للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ عَدَمِ الِاطِّرَادِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: الْمَجَازُ فِي النِّسْبَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالتَّمْثِيلِ هُنَا (فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي) الْمَجَازِ (اللُّغَوِيِّ لَا الْعَقْلِيِّ) وَالْمَجَازُ فِي النِّسْبَةِ عَقْلِيٌّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة كَوْنُ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ]

(مَسْأَلَةٌ إذَا لَزِمَ) كَوْنُ اللَّفْظِ (مُشْتَرَكًا) بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَكَانَ (مَجَازًا) فِي أَحَدِهِمَا لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ وُضِعَ لِمَعْنًى ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي آخَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ حَتَّى دَارَ بَيْنَ لُزُومِ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِ أَيْضًا فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا أَوْ غَيْرَ مَوْضُوعٍ لَهُ فَيَكُونُ مَجَازًا (لَزِمَ الْمَجَازُ) أَيْ كَوْنُهُ مَجَازًا فِيمَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ كَوْنُهُ مَجَازًا فِيهِ (لَا يُخِلُّ بِالْحُكْمِ) بِمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْهُ (إذْ هُوَ) أَيْ الْحُكْمُ (عِنْدَ عَدَمِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجَازِيَّ (بِالْحَقِيقِيِّ وَمَعَهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجَازِيَّ (بِالْمَجَازِيِّ أَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَلَا) يُحْكَمُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَعْنًى مُعَيَّنٌ مِنْ مَعْنَيَيْهِ (إلَّا مَعَهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الْمُطَابِقَةِ) فَإِنَّ عَدَمَ الْحُكْمِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَعْنًى مُعَيَّنٌ مِنْ مَعْنَيَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَتِهِ لَا يُوجِبُ الْخَلَلَ بِالْحُكْمِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى الْمُشْتَرَكَ عَامًّا اسْتِغْرَاقِيًّا فِي مَفَاهِيمِهِ أَوْ يَرَاهُ وَالْمَعْنَيَانِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فَظَاهِرٌ لِانْتِفَائِهِ حِينَئِذٍ حَتَّى يَظْهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مُجْمَلًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجْعَل التَّوَقُّفُ عَيْنَ الْخَلَلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَاهُ عَامًّا فِيهَا وَكَانَتْ مِمَّا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهَا فَلِحَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِهَا لِظُهُورِهَا فِيهِ عِنْدَهُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْمُرَجِّحِينَ لِلْحَمْلِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ (يَحْتَاجُ) الْمُشْتَرَكُ (إلَى قَرِينَتَيْنِ) بِحَسَبِ مَعْنَيَيْهِ (بِخِلَافِ الْمَجَازِ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى وَاحِدَةٍ فَبَعُدَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى عَدَمِ تَعْمِيمِهِ فِي مَفَاهِيمِهِ (لَيْسَ بِشَيْءٍ) مُقْتَضٍ لِتَرْجِيحِهِ عَلَى الْمَجَازِ لِتَسَلُّطِ الْمَنْعِ عَلَى احْتِيَاجِ الِاشْتِرَاكِ إلَى قَرِينَتَيْنِ فِي كُلِّ اسْتِعْمَالٍ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ فَيَكْفِي قَرِينَتُهُ وَأَمَّا اقْتِضَاءُ الْمَعْنَى الْآخَرِ قَرِينَةً أُخْرَى فَإِنَّمَا هُوَ فِي اسْتِعْمَالٍ آخَرَ (بَلْ كُلٌّ) مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازِ (فِي الْمَادَّةِ) الِاسْتِعْمَالِيَّة (يَحْتَاجُ) فِي إفَادَةِ مَا هُوَ الْمُرَادُ بِهِ (إلَى قَرِينَةٍ وَتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ فِي الْمُشْتَرَكِ (لِتَعَدُّدِهِ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ (عَلَى الْبَدَلِ كَتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ فِي اللَّفْظِ الْوَاحِدِ الْمَجَازِ (لِتَعَدُّدِ) الْمَعَانِي (الْمَجَازِيَّاتُ كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِ فَهُمَا سِيَّانِ فِي هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الِاحْتِيَاجِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرِينَةَ الْمُشْتَرَكِ لِتَعْيِينِ الدَّلَالَةِ وَقَرِينَةَ الْمَجَازِ لِنَفْسِ الدَّلَالَةِ فَكَمَا لَا يُقَالُ فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي كُلٍّ مِنْ مَعْنَيَيْهِ الْمَجَازِيَّيْنِ فِي حَالَتَيْنِ إنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى قَرِينَتَيْنِ فِي إفَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَطْ لَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا ثُمَّ أَشَارَ إلَى تَوْجِيهٍ عَسَاهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ تَصْحِيحًا لَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ

فَقَالَ: (وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ لُزُومُ الِاحْتِيَاجِ) إلَى قَرِينَتَيْنِ (دَائِمًا عَلَى تَقْدِيرِ الِاشْتِرَاكِ دُونَ الْمَجَازِ) إحْدَاهُمَا (لِتَعْيِينِ الْمُرَادِ) بِهِ وَالْأُخْرَى كَمَا قَالَ (وَنَفْيِ الْآخَرِ) أَيْ لِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْآخَرُ هُوَ الْمُرَادُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَجَازُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ عَنْ الْحَقِيقِيِّ إلَيْهِ لَا غَيْرُ، غَايَتُهَا أَنَّهَا تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْمَعَانِي الْمَجَازِيَّةِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ (وَهَذَا) أَيْ احْتِيَاجُ الْمُشْتَرَكِ إلَى قَرِينَتَيْنِ (عَلَى مُعَمَّمِهِ فِي حَالَةِ عَدَمِ التَّعْمِيمِ) لِمَانِعٍ مِنْ التَّعْمِيمِ لِتَدُلَّ إحْدَاهُمَا عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَالْأُخْرَى عَلَى عَدَمِ التَّعْمِيمِ (وَالْمَجَازُ كَذَلِكَ عَلَى الْجَمْعِ) أَيْ يَلْزَمُ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا إلَى قَرِينَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِإِرَادَةِ الْمُرَادِ بِهِ وَالْأُخْرَى لِنَفْيِ الْحَقِيقِيِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَتَرَجَّحُ الْمَجَازُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ

نَعَمْ يَتَرَجَّحُ عَلَى قَوْلِ الْمَانِعِ مِنْهُ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِهِ إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ مُرَادٌ كَفَى إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مَعَ الْحَقِيقِيِّ أَيْضًا (وَأَبْلَغُ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ (وَإِطْلَاقُهُ) أَيْ أَنَّ الْمَجَازَ دَائِمًا أَبْلَغُ (بِلَا مُوجِبٍ لِأَنَّهُ) أَيْ كَوْنَهُ أَبْلَغُ (مِنْ الْبَلَاغَةِ) مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ وَهُوَ ظَاهِرُ حِكَايَةِ السَّكَّاكِيِّ لَهُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَاغَةِ (مَمْنُوعٌ) وَكَيْفَ لَا (وَصَرَّحَ بِأَبْلَغِيَّةِ الْحَقِيقَةِ) مِنْ الْمَجَازِ (فِي مَقَامِ الْإِجْمَالِ) مُطْلَقًا لِدَاعٍ دَعَا إلَيْهِ مِنْ إبْهَامٍ عَلَى السَّامِعِ كَلِيَ عَيْنٌ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ أَوَّلًا ثُمَّ التَّفْصِيلُ ثَانِيًا لِأَنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ مُجْمَلًا ثُمَّ مُفَصَّلًا أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ (فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْمُطَابِقُ لِمُقْتَضَى الْحَالِ بِخِلَافِ الْمَجَازِ) فَإِنَّ اللَّفْظَ مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَمَعَهَا عَلَى الْمَجَازِ فَلَا إجْمَالَ (وَبِمَعْنَى تَأْكِيدِ إثْبَاتِ الْمَعْنَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ الْبَلَاغَةِ أَيْ وَلِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>