للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْبَيَاضِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِمِقْدَارٍ خَاصٍّ مِنْ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَهُوَ فَصْلُ الْمَاهِيَّةِ الْعَرَضِيَّةِ نَفْسِهَا مُنْدَرِجٌ كُلٌّ مِنْهُمَا تَحْتَ جِنْسٍ أَعَمَّ مِنْهُمَا هُوَ اللَّوْنُ.

كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (ثُمَّ وَضَعَهَا اسْمُ الْمُشَكِّكِ لِلْأَوَّلِ) أَيْ لِمَا فُصُولُ أَنْوَاعِهِ مَقَادِيرُ مِنْ الشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ مِنْ الْمَاهِيَّاتِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فُصُولَ أَنْوَاعِهِ مَقَادِيرُ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَاهِيَّةَ نَفْسَهَا لَهَا فَصْلٌ فِي نَفْسِهَا غَيْرُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا

[التَّقْسِيمُ الثَّانِي مَدْلُولُ المفرد إمَّا لَفْظٌ كَالْجُمْلَةِ وَالْخَبَرِ أَوْ غَيْرُهُ]

(التَّقْسِيمُ الثَّانِي مَدْلُولُهُ) أَيْ الْمُفْرَدِ (إمَّا لَفْظٌ كَالْجُمْلَةِ وَالْخَبَرِ) فَإِنَّ مَدْلُولَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَكَّبٌ خَاصٌّ كَ زَيْدٌ قَائِمٌ وَقَدْ عَرَفْت فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْجُمْلَةَ أَعَمُّ مِنْ الْخَبَرِ (وَالِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ) فَإِنَّ مَدْلُولَهَا أَلْفَاظٌ خَاصَّةٌ مِنْ نَحْوِ زَيْدٌ وَعَلِمَ وَقَدْ (عَلَى نَوْعِ تَسَاهُلٍ؛ إذْ الْأَلْفَاظُ مَاصَدَقَاتُ مَدْلُولِهِ) أَيْ الْمُفْرَدِ (الْكُلِّيَّ) لَا نَفْسَ مَدْلُولِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (إلَّا أَنْ يُرَادَ كُلُّ جُمْلَةٍ مُتَحَقِّقَةٍ خَارِجًا) فَيَكُونُ مَدْلُولُهَا اللَّفْظَ الْخَاصَّ بِلَا تَسَاهُلٍ حِينَئِذٍ ضَرُورَةَ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِأَمْرٍ مُعَيَّنٍ فِي الْخَارِجِ لَا لِلْمُرَكَّبِ الْكُلِّيِّ الصَّادِقِ عَلَى مِثْلِ: زَيْدٌ قَائِمٌ وَغَيْرُهُ (أَوْ غَيْرُهُ) عَطْفٌ عَلَى " لَفْظٌ " أَيْ أَوْ غَيْرُ لَفْظٍ وَحِينَئِذٍ (فَإِمَّا لَا يَدُلُّ) اللَّفْظُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَدْلُولِهِ (إلَّا بِضَمِيمَةٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى اللَّفْظِ (لِوَضْعِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (لِمَعْنًى جُزْئِيٍّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَلْحُوظٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ خَاصَّيْنِ فَهُوَ الْحَرْفُ كَمِنْ وَإِلَى) فِي نَحْوِ سِرْت مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ فَلَزِمَ كَوْنُ ذِكْرِهِمَا شَرْطَ دَلَالَتِهِ (بِخِلَافِ) الْأَسْمَاءِ (اللَّازِمَةِ لِلْإِضَافَةِ) إلَى غَيْرِهَا كَ ذُو وَقَبْلُ وَبَعْدُ فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِمَعْنًى كُلِّيٍّ مِنْ صَاحِبٍ وَسَبْقٍ وَتَأَخُّرٍ فَالْتُزِمَ ذِكْرُ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ لِبَيَانِهِ لَا لِتَوَقُّفِ مَعْنَاهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ عَلَيْهِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي وُضِعَتْ الْأَلْفَاظُ لَهَا قِسْمَانِ غَيْرُ إضَافِيٍّ وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لَهُ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ وَإِضَافِيٌّ تَارَةً يُعْتَبَرُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحَظَ تَعَلُّقُهُ بِالْغَيْرِ، وَتَوَقُّفُ تَعَقُّلِهِ عَلَى تَعَقُّلِ الْغَيْرِ، وَاللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إمَّا اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ وَتَارَةً يُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إضَافَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْغَيْرِ مُتَوَقِّفٌ تَعَقُّلُهَا عَلَى تَعَقُّلِ الْغَيْرِ وَاللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ حَرْفٌ، وَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى الْإِضَافِيُّ بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مَعَ غَيْرِهِ فَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِ الْغَيْرِ؛ مَثَلًا مَفْهُومُ الِابْتِدَاءِ مَفْهُومٌ إضَافِيٌّ فَإِذَا اعْتَبَرْت الِابْتِدَاءَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْغَيْرِ يَكُونُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ اسْمًا إنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِأَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ مِثْلُ ابْتِدَاءٍ وَمُبْتَدَأٍ وَإِنْ كَانَ مُقْتَرِنًا بِأَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ مِثْلُ ابْتَدَأَ وَيَبْتَدِئُ وَابْتَدِئْ فَهُوَ فِعْلٌ وَإِذَا اعْتَبَرْته مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ابْتِدَاءٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحَلِّ الْمَخْرُوجِ عَنْهُ فَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ حَرْفٌ مِثْلُ " مِنْ " نَحْوُ خَرَجْت مِنْ الْبَصْرَةِ (أَوْ يَسْتَقِلُّ) اللَّفْظُ (بِالدَّلَالَةِ) عَلَى مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةٍ إلَيْهِ (لِعَدَمِ ذَلِكَ) أَيْ وَضْعِهِ لِمَعْنًى جُزْئِيٍّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَلْحُوظٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ خَاصَّيْنِ.

وَحِينَئِذٍ (فَإِمَّا لَا يَكُونُ مَعْنَاهُ حَدَثًا مُقَيَّدًا بِأَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ) الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ (بِهَيْئَةٍ) خَاصَّةٍ لِلَّفْظِ لِعَدَمِ وَضْعِهِ لَهُ بَلْ لِوَضْعِهِ لِمَعْنًى غَيْرِ مُقْتَرِنٍ بِأَحَدِهَا (فَهُوَ الِاسْمُ كَالِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ فَالْكَافُ وَعَنْ وَعَلَى حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا (مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ لَهُ وُضِعَ لِلْمَعْنَى الْكُلِّيِّ) وَهُوَ الْمِثْلُ (يُسْتَعْمَلُ فِيهِ اسْمًا كَبِكَابْنِ الْمَاءِ) فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقِيسِ

وَرُحْنَا بِكَابِنِ الْمَاءِ يُجْنَبُ وَسْطَنَا ... تُصَوَّبُ فِيهِ الْعَيْنُ طَوْرًا وَتَرْتَقِي

فَالْكَافُ فِيهِ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ بِشَهَادَةِ دُخُولِ الْجَارِ عَلَيْهَا أَيْ بِفَرَسٍ مِثْلِ ابْنِ الْمَاءِ، وَهُوَ الْكُرْكِيُّ شَبَّهَ بِهِ فَرَسَهُ فِي خِفَّتِهِ وَطُولِ عُنُقِهِ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ اسْمًا إلَّا فِي الشِّعْرِ كَمَا هُوَ مَعْزُوٌّ إلَى سِيبَوَيْهِ وَالْمُحَقِّقِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>