للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْإِجْمَاعِ عَلَى التَّضْمِينِ بِالْمِثْلِ) فِي الْمِثْلِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ (أَوْ الْقِيمَةِ) فِي الْقِيَمِيِّ الْفَائِتِ عَيْنُهُ أَوْ الْمِثْلِيِّ الْمُنْقَطِعِ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِثْلِيٌّ فَضَمَانُهُ بِالْمِثْلِ وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِهِ قَوْلُ الضَّامِنِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ فَكَانَ إيجَابُ التَّمْرِ مَكَانَ اللَّبَنِ مُطْلَقًا مُخَالِفًا لِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْقِيَاسِ أَيْضًا عَلَى سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ الْمِثْلِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ أَنَّهُ مُضْطَرِبُ الْمَتْنِ فَمَرَّةً جَعَلَ الْوَاجِبَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَمَرَّةً صَاعًا مِنْ طَعَامٍ غَيْرِ بُرٍّ وَمَرَّةً مِثْلَ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا وَمَرَّةً ذَكَرَ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَرَّةً لَمْ يَذْكُرْهُ وَقِيلَ هُوَ مَنْسُوخٌ قَالَ الطَّحَاوِيُّ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مُجْمَلًا فَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ نَسَخَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» فَلَمَّا قَطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفُرْقَةِ الْخِيَارُ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا خِيَارَ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْمَجْعُولَ فِي الْمُصَرَّاةِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَهُوَ لَا يَقْطَعُهُ الْفُرْقَةُ اتِّفَاقًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إشَارَاتِ الْأَسْرَارِ التَّصْرِيَةُ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ عِنْدَنَا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَلِفِ وَيُدْفَعُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا عَيْبٌ كَمَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَنَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ وَأَخَذَ بِهِ أَبُو اللَّيْثِ وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ مَا كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ تُؤْخَذُ بِالْأَمْوَالِ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ الرِّبَا فَرُدَّتْ الْأَشْيَاءُ الْمَأْخُوذَةُ إلَى أَمْثَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا أَمْثَالٌ وَإِلَى قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ لَا أَمْثَالَ لَهَا (وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَقِيهٌ) لَمْ يَعْدَمْ شَيْئًا مِنْ أَسْبَابِ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ أَفْتَى فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَكُنْ يُفْتِي فِي زَمَنِهِمْ إلَّا مُجْتَهِدٌ وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ مَا بَيْنَ صَحَابِيٍّ وَتَابِعِيٍّ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ.

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (وَمَجْهُولُ الْعَيْنِ وَالْحَالُ كَوَابِصَةَ) بْنِ مَعْبَدٍ وَالتَّمْثِيلُ بِهِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَجْهُولِ الْمَذْكُورِ عِنْدَهُمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَاتَه إلَّا بِرِوَايَةِ حَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ وَلَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ وَلَا طُولُ صُحْبَتِهِ وَقَدْ عُرِفَتْ عَدَالَةُ الصَّحَابَةِ بِالنُّصُوصِ وَاشْتُهِرَ طُولُ صُحْبَتِهِمْ فَكَيْفَ يَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ وَهُوَ صَحَابِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ وَأَمْثَالُهُ كَسَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ وَمَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَإِنْ رَأَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَوْا عَنْهُ لَا يَعُدُّونَ مِنْ الصَّحَابَةِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ صُحْبَتِهِمْ إلَيْهِ أَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَلَا يَعْرَى عَنْ نَظَرٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَيَّ أَنَّ أَبَا دَاوُد وَالتِّرْمِذِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ أَخْرَجُوا «لِوَابِصَةَ قَالَ أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إلَّا سَأَلْته عَنْهُ» الْحَدِيثَ «وَأَنَّ رَجُلًا صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعِيدَ» وَابْنُ مَاجَهْ أَخْرَجَ لَهُ أَيْضًا «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَكَعَ سَوَّى ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَاسْتَقَرَّ» وَالطَّبَرَانِيُّ أَخْرَجَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أُخْرَى أَحَدَهَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ مَنَابِرَ» ثَانِيَهَا «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ الْوَسَخِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْأَظْفَارِ فَقَالَ دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» ثَالِثَهَا «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» وَسَلَمَةُ بْنُ الْمُحَبِّقِ وَاسْمُ الْمُحَبِّقِ صَخْرٌ أَخْرَجَ لَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ وَأَحْمَدُ حَدِيثَيْنِ وَابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا. نَعَمْ مَعْقِلٌ رَوَى لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ حَدِيثًا وَالنَّسَائِيِّ حَدِيثًا (فَإِنْ قَبِلَهُ السَّلَفُ أَوْ سَكَتُوا إذَا بَلَغَهُمْ أَوْ اخْتَلَفُوا قُبِلَ) وَقُدِّمَ عَلَى الْقِيَاسِ (كَحَدِيثِ مَعْقِلٍ) السَّابِقِ فِي بِرْوَعَ فَإِنَّ السَّلَفَ اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ صَارَ كَأَنَّهُ رَوَاهُ بِنَفْسِهِ فَإِذَا قَبِلَهُ السَّلَفُ أَوْ سَكَتُوا عَنْ رَدِّهِ بَعْدَمَا بَلَغَهُمْ فَبِطَرِيقٍ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ عُدُولٌ أَهْلُ فِقْهٍ لَا يُتَّهَمُونَ بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْرِ الدِّينِ بِقَبُولِ مَا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا بِالسُّكُوتِ عَنْ رَدِّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا عَلَى وَجْهِ الرِّضَا بِالْمَسْمُوعِ (أَوْ رَدُّوهُ) أَيْ السَّلَفُ حَدِيثَ الْمَجْهُولِ (لَا يَجُوزُ) الْعَمَلُ بِهِ (إذَا خَالَفَهُ) الْقِيَاسُ لِأَنَّهُمْ لَا يُتَّهَمُونَ بِرَدِّ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَيَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الرَّدِّ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمْ اتَّهَمُوهُ فِي الرِّوَايَةِ (وَسَمَّوْهُ مُنْكَرًا كَحَدِيثِ «فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً» كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (رَدَّهُ عُمَرُ) فَقَالَ لَا نَتْرُكُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>