فَإِذَا قَالَ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ فَنَفْيُ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ لَيْسَ بِلَفْظٍ حَتَّى يَعُمَّ اللَّفْظُ أَوْ يَخُصَّ وَقَوْلُهُ: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] دَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ لَا بِلَفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ حَتَّى يُتَمَسَّكَ بِعُمُومِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُمُومَ لِلْأَلْفَاظِ لَا لِلْمَعَانِي. اهـ (ظَاهِرٌ فِي تَحَقُّقِهِ) أَيْ الْخِلَافِ (وَبِنَائِهِ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْعُمُومَ (مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ خَاصَّةً) فَلَا تَعُمُّ، وَهُوَ قَوْلُهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ (أَوَّلًا) مِنْ عَوَارِضِهَا خَاصَّةً فَتَعُمُّ خَاصَّةً كَمَا قَالَ غَيْرُهُ (وَحُقِّقَ تَحَقُّق الْعُمُومِ) فِي الْمَفْهُومِ.

(وَإِنَّ النِّزَاعَ فِي أَنَّهُ) أَيْ الْعُمُومَ (مَلْحُوظٌ لِلْمُتَكَلِّمِ) بِمَنْزِلَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ (فَيُقْبَلُ حُكْمُهُ) أَيْ الْعُمُومِ (مِنْ التَّخْصِيصِ) وَتُجْزِئُ الْإِرَادَةُ (أَوَّلًا) أَيْ أَوْ غَيْرُ مَلْحُوظٍ لَهُ (بَلْ هُوَ لَازِمٌ عَقْلِيٌّ ثَبَتَ تَبَعًا لِمَلْزُومِهِ) ، وَهُوَ الْمَنْطُوقُ (فَلَا يَقْبَلُهُ) أَيْ التَّخْصِيصُ وَالتَّجْزِئَةُ فِي الْإِرَادَةِ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ عَقْلًا لَا مَدْخَلَ لِلْإِرَادَةِ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ لَازِمًا عَقْلِيًّا (مُرَادُ الْغَزَالِيِّ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَيُتَمَسَّكُ بِهِ إلَخْ أَيْ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهِ ذَلِكَ) فَيَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي بِهِ عَائِدًا عَلَى نَفْسِ الْمَفْهُومِ لَا عَلَى عُمُومِهِ، وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ هَذَا مُسْتَغْنٍ عَنْ قَوْلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَإِنَّمَا حُقِّقَ هَذَا وَالْمُحَقِّقُ لَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (لِاسْتِبْعَادِ أَنْ لَا يَثْبُتَ نَقِيضُ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ لِكُلِّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَعَلِمَتْ أَنَّ لَفْظَ الْغَزَالِيِّ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ) أَيْ هَذَا الْمُحَقِّقِ (وَجَازَ أَنْ يَقُولَ) الْغَزَالِيُّ (بِثُبُوتِ النَّقِيضِ) أَيْ نَقِيضِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ (عَلَى الْعُمُومِ وَيَنْسُبُهُ إلَى الْأَصْلِ لَا لِلْمَفْهُومِ كَطَرِيقِ الْحَنَفِيَّةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَفْهُومِ (عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فِي بَحْثِ الْمَفْهُومِ فَلَمْ يُوجِبْ الْإِثْبَاتَ لِكُلِّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ تَأْوِيلُ لَفْظِهِ بِمَا ذُكِرَ فَيَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ قُلْتُ عَلَى أَنَّ حَمْلَ قَوْلِهِ وَيُتَمَسَّكُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ يَنْبُو عَنْهُ كُلَّ النُّبُوِّ قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ فَلْيُنْظَرْ.

(مَسْأَلَةٌ: قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ فَرْعًا فِقْهِيًّا مَعَ) عِلْمِهِمْ بِالْحَدِيثِ الْحَسَنِ الَّذِي فِي التَّارِيخِ الْأَوْسَطِ لِلْبُخَارِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد رِوَايَةُ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ (قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>