للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا.

(وَقَالَ مَرْوَانُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حِينَ أَخْبَرَ) بِحَدِيثِهَا الْمَذْكُورِ (لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْأَمْرَ إلَّا امْرَأَةٌ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا وَهُمْ) أَيْ النَّاسُ يَوْمئِذٍ (الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَدَلَّ أَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ) حَدِيثُ الْمَجْهُولِ (فِي السَّلَفِ بَلْ) ظَهَرَ (بَعْدَهُمْ فَلَمْ يَعْلَمْ رَدَّهُمْ وَعَدَمُهُ) أَيْ عَدَمَ رَدِّهِ (جَازَ) الْعَمَلُ بِهِ (إذَا لَمْ يُخَالِفْ) الْقِيَاسَ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الصِّدْقِ فِي خَبَرِهِ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا لِغَلَبَتِهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (وَلَمْ يَجِبْ) الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ شَرْعًا لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِ هَذَا الطَّرِيقِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ (فَيَدْفَعَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّفْيِ أَيْ لِيَدْفَعَ (نَافِيَ الْقِيَاسِ) عَنْ مَنْعِ هَذَا الْحُكْمِ (أَوْ يَنْفَعَهُ) أَيْ نَافِيَ الْقِيَاسِ وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِدَفْعِ جَوَابِ السُّؤَالِ الْقَائِلِ إذَا وَافَقَهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَجِبْ الْعَمَلُ بِهِ كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ فَمَا فَائِدَةُ جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ بِأَنَّهَا جَوَازُ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ نَافِي الْقِيَاسِ مِنْ مَنْعِ هَذَا الْحُكْمِ لِكَوْنِهِ مُضَافًا إلَى الْحَدِيثِ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُ) الدَّفْعَ أَوْ النَّفْعَ (لَوْ قَبِلَهُ) أَيْ السَّلَفُ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَنْعِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِهِ وَقَدْ يَنْفَعُهُ حَيْثُ يُضِيفُ الْحُكْمَ إلَيْهِ لَا إلَى الْقِيَاسِ لَكِنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ بَعْدَهُمْ (وَرِوَايَةُ مِثْلِ هَذَا الْمَجْهُولِ فِي زَمَانِنَا لَا تُقْبَلُ) مَا لَمْ تَتَأَيَّدْ بِقَبُولِ الْعُدُولِ لِغَلَبَةِ الْفُسَّاقِ عَلَى أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ (قُلْنَا) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ لِلرَّاوِي الصَّحَابِيِّ (بَلْ وَضْعُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ فِيمَا هُوَ (أَعَمُّ) مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ قَوْلُهُمْ وَالرَّاوِي إنْ عُرِفَ بِالْفِقْهِ إلَخْ غَيْرَ أَنَّ التَّمْثِيلَ وَقَعَ بِالصَّحَابَةِ مِنْهُمْ وَلَيْسَ يَلْزَمُ) كَوْنُ الرَّاوِي (صَحَابِيًّا) مِنْ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ (فَصَارَ هَذَا حُكْمَ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ أَيْضًا وَلَا جَرْحَ) لِلرَّاوِي وَالشَّاهِدِ (بِتَرْكِ الْعَمَلِ فِي رِوَايَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ) لَهُمَا (لِجَوَازِهِ) أَيْ تَرْكِ الْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ وَشَهَادَتِهِ (بِمُعَارِضٍ) مِنْ رِوَايَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ أُخْرَى أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ غَيْرِ الْعَدَالَةِ لَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاوِي وَالشَّاهِدِ مَجْرُوحٌ.

قَالَ السُّبْكِيُّ فَإِنْ فُرِضَ ارْتِفَاعُ الْمَوَانِعِ بِأَسْرِهَا وَكَانَ مَضْمُونُ الْخَبَرِ وُجُوبًا فَتَرْكُهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ جُرْحًا قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ وَهُوَ وَاضِحٌ قُلْت نَعَمْ فِي غَيْرِ الصَّحَابِيِّ أَمَّا فِي الصَّحَابِيِّ فَلَا وَسَتَقِفُ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ لِلْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ سَبْعِ مَسَائِلَ (وَلَا) جُرْحَ (بِحَدٍّ لِشَهَادَةٍ بِالزِّنَى مَعَ عَدَمِ) كَمَالِ (النِّصَابِ) لِلشَّهَادَةِ بِهِ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى فِسْقِ الشَّاهِدِ وَتَقَدَّمَ فِي ذَيْلِ الْكَلَامِ فِي الْعَدَالَةِ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّوَايَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَأَنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَدَّهَا بِهِ كَرَدِّ الشَّهَادَةِ بِهِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ (وَلَا) جَرْحَ (بِالْأَفْعَالِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا) مِنْ الْمُجْتَهِدِ الْقَائِلِ بِإِبَاحَتِهَا أَوْ مُقَلِّدِهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ مَا لَمْ يُسْكِرْ مِنْ غَيْرِ لَهْوٍ وَاللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ بِلَا قِمَارٍ وَتَرْكِ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَرَكْضِ الدَّابَّةِ) أَيْ حَثُّهَا لِتَعْدُوَ وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِإِفْرَاطِ شُعْبَةَ لَمَّا قِيلَ لَهُ لِمَ تَرَكْت حَدِيثَ فُلَانٍ قَالَ رَأَيْته يَرْكُضُ عَلَى بِرْذَوْنٍ إذْ مَا يَلْزَمُ مِنْ رَكْضِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ وَكَيْفَ وَهُوَ مَشْرُوعٌ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ وَاللَّفْظُ لَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي ضَمَرَتْ مِنْ الْحَيْفَاءِ وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تَضْمُرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا» (وَكَثْرَةِ الْمِزَاحِ غَيْرِ الْمُفْرِطِ) بَعْدَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْزَحُ أَحْيَانًا وَلَا يَقُولُ إلَّا حَقًّا فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالُوا إنَّك تُدَاعِبُنَا قَالَ إنِّي وَإِنْ دَاعَبْتُكُمْ لَا أَقُولُ إلَّا حَقًّا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَخٍ لَهُ صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْهُ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ احْمِلْنِي فَقَالَ إنَّا حَامِلُوك عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ قَالَ وَمَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ نَاقَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلَ إلَّا النُّوقُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْخِفَّةُ تَسْتَفِزُّهُ فَيَخْلِطُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَلَا يُبَالِي بِمَا يَأْتِي مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ جُرْحًا (وَعَدَمِ اعْتِيَادِ الرِّوَايَةِ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْإِتْقَانُ وَرُبَّمَا يَكُونُ إتْقَانُ مَنْ لَمْ تَصِرْ الرِّوَايَةُ عَادَةً لَهُ فِيمَا يَرْوِي أَكْثَرَ مِنْ إتْقَانِ مَنْ اعْتَادَهَا وَقَدْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ الرِّوَايَةِ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْتَغِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>