جُزْئِيَّتَهُ بِالنَّظَرِ إلَى حَقِيقَتِهِ الْمَانِعَةِ مِنْ الشَّرِكَةِ (بِخِلَافِ) الْجُزْئِيِّ (الْإِضَافِيِّ كُلُّ أَخَصَّ تَحْتَ أَعَمَّ) كَالْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرُ مَعْنَاهُ شَرِكَةَ غَيْرِهِ فِيهِ وَسُمِّيَ هَذَا جُزْئِيًّا أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِضَافِيًّا لِأَنَّ جُزْئِيَّتَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ أَخَصَّ تَحْتَ أَعَمَّ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِ الْإِضَافِيِّ يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ تَعْرِيفٌ لَهُ لَا تَعْرِيفُهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ الْجُزْئِيُّ الْإِضَافِيُّ أَعَمُّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُلِّيَّيْنِ الْعُمُومُ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِ الْجُزْئِيِّ الْإِضَافِيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ الْحَقِيقِيِّ بِدُونِهِمَا وَصِدْقِهِمَا بِدُونِهِ فِي الْمَفْهُومَاتِ الشَّامِلَةِ وَتَصَادُقِ الْكُلِّيِّ عَلَى الْكُلِّيَّاتِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَبَيْنَ الْجُزْئِيِّ الْحَقِيقِيِّ وَبَيْنَهُمَا الْمُبَايَنَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
(وَالْكُلِّيُّ إنْ تَسَاوَى أَفْرَادُ مَفْهُومِهِ فِيهِ) أَيْ فِي مَفْهُومِهِ (فَمُتَوَاطِئٌ) مِنْ التَّوَاطُؤِ وَهُوَ التَّوَافُقُ لِتَوَافُقِ أَفْرَادِ مَعْنَاهُ فِيهِ (كَالْإِنْسَانِ أَوْ تَفَاوَتَتْ) أَفْرَادُ مَفْهُومِهِ فِيهِ (بِشِدَّةٍ وَضَعْفٍ كَالْأَبْيَضِ) فَإِنَّ اللَّوْنَ الْمُفَرِّقَ لِلْبَصَرِ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ فِي الثَّلْجِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْعَاجِ (وَالْمُسْتَحَبِّ) فَإِنَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ دَلِيلُ نَدْبٍ يَخُصُّهُ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ مَنْ بِعَرَفَاتٍ مِنْ الْحَاجِّ أَقْوَى مِنْهُ فِي صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَأَبْلَغُ ثَوَابًا (فَمُشَكِّكٌ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ (لِلتَّرَدُّدِ فِي وَضْعِهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ مُوجِبًا لِلنَّاظِرِ التَّرَدُّدَ فِي أَنَّ وَضْعَ لَفْظِهِ (لِلْخُصُوصِيَّاتِ) أَيْ لِأَصْلِ الْمَعْنَى مَعَ الشِّدَّةِ فِي الْبَعْضِ وَالضَّعْفِ فِي الْبَعْضِ (فَمُشْتَرَكٌ) لَفْظِيٌّ بَيْنَهُمَا ضَرُورَةَ أَنَّ الْبَيَاضَ الْمَأْخُوذَ مَعَ خُصُوصِيَّةِ الشِّدَّةِ مَثَلًا مَعْنًى، وَالْمَأْخُوذَ مَعَ خُصُوصِيَّةِ الضَّعْفِ مَعْنًى آخَرُ وَالْفَرْضُ أَنَّ تِلْكَ الْخُصُوصِيَّاتِ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى لَفْظِ الْبَيَاضِ (أَوْ) وَضْعُهُ (لِلْمُشْتَرَكِ) أَيْ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَهُمَا (فَمُتَوَاطِئٌ وَلِهَذَا) بِعَيْنِهِ.
(قِيلَ بِنَفْيِهِ) أَيْ التَّشْكِيكِ (لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَحَدُهُمَا) وَهُوَ أَنَّ التَّفَاوُتَ مَأْخُوذٌ فِي الْمَاهِيَّةِ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَلَا اشْتِرَاكَ مَعْنًى لِاخْتِلَافِ الْمَاهِيَّةِ حِينَئِذٍ أَوْ غَيْرُ مَأْخُوذٍ فِيهَا فَلَا تَفَاوُتَ فَيَكُونُ مُتَوَاطِئًا (وَالْجَوَابُ أَنَّ الِاصْطِلَاحَ عَلَى تَسْمِيَةٍ مُتَفَاوِتٌ) بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ فِي أَفْرَادِهِ بِاعْتِبَارِ حُصُولِهِ فِيهَا وَصِدْقِهِ عَلَيْهَا (بِهِ) أَيْ بِالْمُشَكِّكِ (وَالتَّفَاوُتُ وَاقِعٌ فَكَيْفَ يُنْفَى) الْمُشَكِّكُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ قِيلَ) يُنْفَى الْمُشَكِّكُ (بِنَفْيِ مُسَمَّاهُ فَإِنَّ مَا بِهِ) التَّفَاوُتُ (كَخُصُوصِيَّةِ الثَّلْجِ) وَهِيَ شِدَّةُ تَفْرِيقِهِ لِلْبَصَرِ (إنْ أُخِذَتْ فِي مَفْهُومِهِ) أَيْ الْمُشَكِّكِ (فَلَا شَرِكَةَ) لِغَيْرِهِ مَعَهُ فِيهِ (فَلَا تَفَاوُتَ وَلَزِمَ الِاشْتِرَاكُ) اللَّفْظِيُّ كَمَا بَيَّنَّا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا بِهِ التَّفَاوُتُ غَيْرَ مَأْخُوذٍ فِي مَفْهُومِهِ (فَلَا تَفَاوُتَ) لِأَفْرَادِهِ فِي مَفْهُومِهِ (وَلَزِمَ التَّوَاطُؤُ قُلْنَا مَا بِهِ) التَّفَاوُتُ (مُعْتَبَرٌ فِيمَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ الْخُصُوصِيَّةِ لَا فِي نَفْسِهِ) أَيْ الْمَفْهُومِ الَّذِي وُضِعَ لَهُ الِاسْمُ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ آنِفًا.
(وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ كُلَّ خُصُوصِيَّةٍ مَعَ الْمَفْهُومِ نَوْعٌ) كَمَا أَسْلَفْنَاهُ (وَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ مُسَمَّى الْمُشَكِّكِ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ لَا يَكُونُ إلَّا جِنْسًا وَمَا بِهِ التَّفَاوُتُ فُصُولٌ تُحَصِّلُهُ) أَيْ الْجِنْسَ (أَنْوَاعًا فَمِنْ الْمَاهِيَّاتِ الْجِنْسِيَّةِ مَا فُصُولُ أَنْوَاعِهَا مَقَادِيرُ مِنْ الشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ وَذَلِكَ) أَيْ مَا فُصُولُ أَنْوَاعِهِ الْمَقَادِيرُ الْمَذْكُورَةُ وَاقِعٌ (فِي مَاهِيَّاتِ الْأَعْرَاضِ وَلِذَا يَقُولُونَ الْمَقُولُ بِالتَّشْكِيكِ) عَلَى أَشْيَاءَ عَارِضٌ لَهَا (خَارِجٌ) عَنْهَا لَا مَاهِيَّةَ لَهَا وَلَا جُزْءَ مَاهِيَّةٍ لِامْتِنَاعِ اخْتِلَافِهِمَا (وَمِنْهَا خِلَافُهُ) أَيْ وَمِنْ الْمَاهِيَّاتِ الْجِنْسِيَّةِ الْعَرَضِيَّةِ مَا لَيْسَ فُصُولُهَا مَقَادِيرَ مِنْهَا كَفَصْلِ نَفْسِ مَاهِيَّةِ الْمُشَكِّكِ الَّذِي يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ مُشَكِّكٍ آخَرَ هُوَ جِنْسٌ يَنْدَرِجُ مَعَهُ تَحْتَ جِنْسٍ أَعَمَّ كَفَصْلِ نَفْسِ السَّوَادِ الَّذِي يُمَيِّزُهُ عَنْ الْبَيَاضِ وَعَكْسِهِ وَهُوَ قَوْلُنَا: قَابِضٌ لِلْبَصَرِ فِي السَّوَادِ وَمُفَرِّقٌ لِلْبَصَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute