للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَّا يَبْدَءُونَ بِالطَّوَافِ مِنْهُ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (بِالْقَلْبِ) وَهُوَ (لَوْ) كَانَتْ الْوَاوُ (لِلتَّرْتِيبِ لَمَا سَأَلُوا) ذَلِكَ لِفَهْمِهِمْ إيَّاهُ مِنْهَا فَسُؤَالُهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوهُ مِنْهَا (فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلْجَمْعِ وَالسُّؤَالُ لِتَجْوِيزِ إرَادَةِ الْبُدَاءَةِ بِمُعَيَّنٍ) مِنْهُمَا

(وَالتَّحْقِيقُ سُقُوطُهُ) أَيْ الِاسْتِدْلَالِ (لِأَنَّ الْعَطْفَ فِيهَا) أَيْ فِي الْآيَةِ (إنَّمَا يُضَمُّ) الْمَعْطُوفُ إلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (فِي الشَّعَائِرِ وَلَا تَرْتِيبَ فِيهَا) أَيْ الشَّعَائِرِ (فَسُؤَالُهُمْ) إنَّمَا هُوَ (عَمَّا لَمْ يُفِدْ بِلَفْظِهِ) أَيْ الْوَاوِ (بَلْ) عَمَّا أُفِيدَ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الْوَاوِ وَهُوَ التَّطَوُّفُ بَيْنَهُمَا (وَأَجَابَ هُوَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ وَعَنْ الثَّالِثِ) أَيْ إنْكَارُهُمْ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ تَقْدِيمَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْكَلَامَ (لِتَعْيِينِهِ) تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ (وَالْوَاوُ لِلْأَعَمِّ مِنْهُ) أَيْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْجَمْعِ الْمُفِيدِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْعُهْدَةِ بِكُلٍّ مِنْ تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَعَنْ الرَّابِعِ) أَيْ إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَائِلِ وَمِنْ يَعْصِهِمَا (بِأَنَّهُ تَرَكَ الْأَدَبَ لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ فِي الْإِفْرَادِ بِالذَّكَرِ تَعْظِيمًا لَيْسَ فِي الْقِرَانِ مِثْلُهُ مِنْ مِثْلِ الْقَائِلِ (بِخِلَافِ مِثْلِهِ) أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُمَا بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى (مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَمَا فِي الصَّحِيحِ «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» فَإِنَّهُ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاَللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ مِنْهُ إخْلَالٌ بِالتَّعْظِيمِ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْمَعْصِيَتَيْنِ لِأَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ مَعْصِيَةٌ لِرَسُولِهِ وَبِالْعَكْسِ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْنَا (وَعَنْ الْخَامِسِ) أَيْ التَّرْتِيبِ اللَّفْظِيِّ لِلتَّرْتِيبِ الْوُجُودِيِّ (بِالْمَنْعِ وَالنَّقْضِ بِرَأَيْتُ زَيْدًا رَأَيْت عَمْرًا) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ مَعَ تَقَدُّمِ رُؤْيَةِ عَمْرٍو عَلَى رُؤْيَةِ زَيْدٍ فِي الْوَاقِعِ وَكَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} [الشورى: ٣] (وَلَوْ سُلِّمَ) أَنَّ التَّرْتِيبَ اللَّفْظِيَّ لِلتَّرَتُّبِ الْوُجُودِيِّ (فَغَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ) لِأَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْوَاوِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا قَبْلَهَا لَا فِي مُطْلَقِ التَّرْتِيبِ اللَّفْظِيِّ.

[مَسْأَلَة الْوَاوُ إذَا عَطَفْتَ جُمْلَةً تَامَّةً]

(مَسْأَلَةٌ) الْوَاوُ (إذَا عَطَفْتَ جُمْلَةً تَامَّةً) أَيْ غَيْرَ مُفْتَقِرَةٍ إلَى مَا تَتِمُّ بِهِ (عَلَى أُخْرَى لَا مَحَلَّ لَهَا شَرَّكْت) بَيْنَهُمَا (فِي مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ) لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْحُكْمِ وَمِنْ ثَمَّةَ سَمَّاهَا بَعْضُهُمْ وَاوَ الِاسْتِئْنَافِ وَالِابْتِدَاءِ نَحْوَ {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢] (وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ) أَيْ الثُّبُوتِ (مِنْ جَوْهَرِهِمَا يُبْطِلُهُ ظُهُورُ احْتِمَالِ الْإِضْرَابِ مَعَ عَدَمِهَا) أَيْ الْوَاوِ (وَانْتِفَاؤُهُ) أَيْ احْتِمَالِ الْإِضْرَابِ (مَعَهَا) أَيْ الْوَاوِ فَإِنْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو يَحْتَمِلُ قَصْدَ الْإِضْرَابِ عَنْ الْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ إلَى الْإِخْبَارِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَسَّطَتْ الْوَاوُ (فَلِذَا) أَيْ فَلِكَوْنِ عَطْفِ التَّامَّةِ عَلَى أُخْرَى لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ تُشَرَّكُ فِي مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ (وَقَعَتْ وَاحِدَةً فِي هَذِهِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهَذِهِ طَالِقٌ) عَلَى الْمُشَارِ إلَيْهَا ثَانِيًا لِأَنَّ الثَّانِيَةَ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ (وَمَا لَهَا) أَيْ وَإِذَا عُطِفَتْ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ عَلَى جُمْلَةٍ لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ (شُرِّكَتْ الْمَعْطُوفَةُ فِي مَوْقِعِهَا إنْ خَبَرًا) عَنْ الْمُبْتَدَأِ (أَوْ جَزَاءً) لِلشَّرْطِ (فَخَبَرٌ وَجَزَاءٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ جُمْلَةَ الْجَزَاءِ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَحَلٌّ وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْفَاءِ وَإِذَا جَوَابًا لِشَرْطٍ جَازِمٍ (وَكَذَا مَا) أَيْ الْجُمْلَةُ الَّتِي (لَهَا مَوْقِعٌ) مِنْ الْإِعْرَابِ (مِنْ غَيْرِ) الْجُمْلَةِ (الِابْتِدَائِيَّةِ مِمَّا) أَيْ مِنْ الْجُمَلِ الَّتِي (لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ) مِنْ الْإِعْرَابِ إذَا عُطِفَتْ عَلَيْهَا أُخْرَى شُرِّكَتْ الْمَعْطُوفَةُ فِي مَوْقِعِهَا إنْ خَبَرًا فَخَبَرٌ وَإِنْ جَزَاءً فَجَزَاءٌ هَذَا مَا يُعْطِيهِ السِّيَاقُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي الِاحْتِيَاجُ إلَى هَذَا لِانْدِرَاجِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مِنْ الْمُلْحَقَاتِ (كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ فَيَتَعَلَّقُ) عَبْدِي حُرٌّ بِدُخُولِ الدَّارِ لِكَوْنِهِ مَعْطُوفًا عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ جَزَاءً لِإِنْ دَخَلْت (إلَّا بِصَارِفِ) عَنْ تَعَلُّقِهِ بِهِ نَحْوُ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَضَرَّتُك طَالِقٌ) فَإِنَّ إظْهَارَ خَبَرِهَا صَارِفٌ عَنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ إذْ لَوْ أُرِيدَ عَطْفُهَا عَلَى الْجَزَاءِ اقْتَصَرَ عَلَى مُبْتَدَئِهَا وَإِذْ صُرِفَتْ عَنْ عَطْفِهَا عَلَى الْجَزَاءِ

(فَعَلَى الشَّرْطِيَّةِ) أَيْ فَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ بِرُمَّتِهَا (فَيَتَنَجَّزُ) طَلَاقُهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ (وَمِنْهُ) أَيْ وَمِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الصَّارِفِ عَنْ تَعَلُّقِهَا بِمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] بَعْدَ وَلَا تَقْبَلُوا بِنَاءً عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ عَدَمِ عَطْفِ الْإِخْبَارِ عَلَى الْإِنْشَاءِ) فَإِنَّهُ لَازِمٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَطْفِ عَلَى وَلَا تَقْبَلُوا أَوْ فَاجْلِدُوا (وَمُفَارِقَةُ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ جُمْلَةِ فَاجْلِدُوا وَجُمْلَةِ لَا تَقْبَلُوا لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ (بِعَدَمِ مُخَاطَبَةِ الْأَئِمَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>