الْمَانِعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَابْنُ سُرَيْجٍ يَقُولُ عَدَمُهُ شَرْطٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ انْتَهَى وَالشَّأْنُ فِي التَّرْجِيحِ
الْأَمْرُ الرَّابِعُ قَالَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا: وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا كُلُّ دَلِيلٍ مَعَ مُعَارِضِهِ فَهِيَ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ وَعَلَيْهَا جَرَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ حَيْثُ قَالَ: وَهَكَذَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي لَفْظِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إذَا وَرَدَا مُطْلَقَيْنِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ سَمَاعِ الْحَقِيقَةِ طَلَبُ الْمَجَازِ، وَإِنْ وَجَبَ عِنْدَ سَمَاعِ الْعَامِّ الْبَحْثُ عَنْ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ تَطَرُّقَ التَّخْصِيصِ إلَى الْعُمُومَاتِ أَكْثَرُ، وَأَيَّدَهُ بِتَوْجِيهٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ شَبَّهَ الْعَامَّ بِالْحَقِيقَةِ فَقَدْ أَتَى بِسَاقِطٍ مِنْ الْقَوْلِ
الْأَمْرُ الْخَامِسُ: حَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ الِاتِّفَاقَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْعَامِّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ لِتَأَكُّدِ انْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْمُخَصِّصِ ثَمَّةَ؛ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْعَامِّ إذْ ذَاكَ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ فِيمَا وَرَدَ لِأَجْلِهِ مِنْ الْوَقَائِعِ وَهُوَ قَطْعِيُّ الدُّخُولِ عَنْ الْأَكْثَرِ ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْبَحْثِ قَبْلَ الْعَمَلِ: (وَالْخِلَافُ فِي قَدْرِ الْبَحْثِ، وَالْأَكْثَرُ) أَنَّهُ يَبْحَثُ (إلَى أَنْ يَغْلِبَ ظَنُّ عَدَمِهِ) أَيْ الْمُخَصِّصِ (وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ إلَى الْقَطْعِ بِهِ) أَيْ بِعَدَمِهِ (لَنَا لَوْ شُرِطَ) الْقَطْعُ بِهِ (بَطَلَ) الْعَمَلُ بِأَكْثَرِ الْعُمُومَاتِ الْمَعْمُولِ بِهَا اتِّفَاقًا؛ إذْ الْقَطْعُ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَالْغَايَةُ عَدَمُ الْوِجْدَانِ عِنْدَ الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ، وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُودِ
(قَالُوا) أَيْ الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ (إذَا كَثُرَ بَحْثُ الْمُجْتَهِدِ) عَنْ الْمُخَصِّصِ (وَلَمْ يَجِدْ قَضَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ الْوُجُودِ أُجِيبَ بِالْمَنْعِ فَقَدْ يَجِدُ) الْمُجْتَهِدُ الْمُخَصِّصَ (بَعْدَ الْكَثْرَةِ) أَيْ كَثْرَةِ بَحْثِهِ عَنْهُ وَحُكْمِهِ بِالْعُمُومِ (ثُمَّ يَزِيدُ) فِي الْبَحْثِ اسْتِظْهَارًا فِي أَمْرِهِ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ (فَيَرْجِعُ) عَنْ الْحُكْمِ بِالْعُمُومِ ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ أَقِفْ فِيمَا وَصَلَ النَّاظِرُ الْقَاصِرُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى صَرِيحٍ لَهُمْ فِيهَا نَعَمْ أُصُولُهُمْ تُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الصَّيْرَفِيُّ وَلَا سِيَّمَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مُعْظَمُهُمْ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مُوجِبَهُ قَطْعِيٌّ كَمُوجِبِ الْخَاصِّ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ
[مَسْأَلَةُ صِيغَةِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ هَلْ يَشْمَلُ النِّسَاءَ وَضْعًا]
(مَسْأَلَةُ صِيغَةِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ) السَّالِمِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ كَغَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ الْمُرَادَ؛ لِأَنَّهُ اُخْتُصَّ فِي الْعُرْفِ بِهِ مِنْ إطْلَاقِهِ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لُغَةً عَلَى نَحْوِ: قَوْمٌ قِيَامٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الصِّيغَةُ الَّتِي يَصِحُّ إطْلَاقُهَا عَلَى الذُّكُورِ خَاصَّةً الْمَوْضُوعَةُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ لَهُمْ وَلِلْإِنَاثِ كَمَا سَنُنَبِّهُك عَلَيْهِ (وَنَحْوُ الْوَاوِ فِي فَعَلُوا) وَيَفْعَلُونَ وَافْعَلُوا (هَلْ يَشْمَلُ النِّسَاءَ وَضْعًا نَفَاهُ الْأَكْثَرُ إلَّا فِي تَغْلِيبٍ) وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ (خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ) وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ صِيغَةَ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ الْمَوْضُوعَةَ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً كَالرِّجَالِ لَا تَتَنَاوَلُ النِّسَاءَ، وَجَمْعُ الْمُؤَنَّثِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُذَكَّرَ كَالْإِنَاثِ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَنَّ الصِّيغَةَ الْمَوْضُوعَةَ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الذُّكُورِ كَالنَّاسِ تَتَنَاوَلُهُمَا. (لِلْأَكْثَرِ {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] إذْ لَوْ كَانَ مَدْلُولُ الْمُسْلِمَاتِ دَاخِلًا فِي مَدْلُولِ الْمُسْلِمِينَ لَمَا حَسُنَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ تَكْرَارٌ بِلَا فَائِدَةٍ فَإِنْ قِيلَ: بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ وَهِيَ التَّنْصِيصُ وَالتَّأْكِيدُ؛ كَعَطْفِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى الصَّلَوَاتِ، قُلْنَا: يُعَارِضُهَا فَائِدَةُ الِابْتِدَاءِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ أَعْنِي التَّأْسِيسَ ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلَى فَائِدَةِ التَّكْرَارِ كَمَا قَالَ:
(وَفَائِدَةُ الِابْتِدَاءِ أَوْلَى مِنْ النُّصُوصِيَّةِ بَعْدَ التَّنَاوُلِ ظَاهِرًا) ؛ إذْ الْإِفَادَةُ خَيْرٌ مِنْ الْإِعَادَةِ، وَلَا يُقَالُ: الْإِفَادَةُ بِطَرِيقِ النُّصُوصِيَّةِ دُونَ الظُّهُورِ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ هَذَا إلَّا تَقْوِيَةً لِمَدْلُولِ الْأَوَّلِ تَدْفَعُ تَوَهُّمَ التَّجَوُّزِ وَعَدَمِ الشُّمُولِ وَهُوَ مَعْنَى التَّأْكِيدِ (وَسَبَبُهُ) أَيْ وَلِلْأَكْثَرِ أَيْضًا سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ (وَهُوَ «قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ مَا نَرَى اللَّهَ ذَكَرَ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute