بِهَا فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ ثُمَّ لَمْ يُرَجِّحْ أَحَدٌ رِوَايَةَ مَنْ اعْتَادَهَا عَلَى مَنْ لَمْ يَعْتَدْهَا (وَلَا يَدْخُلُهُ) أَيْ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهَا (مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ) إذْ يَجُوزُ اعْتِيَادُهَا مَعَ وِحْدَةِ الْآخِذِ (وَهُوَ) أَيْ مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ (مَجْهُولُ الْعَيْنِ بِاصْطِلَاحٍ) لِلْمُحَدِّثِينَ (كَسَمْعَانَ بْنِ مُشَنِّجٍ وَالْهَزْهَازِ بْنِ مَيْزَنَ لَيْسَ لَهُمَا) رَاوٍ (إلَّا الشَّعْبِيُّ وَجَبَّارٌ الطَّائِيُّ فِي آخَرِينَ) وَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَغَرَّ الْهَمْدَانِيِّ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حَنَشٍ وَمَالِكُ بْنُ أَغَرَّ وَسَعِيدُ بْنُ ذِي حَدَّانِ وَقَيْسُ بْنُ كُرْكُمَ وَخَمْرُ بْنُ مَالِكٍ (لَيْسَ لَهُمْ) رَاوٍ (إلَّا) أَبُو إِسْحَاقَ (السَّبِيعِيُّ وَفِي) عِلْمِ (الْحَدِيثِ) فِيهِ أَقْوَالٌ.
(نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ قَبُولِهِ (لِلْأَكْثَرِ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ (وَقَبُولُهُ) مُطْلَقًا (قِيلَ هُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (لِمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) فِي الرَّاوِي شَرْطًا (غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ) كَابْنِ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَاكْتَفَى فِي التَّعْدِيلِ بِوَاحِدٍ (وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ مَعَ ضَبْطٍ) فَيُقْبَلُ وَإِلَّا فَلَا (وَقِيلَ إنْ زَكَّاهُ عَدْلٌ) مِنْ أَئِمَّةِ الْجُرْحِ وَالتَّعْدِيلِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ (وَقِيلَ إنْ شُهِرَ) فِي غَيْرِ الْعِلْمِ (بِالزُّهْدِ كَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَوْ النَّجْدَةِ كَعَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ) قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمَرْجِعُ التَّفْصِيلِ) الْأَوَّلِ (وَمَا بَعْدَهُ وَاحِدٌ وَهُوَ إنْ عُرِفَ عَدَمُ كَذِبِهِ) قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (غَيْرَ أَنَّ لِمَعْرِفَتِهَا) وَالْوَجْهُ لِمَعْرِفَتِهِ أَيْ عَدَمِ كَذِبِهِ (طُرُقًا؛ التَّزْكِيَةُ وَمَعْرِفَةُ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ وَزُهْدُهُ وَالنَّجْدَةُ فَإِنَّ الْمُتَّصِفَ بِهَا) أَيْ النَّجْدَةِ (عَادَةً يَرْتَفِعُ عَنْ الْكَذِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ ثُبُوتِ الصِّدْقِ مَعَ تَحَقُّقِ النَّجْدَةِ (فِيمَا قَالَ الْمُبَرِّدُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ مَعْدِ يَكْرِبَ فَإِنَّهُ نَسَبَ إلَيْهِ الْكَذِبَ (وَالْوَجْهُ أَنَّ قَوْلَ إنْ زَكَّاهُ) عَدْلٌ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (مُرَادُ الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا) جَرْحَ أَيْضًا (بِحَدَاثَةِ السِّنِّ بَعْدَ إتْقَانِ مَا سَمِعَ) عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَتَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ وَمَا فِي شَرَائِطِ الرَّاوِي عِنْدَ الرِّوَايَةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى قَبُولِ مَنْ تَحَمَّلَ مِنْ الصَّحَابَةِ صَغِيرًا وَأَدَّى كَبِيرًا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى ذَلِكَ (وَاسْتِكْثَارِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ خَلَلٌ فِي الْحِفْظِ كَمَا زَعَمَهُ مَنْ زَعَمَهُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ دَلِيلَ قُوَّةِ الذِّهْنِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حُسْن الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ (وَكَثْرَةِ الْكَلَامِ كَمَا عَنْ زَاذَانَ) .
قَالَ شُعْبَةُ قُلْت لِلْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ لِمَ لَمْ تَرْوِ عَنْ زَاذَانَ قَالَ كَثِيرُ الْكَلَامِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ هَذَا غَيْرُ قَادِحٍ (وَبَوْلٍ قَائِمًا كَمَا عَنْ سِمَاكٍ) قَالَ جَرِيرٌ رَأَيْت سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ يَبُولُ قَائِمًا فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ فَإِنَّ مُجَرَّدَ هَذَا غَيْرُ قَادِحٍ وَكَيْفَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ قَائِمًا» إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَهُوَ مُبَاحٌ غَيْرُ خَارِمٍ لِلْمُرُوءَةِ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَرْتَدُّ عَلَى الْبَائِلِ وَأَمَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ.
[رِوَايَةِ الْعَدْلِ عَنْ الْمَجْهُولِ]
(وَاخْتُلِفَ فِي رِوَايَةِ الْعَدْلِ) عَنْ الْمَجْهُولِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (فَالتَّعْدِيلُ) إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ وَإِلَّا كَانَتْ تَلْبِيسًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِيقَاعِ فِي الْعَمَلِ بِمَا لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ الْعَدْلَ إذَا رَوَى حَدِيثًا فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ الْعَمَلَ بِهِ وَالتَّلْبِيسُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَدَالَةِ وَهَذَا عَزَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ (وَالْمَنْعُ) لَهُ إذْ كَثِيرًا مَا يَرْوِي مَنْ يَرْوِي وَلَا يُفَكِّرُ عَمَّنْ يَرْوِي وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ تَعْدِيلًا لَهُ لَكَانَتْ تَلْبِيسًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ وَجَبَ بِمُجَرَّدِهَا الْعَمَلُ عَلَى السَّامِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ غَايَةُ رِوَايَتِهِ عَنْهُ أَنْ يَقُولَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَهُوَ لَيْسَ بِمُوجِبٍ الْعَمَلَ عَلَيْهِ بَلْ يَجِبُ عَلَى السَّامِعِ إذَا أَرَادَ الْعَمَلَ الْكَشْفَ عَنْ حَالِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا لَمْ يَكْشِفْ وَعَمِلَ كَانَ هُوَ الْمُقَصِّرُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَهَذَا مَا عَزَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَ أَنَّهُ الصَّحِيحُ (وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ) فَهِيَ تَعْدِيلٌ وَإِلَّا يَلْزَمُ خِلَافُ مَا عَهِدَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَادَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ (أَوْ لَا) يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ فَلَا يَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَرْوِي عَمَّنْ لَوْ سُئِلَ عَنْ عَدَالَتِهِ لَتَوَقَّفَ فِيهَا (وَهُوَ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ (الْأَعْدَلُ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ وَجْهِهِ فَلَا جَرَمَ أَنْ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ.
(وَأَمَّا التَّدْلِيسُ) وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (إيهَامُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْمُعَاصِرِ الْأَعْلَى) سَوَاءٌ لَقِيَهُ أَوْ لَا سَمَاعًا مِنْهُ بِحَذْفِ الْمُعَاصِرِ الْأَدْنَى سَوَاءٌ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute