للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ]

(فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ) وَأَشَارَ إلَى وَجْهِ ذِكْرِهِ بَعْدَ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِقَوْلِهِ (وَغَالِبُهُ فِي الْآحَادِ) وَ (هُوَ) أَيْ التَّعَارُضُ لُغَةً (التَّمَانُعُ) عَلَى سَبِيلِ التَّقَابُلِ تَقُولُ: عَرَضَ لِي كَذَا إذَا اسْتَقْبَلَكَ مَا يَمْنَعُك مِمَّا قَصَدْته، وَمِنْهُ سُمِّيَ السَّحَابُ عَارِضًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ شُعَاعَ الشَّمْسِ وَحَرَارَتَهَا مِنْ الِاتِّصَالِ بِالْأَرْضِ (وَفِي الِاصْطِلَاحِ اقْتِضَاءُ كُلٍّ مِنْ دَلِيلَيْنِ عَدَمُ مُقْتَضَى الْآخَرِ) وَفِيهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فَعَلَى مَا قِيلَ) وَالْقَائِلُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا كَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَأَتْبَاعِهِ (لَا يَتَحَقَّقُ) التَّعَارُضُ (إلَّا مَعَ الْوَحَدَاتِ) الثَّمَانِ وَحِدَةُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَبِهِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْإِضَافَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْفِعْلِ وَالشَّرْطِ وَقِيلَ التِّسْعُ وَالتَّاسِعَةُ وَحِدَةُ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ كَمَا عُرِفَ فِي الْمَنْطِقِ وَرُدَّتْ إلَى الْإِضَافَةِ وَالْجَمِيعُ إلَى وَحْدَتَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَبِهِ وَإِلَى وَحْدَةِ النِّسْبَةِ الْحُكْمِيَّةِ كَمَا عُرِفَ فِي الْمَنْطِقِ أَيْضًا فَالتَّعَارُضُ (لَا يَتَحَقَّقُ فِي) الْأَحْكَامِ (الشَّرْعِيَّةِ لِلتَّنَاقُضِ) حِينَئِذٍ وَالشَّارِعُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ لِكَوْنِهِ أَمَارَةَ الْعَجْزِ (وَمَتَى تَعَارَضَا) أَيْ الدَّلِيلَانِ (فَيُرَجَّحُ) أَحَدُهُمَا إذَا وُجِدَ الْمُرَجِّحُ لَهُ (أَوْ يُجْمَعُ) بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَحْمَلٍ بِطَرِيقَةٍ يَتَحَقَّقُ (مَعْنَاهُ) أَيْ التَّعَارُضِ (ظَاهِرًا) أَيْ يَكُونُ التَّعَارُضُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرَ اقْتِضَاءِ الدَّلِيلَيْنِ (لِجَهْلِنَا) بِالْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا (لَا) حَقِيقَتِهِ (فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْبَدِيعِ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ هَذَا هُوَ (الْحَقُّ) فَيُفَرَّعُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَلَا تُعْتَبَرُ) الْوَحَدَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَوَّبَ لَهُ صُورَةُ الْمُعَارَضَةِ لَا حَقِيقَتُهَا لِاسْتِحَالَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>