للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهِمْ فِي الصَّحَابِيِّ الْمَجْهُولِ الْعَيْنِ وَالْحَالِ إنْ قَبِلَ السَّلَفُ حَدِيثَهُ أَوْ سَكَتُوا أَوْ اخْتَلَفُوا عَمِلَ بِالْحَدِيثِ فَعُلِمَ مِنْ الْقَبُولِ مَعَ الِاخْتِلَافِ الْعَمَلُ بِهِ فِي تَرْكِ الْأَكْثَرِ لِتَحَقُّقِ الِاخْتِلَافِ خُصُوصًا مَعَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَشُهْرَةِ رَاوِيه ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَتَرْكُ الصَّحَابَةِ الِاحْتِجَاجَ بِهِ) أَيْ بِالْحَدِيثِ (عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ مُخْتَلَفٌ فِي رَدِّهِ) أَيْ الْحَدِيثِ (وَهُوَ) أَيْ رَدُّهُ بِتَرْكِهِمْ الِاحْتِجَاجَ بِهِ عِنْدَ احْتِيَاجِهِمْ إلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ هُوَ (الْوَجْهُ إذَا كَانَ) الْحَدِيثُ (ظَاهِرًا فِيهِمْ وَأَمَّا عَمَلُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ رَاوِي الْحَدِيثِ (مِنْ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ) أَيْ الْمَرْوِيِّ (فَالْحَنَفِيَّةُ إنْ كَانَ) الْحَدِيثُ (مِنْ جِنْسِ مَا يَحْتَمِلُ الْخَفَاءَ عَلَى التَّارِكِ) لِلْعَمَلِ بِهِ (كَحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ) الْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ الْوَاسِطِيِّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «بَيْنَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ إذْ أَقْبَلَ أَعْمَى يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَوَقَعَ فِي زُبْيَةٍ فَاسْتَضْحَكَ الْقَوْمَ فَقَهْقَهُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَهْقَهَ فَلْيُعِدْ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» . (عَنْ أَبِي مُوسَى) الْأَشْعَرِيِّ (تَرْكُهُ) أَيْ الْعَمَلِ بِهِ (لَا يَضُرُّهُ) أَيْ الْحَدِيثَ (إذْ لَا يَسْتَلْزِمُ) تَرْكُهُ قَدْحًا فِي الْحَدِيثِ (مِثْلُ تَرْكِ الرَّاوِي) الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ الْمُفَسَّرَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لَهُ لِجَوَازِ عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي وُقُوعِ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ وُقُوعَهَا فِي الصَّلَاةِ (مِنْ الْحَوَادِثِ النَّادِرَةِ فَجَازَ خَفَاؤُهُ) أَيْ الْحَدِيثِ (عَنْهُ) أَيْ أَبِي مُوسَى قُلْت لَكِنْ فِي تَمْثِيلِهِمْ بِهَذَا نَظَرٌ فَفِي الْأَسْرَارِ قَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رِوَايَةُ هَذَا الْحَدِيثِ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا عَنْ أَبِي مُوسَى وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا

فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ (عَلَى أَنَّهُ مَنَعَ صِحَّتَهُ) أَيْ تَرَكَهُ (عَنْهُ) أَيْ أَبِي مُوسَى (بَلْ) رَوَى (نَقِيضَهُ) أَيْ نَقِيضِ تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِهِ عَنْهُ (أَوْ لَا) يَكُونُ الْحَدِيثُ (مِنْهُ) أَيْ جِنْسِ مَا يَحْتَمِلُ الْخَفَاءَ (كَالتَّغْرِيبِ) الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ إخْرَاجُ الْحَاكِمِ لِلْمُحْصَنِ الْحُرِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَمَا فَوْقَهَا وَأَوَّلُ مُدَّتِهِ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ (تَرَكَهُ عُمَرُ بَعْدَ لَحَاقِ مَنْ غَرَّبَهُ مُرْتَدًّا) فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ غَرَّبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَبِيعَةَ بْنَ أُمِّيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فِي الشَّرَابِ إلَى خَيْبَرَ فَلَحِقَ بِهِرَقْل فَتَنَصَّرَ فَقَالَ عُمَرُ لَا أُغَرِّبُ بَعْدَهُ مُسْلِمًا

(فَيَقْدَحُ) تَرْكُ عَمَلِ غَيْرِ الرَّاوِي لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيهِ (لِاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ حِينَئِذٍ (ذَلِكَ) أَيْ الْقَدْحَ فِيهِ (أَوْ أَنَّهُ) أَيْ التَّغْرِيبَ (كَانَ زِيَادَةَ تَعْزِيرِ سِيَاسَةٍ) شَرْعِيَّةٍ إيحَاشًا لِلزَّانِي وَزِيَادَةً فِي تَنْكِيلِهِ (إذْ لَا يَخْفَى) كَوْنُ التَّغْرِيبِ مِنْ الْحَدِّ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ عُمَرَ (لِابْتِنَاءِ الْحَدِّ عَلَى الشُّهْرَةِ مَعَ حَاجَةِ الْإِمَامِ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَيَفْحَصُ عَنْهُ وَكُفْرُهُ) أَيْ الْمُغَرَّبِ فِي بَعْضِ الْوَقَائِعِ (لَا يُحِلُّ تَرْكهُ الْحَدَّ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ لِلْمُؤَلَّفَةِ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ فَهِمَ انْتِهَاءَ حُكْمِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ شَوْكَةٍ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ وَمَنَعَهُمْ) . فَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَهُ لَمَّا أَتَاهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَأَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ يَعْنِي لَيْسَ الْيَوْمَ مُؤَلَّفَةٌ. (بَقِيَ قِسْمٌ) لَمْ يُذْكَرْ فِي تَقْسِيمِهِمْ وَهُوَ (مُحْتَمَلٌ لَا يَخْفَى) أَيْ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَدِيثُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْخَفَاءَ (وَلَيْسَ) الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِهِ (مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ) الصَّحَابِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِرَاوِيهِ (التَّارِكِ) لِلْعَمَلِ بِهِ (الَّتِي تُهِمُّهُ) وَتُوجِبُ لَهُ زِيَادَةَ الْفَحْصِ عَنْهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْوَجْهُ لَيْسَ) تَرْكَ عَمَلِ غَيْرِ الرَّاوِي التَّارِكِ لَهُ (كَالرَّاوِي) أَيْ كَتَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ لِرَاوِيهِ (لِزِيَادَةِ احْتِمَالِ عَدَمِ بُلُوغِهِ) أَيْ الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ إلَى تَارِكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِرَاوِيهِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ (أَوْلَى مِنْ الْأَكْثَرِ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي تَرَكَ الْأَكْثَرُ الْعَمَلَ (بِهِ) أَيْ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ لِلزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلْيُطْلَبْ لَهُ مِثَالٌ إنْ كَانَ لَهُ وُجُودٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِلَّا فَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ لِانْتِفَاءِ مِثَالِهِ فِي اسْتِقْرَائِهِمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ حَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَذْكُورِ]

(مَسْأَلَةٌ حَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَذْكُورِ جَائِزٌ) عِنْدَ الْأَكْثَرِ (بِخِلَافِ) مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى حَذْفُهُ مِثْلُ (الشَّرْطِ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ. يَعْنِي الْأَمَةَ غَيْرَ الْمُحْصَنَةِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>