للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَخْصُوصِ بِهِ (ظَنًّا لَيْسَ شَرْطًا) لِلتَّخْصِيصِ حَتَّى يُقَالَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ إنَّمَا يُصَارُ إلَى التَّخْصِيصِ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ فَإِنَّ الْمَنْطُوقَ أَقْوَى مِنْهُ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْمَفْهُومِ مَعَهُ (لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ) أَيْ التَّخْصِيصِ (بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِلْكِتَابِ بَعْدَ تَخْصِيصِهِ) أَيْ الْكِتَابِ بِالْقَطْعِيِّ مَعَ أَنَّ الْكِتَابَ أَقْوَى (لِلْجَمْعِ) بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْمُتَعَارِضَةِ لِأَنَّ إعْمَالَ كُلٍّ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا قَالَ بَعْدَ تَخْصِيصِهِ لِتَتِمَّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ لِأَنَّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ابْتِدَاءً كَمَا سَيَأْتِي (وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَعَ ظَنِّيَّةِ الدَّلَالَةِ فِيهِمَا) أَيْ الْعَامِّ وَالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ (يَقْوَى ظَنُّ الْخُصُوصِ) فِي الْعَامِّ (لِغَلَبَتِهِ فِي الْعَامِّ) فَلَا يَكُونُ الْعَامُّ أَقْوَى مِنْهُ ثُمَّ كَوْنُهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ يَخُصُّ الْعُمُومَ قَالَ الْآمِدِيُّ لَا نَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ مَنْعَهُ عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ فِي الْمُنْتَخَبِ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاصِلِ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُهُمْ أَوْجَهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْعَادَةِ وَهِيَ الْأَمْرُ الْمُتَكَرِّرُ مِنْ غَيْرِ عَلَاقَةٍ عَقْلِيَّةٍ]

(مَسْأَلَةُ الْعَادَةِ) وَهِيَ الْأَمْرُ الْمُتَكَرِّرُ مِنْ غَيْرِ عَلَاقَةٍ عَقْلِيَّةٍ وَالْمُرَادُ (الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ) لِقَوْمٍ (مُخَصِّصٌ) لِلْعَامِّ الْوَاقِعِ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ وَتَخَاطُبِهِمْ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ كَ حَرَّمْت الطَّعَامَ وَعَادَتُهُمْ) أَيْ الْمُخَاطَبِينَ (أَكْلُ الْبُرِّ انْصَرَفَ) الطَّعَامُ (إلَيْهِ) أَيْ الْبُرِّ (وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ (الْوَجْهُ أَمَّا) تَخْصِيصُ الْعَامِّ (بِالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ) وَهُوَ أَنْ يَتَعَارَفَ قَوْمٌ إطْلَاقَ لَفْظٍ لِمَعْنًى بِحَيْثُ لَا يَتَبَادَرُ عِنْدَ سَمَاعِهِ إلَّا ذَاكَ الْمَعْنَى (فَاتِّفَاقٌ كَالدَّابَّةِ عَلَى الْحِمَارِ وَالدِّرْهَمِ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ لَنَا الِاتِّفَاقُ عَلَى فَهْمِ) لَحْمِ (الضَّأْنِ بِخُصُوصِهِ فِي: اشْتَرِ لَحْمًا وَقُصِرَ الْأَمْرُ) بِشِرَاءِ اللَّحْمِ (عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ أَكْلَهُ فَوَجَبَ) كَوْنُ الْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ مُخَصِّصًا (كَالْقَوْلِيِّ لِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ) وَهُوَ تَبَادُرُهُ بِخُصُوصِهِ مِنْ إطْلَاقِ اللَّفْظِ فِيهِمَا (وَإِلْغَاءِ الْفَارِقِ) بَيْنَهُمَا (بِالْإِطْلَاقِ) فِي الْعَمَلِيِّ (وَالْعُمُومِ) فِي الْقَوْلِيِّ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا (وَكَوْنِ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ) كَلَحْمٍ فِي: اشْتَرِ لَحْمًا (عَلَى الْمُقَيَّدِ) كَلَحْمِ الضَّأْنِ (دَلَالَةَ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَ) دَلَالَةِ (الْعَامِّ عَلَى الْفَرْدِ قَلْبَهُ) أَيْ دَلَالَةِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَقَدْ قِيلَ هَذِهِ أَقْوَى فَلَا يَلْزَمُ مِنْ صَرْفِ الْأُولَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ صَرْفُ الثَّانِيَةِ (كَذَلِكَ) أَيْ فَرْقٌ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا لِظُهُورِ أَنَّهُ فَارِقٌ مَلْغِيٌّ.

(تَنْبِيهُ مِثْلِ جَمْعٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) مِنْهُمْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْمَنَارِ (لِذَلِكَ) أَيْ التَّخْصِيصِ بِالْعَادَةِ (بِالنَّذْرِ بِالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ يَنْصَرِفُ إلَى الشَّرْعِيِّ) مِنْهُمَا (فَقَدْ يَخَالُ) أَيْ يُظَنُّ كُلٌّ مِنْهُمَا (غَيْرَ مُطَابِقٍ) لَهُ وَإِنَّمَا هُمَا مِثَالَانِ لِلتَّخْصِيصِ بِالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ (وَالْحَقُّ صِدْقُهُمَا) أَيْ التَّخْصِيصِ بِالْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ وَالتَّخْصِيصِ بِالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ (عَلَيْهِمَا) أَيْ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْمُعْتَادَ فِي فِعْلِ الْمُسْلِمِ لَهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَفِي إطْلَاقِ كُلٍّ مِنْ لَفْظِهِمَا شَرْعًا وَخُصُوصًا فِي النَّذْرِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ لَهُ، وَلَا يُقَالُ وَضْعُ الْحَنَفِيَّةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ (إذْ وَضْعُهُمْ) لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ) بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ (عَامًّا أَوْ غَيْرَهُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ) هَذَا أَحَدُ الْخَمْسَةِ (وَبِدَلَالَةِ اللَّفْظِ فِي نَفْسِهِ) هَذَا ثَانِي الْخَمْسَةِ وَفَسَّرُوهُ كَمَا قَالَ (أَيْ إنْبَاءِ الْمَادَّةِ عَنْ كَمَالٍ فَيُخَصُّ) اللَّفْظُ (بِمَا فِيهِ) ذَلِكَ الْكَمَالُ (كَحَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَلَا نِيَّةَ مُعَمِّمَةٌ) لِكُلِّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ لَحْمٍ (لَا يَدْخُلُ السَّمَكُ) أَيْ لَحْمُهُ فِي حَلِفِهِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ سُمِّيَ لَحْمًا فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤] أَيْ مِنْ الْبَحْرِ سَمَكًا وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>