(فِي الِاسْتِعَاذَةِ وَلَمْ تُكْتَبْ) فِي الْمُصْحَفِ.
(وَالْأَحَقُّ أَنَّهَا) أَيْ التَّسْمِيَةُ فِي مَحَالِّهَا (مِنْهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (لِتَوَاتُرِهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمُصْحَفِ (وَهُوَ) أَيْ تَوَاتُرُهَا فِيهِ (دَلِيلُ كَوْنِهَا قُرْآنًا عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ لُزُومَ تَوَاتُرِ كَوْنِهَا قُرْآنًا فِي) ثُبُوتِ (الْقُرْآنِيَّةِ) لَهَا فِي مَحَالِّهَا (بَلْ) الشَّرْطُ فِيمَا هُوَ قُرْآنٌ (التَّوَاتُرُ فِي مَحَلِّهِ) مِنْ الْقُرْآنِ (فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ كَوْنُهُ) أَيْ مَا هُوَ قُرْآنٌ (فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي التَّسْمِيَةِ (وَعَنْهُ) أَيْ: الِاشْتِرَاطُ فِيمَا هُوَ قُرْآنٌ تَوَاتُرُهُ فِي مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ كَوْنُهُ فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ (لَزِمَ قُرْآنِيَّةُ الْمُكَرَّرَاتِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٣] (وَتَعَدُّدُهَا) أَيْ الْمُكَرَّرَاتِ فِي مَحَالِّهَا (قُرْآنًا) لِتَوَاتُرِهَا فِي مَحَالِّهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إسْقَاطُهَا (وَعَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ تَعَدُّدِ مَا هُوَ قُرْآنٌ (فِيمَا تَوَاتَرَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَامْتَنَعَ جَعْلُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُتَوَاتِرِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ (مِنْهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَحَلِّهِ مَثَلًا لَوْ كَتَبَ {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: ١٠] بَيْنَ آيَتَيْنِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قُرْآنًا (ثُمَّ الْحَنَفِيَّةُ) الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ (آيَةٌ وَاحِدَةٌ مُنَزَّلَةٌ يُفْتَتَحُ بِهَا السُّوَرُ) لِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا يَعْرِفُ انْقِضَاءَ السُّورَةِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ مَعَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ حَمِدَنِي عَبْدِي» الْحَدِيثَ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي مَبْدَأِ الْوَحْيِ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: ٢] {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: ٣] » إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا جَرَمَ إنْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ لَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَلَا فِي آخِرِهَا فَيَكُونُ الْقُرْآنُ مِائَةً وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً وَآيَةً وَاحِدَةً لَا مَحَلَّ لَهَا بِخُصُوصِهَا (وَالشَّافِعِيَّةُ) عَلَى أَنَّهَا (آيَاتٌ فِي السُّوَرِ) أَيْ آيَةٌ كَامِلَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةِ وَبَرَاءَةٍ فَإِنَّهَا آيَةٌ كَامِلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ بِلَا خِلَافٍ وَلَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ بَرَاءَةٍ بِلَا خِلَافٍ.
(وَتَرْكُ نِصْفِ الْقُرَّاءِ) أَيْ ابْنِ عَامِرٍ وَنَافِعٍ وَأَبِي عُمَرَ وَلَهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مُطْلَقًا وَحَمْزَةَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ (تَوَاتَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهَا) فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ مُتَوَاتِرٌ (وَلَا مَعْنَى عِنْدَ قَصْدِ قِرَاءَةِ سُورَةٍ أَنْ يَتْرُكَ أَوَّلَهَا لَوْ لَمْ يَحُثَّ عَلَى أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ عَلَى نَحْوِهَا) فَكَيْفَ وَقَدْ حَثَّ عَلَيْهِ (وَتَوَاتُرُ قِرَاءَتِهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ (عَنْهُ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِقِرَاءَةِ الْآخَرِينَ) مِنْ الْقُرَّاءِ لَهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ (لَا يَسْتَلْزِمُهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ (مِنْهَا) أَيْ السُّوَرِ (لِتَجْوِيزِهِ) أَيْ كَوْنِ قِرَاءَتِهَا فِيهَا (لِلِافْتِتَاحِ) بِهَا تَبَرُّكًا هَذَا وَفِي الْمُجْتَبَى قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَفِي شَرْحِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَأَكْثَرُهُمْ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْهَا وَبِهَا تَصِيرُ سَبْعَ آيَاتٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ لَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ لَيْسَتْ مِنْهَا إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ الْكَرْخِيَّ حَكَى مَذْهَبَهُمْ فِي تَرْكِ الْجَهْرِ بِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنْهَا عِنْدَهُمْ وَإِلَّا لَجَهَرَ بِهَا كَمَا جَهَرَ بِسَائِرِ آيِ السُّوَرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(وَمَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ إنْكَارِ) كَوْنِ (الْمُعَوِّذَتَيْنِ) مِنْ الْقُرْآنِ (لَمْ يَصِحَّ) عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّرْطُوسِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ ثَبَتَ خُلُوُّ مُصْحَفِهِ) مِنْهُمَا (لَمْ يَلْزَمْ) أَنْ يَكُونَ خُلُوُّهُ مِنْهُمَا (لِإِنْكَارِهِ) أَيْ ابْنِ مَسْعُودٍ قُرْآنِيَّتَهُمَا (لِجَوَازِهِ) أَيْ خُلُوِّهِ مِنْهُمَا (لِغَايَةِ ظُهُورِهِمَا) لِحُصُولِ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ بِكَوْنِهِمَا مِنْ الْقُرْآنِ لِتَوَاتُرِهِمَا وَإِعْجَازِهِمَا ثُمَّ حِفْظِ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمَا (أَوْ لِأَنَّ السُّنَّةَ عِنْدَهُ) أَيْ ابْنِ مَسْعُودٍ (أَنْ لَا يَكْتُبَ مِنْهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (إلَّا مَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَتْبِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ
[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ هَلْ هِيَ حُجَّةٌ]
(مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَنَا مَنْقُولٌ عَدْلٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا مُتَيَقِّنُ الْخَطَأِ قُلْنَا فِي قُرْآنِيَّتِهِ لَا خَبَرِيَّتِهِ مُطْلَقًا وَانْتِفَاءُ الْأَخَصِّ) أَيْ الْقُرْآنِيَّةِ (لَا يَنْفِي الْأَعَمَّ) أَيْ الْخَبَرِيَّةَ مُطْلَقًا (فَكَمَا لِأَخْبَارِ الْآحَادِ) فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهَا مِنْهَا (وَمَنَعَهُمْ) أَيْ مَانِعِي حُجِّيَّتِهَا (الْحَصْرُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute