للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَعِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا قَصَدَهُ الْمُتَكَلِّمُ وَاحْتَمَلَهُ اللَّفْظُ بِحَسَبِ الْقَرِينَةِ إنْ عَامًّا فَعَامٌّ وَإِنْ خَاصًّا فَخَاصٌّ

(وَلَا) تَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةُ أَيْضًا (بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَاضِعِ بِأَنْ اشْتَرَطَ فِي اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَجَازِ (تَعَذُّرَهَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ (لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْفِي الْعُمُومَ (وَلِأَنَّ الْعُمُومَ لِلْحَقِيقَةِ بِاعْتِبَارِ شُمُولِ الْمُرَادِ) بِاللَّفْظِ (بِمُوجِبِهِ) أَيْ الشُّمُولِ مِنْ أَسْبَابٍ زَائِدَةٍ عَلَى ذَاتِهَا كَأَدَاةِ التَّعْرِيفِ وَوُقُوعِهَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ (لَا) بِاعْتِبَارِ (ذَاتِهَا) أَيْ لَيْسَ الْعُمُومُ ذَاتِيًّا لِلْحَقِيقَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْهَا إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا انْفَكَّ عَنْهَا لِأَنَّ مُوجِبَ الذَّاتِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا فَكَانَتْ لَا تُوجَدُ إلَّا عَامَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِذَا وُجِدْت فِي الْمَجَازِ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْعُمُومِ فِي الْحَقِيقَةِ كَانَ عَامًّا أَيْضًا لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ الْمَانِعِ (قِيلَ) أَيْ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: (وَلَا يَتَأَتَّى نِزَاعٌ لِأَحَدٍ فِي صِحَّةِ قَوْلِنَا جَاءَنِي الْأُسُودُ الرُّمَاةُ إلَّا زَيْدًا لَكِنَّ الْوَاجِدَ) لِلْخِلَافِ (مُقَدَّمٌ) عَلَى نَافِيهِ لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ النَّافِي عَامَّةَ الْمَحَالِّ (وَانْدَرَجَ الْوَجْهُ) لِعُمُومِ الْمَجَازِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ (وَلَزِمَتْ الْمُعَارَضَةُ) بَيْنَ عِلِّيَّةِ وَصْفِ الطَّعْمِ وَكَوْنِهِ يُكَالُ وَيَتَرَجَّحُ الْأَعَمُّ وَهُوَ كَوْنُهُ يُكَالُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الطَّعْمِ لِتَعَدِّيهِ إلَى مَا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ تَرْجِيحِ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة اسْتِعْمَالُ اللَّفْظَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ]

(مَسْأَلَةُ الْحَنَفِيَّةِ وَفُنُونِ الْعَرَبِيَّةِ) أَيْ عَامَّةُ أَهْلِ الْأَدَبِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ (وَجَمْعٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ) مِنْهُمْ أَبُو هَاشِمٍ (لَا يَسْتَعْمِلُ) اللَّفْظَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ (مَقْصُودَيْنِ بِالْحُكْمِ) فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَفِي الْكِنَايَةِ الْبَيَانِيَّةِ) إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْهِ (لِيَنْتَقِلَ مِنْ الْحَقِيقِيِّ الْوَاقِعِ بَيْنَهُ إلَى الْمَجَازِيِّ) كَقَوْلِهِمْ كِنَايَةً عَنْ طَوِيلِ الْقَامَةِ طَوِيلِ النِّجَادِ فَمَنَاطُ الْحُكْمِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ اللَّفْظُ فِيهَا مُرَادًا بِهِ كِلَاهُمَا مَقْصُودَيْنِ بِالْحُكْمِ (وَأَجَازَهُ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (الشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ) كَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ (مُطْلَقًا إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا (كَافْعَلْ أَمْرًا وَتَهْدِيدًا) لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَقْتَضِي الْفِعْلَ وَالتَّهْدِيدَ يَقْتَضِي التَّرْكَ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَالْغَزَالِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ يَصِحُّ) اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا (عَقْلًا لَا لُغَةً) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا فِي غَيْرِ الْمُفْرَدِ) أَيْ مَا لَيْسَ بِمَثْنًى وَلَا مَجْمُوعٍ (فَيَصِحُّ لُغَةً) أَيْضًا (لِتَضَمُّنِهِ) أَيْ غَيْرُ الْمُفْرَدِ (الْمُتَعَدِّدَ فَكُلُّ لَفْظٍ لِمَعْنًى وَقَدْ ثَبَتَ الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَالْخَالُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ) فَأُرِيدَ بِأَحَدِ اللِّسَانَيْنِ الْقَلَمُ وَهُوَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِلِّسَانِ وَبِاللِّسَانِ الْآخَرِ الْجَارِحَةُ وَهُوَ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ لَهُ وَبِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ الْخَالُ وَهُوَ مَعْنَى مَجَازِيٌّ لِلْأَبِ وَبِالْآخِرِ مِنْ وَلَدِهِ وَهُوَ مَعْنَى حَقِيقِيٌّ لَهُ (وَالتَّعْمِيمُ فِي الْمَجَازِيَّةِ) أَيْ وَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعَانِيه الْمَجَازِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (قِيلَ) أَيْ قَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ (عَلَى الْخِلَافِ كَلَا أَشْتَرِي بِشِرَاءِ الْوَكِيلِ وَالسَّوْمِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِقَوْلِهِ لَا أَشْتَرِي (وَالْمُحَقِّقُونَ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ) فَعَلَى هَذَا يُحْكَمُ بِخَطَأِ مَنْ قَالَ: لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ شِرَاءَ الْوَكِيلِ وَالسَّوْمِ (وَلَا) خِلَافَ أَيْضًا (فِيهِ) أَيْ فِي مَنْعِ تَعْمِيمِهِ فِي الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ) بِحَيْثُ يَكُونُ اللَّفْظُ بِحَسَبِ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا (وَلَا) خِلَافَ أَيْضًا (فِي جَوَازِهِ) أَيْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ (فِي مَجَازِيٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْحَقِيقِيُّ) وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ (لَنَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي صِحَّتِهِ عَقْلًا (صِحَّةُ إرَادَةِ مُتَعَدِّدٍ بِهِ قَطْعًا) لِلْإِمْكَانِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ اللَّفْظِ مَوْضُوعًا (لِبَعْضِهَا) أَيْ الْمَعَانِي وَهُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ دُونَ الْبَعْضِ (لَا يُمْنَعُ عَقْلًا إرَادَةُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْبَعْضِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ (بَعْدَ صِحَّةِ طَرِيقِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ (إذْ حَاصِلُهُ نَصْبُ مَا يُوجِبُ الِانْتِقَالَ مِنْ لَفْظٍ بِوَضْعٍ وَقَرِينَةٍ)

وَمَا قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَوْجِيهِ الذِّهْنِ إلَى أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً وَالْآخَرِ مَجَازًا وَكُلُّ مِنْهُمَا قَضِيَّةٌ وَالذِّهْنُ لَا يَتَوَجَّهُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى حُكْمَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَإِنَّمَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ تَوْجِيهُ الذِّهْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةِ إلَى تَصَوُّرَيْنِ مَمْنُوعٌ (فَقَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) بَلْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْهُمْ (يَسْتَحِيلُ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (كَالثَّوْبِ) الْوَاحِدِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى اللَّابِسِ الْوَاحِدِ (مِلْكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>