للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَكُونَ ثِقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْبَلُهُ مَنْ يَرُدُّ الْمُرْسَلَ (كَمَالِكٍ) أَيْ كَقَوْلِهِ حَدَّثَنِي (الثِّقَةُ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ) بِالثِّقَةِ (مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْر وَالثِّقَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قِيلَ) الثِّقَةُ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَقِيلَ الزُّهْرِيُّ) ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (وَاسْتُقْرِئَ مِثْلُهُ) أَيْ إطْلَاقِ الثِّقَةِ عَلَى مَنْ يَكُونُ ثِقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (لِلشَّافِعِيِّ) فَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْآبُرِيُّ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الشَّافِعِيِّ سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُ إذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَعَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَيَحْيَى بْنُ حَسَّانَ وَعَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ فَأَبُو أُسَامَةَ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فَعَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ فَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَعَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ فَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ رَدَّهُ) أَيْ مَا يَقُولُ الْقَائِلُ فِيهِ عَنْ الثِّقَةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ عَادَتَهُ فِيهِ الثِّقَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (يَلِيقُ بِشَارِطِ الْبَيَانِ فِي التَّعْدِيلِ لَا الْجُمْهُورِ) الْقَائِلِينَ بِأَنَّ بَيَانَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي حَقِّ الْعَالِمِ بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِنَّهُ تَعْدِيلٌ عَارٍ عَنْ بَيَانِ السَّبَبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةٌ أَكْذَبَ الْأَصْلَ أَيْ الشَّيْخُ الْفَرْعُ أَيْ الرَّاوِي عَنْهُ]

(مَسْأَلَةٌ إذَا أَكْذَبَ الْأَصْلَ) أَيْ الشَّيْخُ (الْفَرْعُ) أَيْ الرَّاوِي عَنْهُ (بِأَنْ حَكَمَ بِالنَّفْيِ) فَقَالَ مَا رَوَيْت هَذَا الْحَدِيثَ لَك أَوْ كَذَبْت عَلَيَّ (سَقَطَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ) أَيْ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ (لِلْعِلْمِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا وَلَا مُعَيِّنَ) لَهُ وَهُوَ قَادِحٌ فِي قَبُولِ الْحَدِيثِ (وَبِهَذَا) التَّعْلِيلِ (سَقَطَ اخْتِيَارُ السَّمْعَانِيِّ) ثُمَّ السُّبْكِيّ عَدَمَ سُقُوطِهِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الْأَصْلِ لَهُ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِلْفَرْعِ (وَقَدْ نُقِلَ الْإِجْمَاعُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ وَالشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْكَاكِيُّ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السَّرَخْسِيَّ وَفَخْرَ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبَ التَّقْوِيمِ حَكَوْا فِي إنْكَارِ الرَّاوِي رِوَايَتَهُ مُطْلَقًا اخْتِلَافَ السَّلَفِ (وَهُمَا) أَيْ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ (عَلَى عَدَالَتِهِمَا إذْ لَا يَبْطُلُ الثَّابِتُ) أَيْ الْمُتَيَقَّنُ مِنْ عَدَالَتِهِمَا الْمَفْرُوضَةِ (بِالشَّكِّ) فِي زَوَالِهَا (وَإِنْ شُكَّ فَلَمْ يُحْكَمْ بِالنَّفْيِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ أَنِّي رَوَيْت هَذَا الْحَدِيثَ لَك أَوْ لَا أَذْكُرُهُ (فَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْحَدِيثَ (حُجَّةٌ) أَيْ يُعْمَلُ بِهِ

(وَنَسَبَ لِمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ تَخْرِيجًا مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَاضٍ تَقُومُ الْبَيِّنَةُ بِحُكْمِهِ وَلَا يَذْكُرُ رَدَّهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (أَبُو يُوسُفَ) فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (وَقَبِلَهَا مُحَمَّدٌ) فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ (وَنِسْبَةُ بَعْضِهِمْ الْقَبُولَ لِأَبِي يُوسُفَ غَلَطٌ) فَإِنَّ الْمَسْطُورَ فِي الْكُتُبِ الْمَذْهَبِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ هُوَ الْأَوَّلُ (وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا) أَيْ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي الْمُنْكِرِ لِحُكْمِهِ (قَوْلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَضَمُّهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ يَحْتَاجُ إلَى ثَبْتٍ وَعَلَى الْمَنْعِ الْكَرْخِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْقَابِلِ) لِلرِّوَايَةِ مَعَ إنْكَارِ الْأَصْلِ قَالَ (الْفَرْعُ عَدْلٌ جَازِمٌ) بِالرِّوَايَةِ عَنْ الْأَصْلِ (غَيْرُ مُكَذَّبٍ) لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْأَصْلَ غَيْرُ مُكَذِّبِهِ (فَيُقْبَلُ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْمَانِعِ (كَمَوْتِ الْأَصْلِ وَجُنُونِهِ) إذْ نِسْيَانُهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا بَلْ دُونَهُمَا قَطْعًا وَفِيهِمَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا فِيهِ (وَيُفَرَّقُ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ (بِأَنَّ حُجِّيَّتَهُ) أَيْ الْحَدِيثِ (بِالِاتِّصَالِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِنَفْيِ مَعْرِفَةِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ لَهُ) أَيْ لِلْمَرْوِيِّ (يَنْتَفِي) الِاتِّصَالُ (وَهُوَ) أَيْ انْتِفَاءُ الِاتِّصَالِ (مُنْتَفٍ فِي الْمَوْتِ) وَالْجُنُونِ (وَالِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ سُهَيْلًا بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَهُ حَدَّثَ عَنْك رَبِيعَةُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ» فَلَمْ يَعْرِفْهُ) إذْ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد قَالَ سُلَيْمَانُ فَلَقِيت سُهَيْلًا فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَا أَعْرِفُهُ (صَارَ يَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي) كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ وَفِي السُّنَنِ فَقُلْت إنَّ رَبِيعَةَ أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْك قَالَ فَإِنْ كَانَ رَبِيعَةُ أَخْبَرَك عَنِّي فَحَدِّثْ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِّي

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ فَقَالَ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ أَنِّي حَدَّثْته إيَّاهُ وَلَا أَحْفَظُهُ (دُفِعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لِلْمَطْلُوبِ وَهُوَ وُجُوبُ الْعَمَلِ) بِهِ فَإِنَّ رَبِيعَةَ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ إسْنَادِ الْحَدِيثِ وَتَصْحِيحِ رِوَايَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُهُ عَلَى طَرِيقِ حِكَايَةِ الْوَاقِعَةِ بِزَعْمِهِ وَلَا دَلَالَةَ لِهَذَا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ (وَلَوْ سُلِّمَ) اسْتِلْزَامُهُ لَهُ (فَرَأْيُ سُهَيْلٍ كَرَأْيِ غَيْرِهِ) فَلَا يَكُونُ رَأْيُهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ (وَلَوْ سُلِّمَ) كَوْنُ رَأْيِهِ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ (فَعَلَى الْجَازِمِ فَقَطْ) لَا عُمُومِ النَّاسِ (قَالُوا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>