للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَلِيلِهِ يَكُونُ بِصِحَّةِ مُقَدِّمَاتِهِ لِيَصْلُحَ لِلشَّهَادَةِ وَبِسَلَامَتِهِ عَنْ الْمُعَارِضِ لِتَنْفُذَ شَهَادَتُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَغَرَضُ الْمُعْتَرِضِ مِنْ عَدَمِ إثْبَاتِهِ بِهِ بِهَدْمِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ بِالْقَدْحِ فِي صِحَّةِ الدَّلِيلِ بِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ مِنْهُ أَوْ بِمُعَارَضَتِهِ بِمَا يُقَاوِمُهَا وَيَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِهَا وَمَا لَا يَكُونُ مِنْ الْقَبِيلَيْنِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَقْصُودِ الِاعْتِرَاضِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَمَشَى السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْمَنْعِ وَحْدَهُ مُوَافَقَةً لِبَعْضِ الْجَدَلِيِّينَ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ مَنْعُ الْعِلَّةِ عَنْ الْجَرَيَانِ (أَوَّلُهَا) أَيْ الْأَسْئِلَةِ وَطَلِيعَتُهَا (الِاسْتِفْسَارُ) وَهُوَ طَلَبُ بَيَانِ مَعْنَى اللَّفْظِ (وَلَا يَخْتَصُّ) الْقِيَاسُ (بِهِ) بَلْ هُوَ جَارٍ فِي كُلِّ خَفِيِّ الْمُرَادِ وَهُوَ (مُتَّفَقٌ) عَلَيْهِ (وَلَمْ تَذْكُرْهُ الْحَنَفِيَّةُ لِثُبُوتِهِ بِالضَّرُورَةِ) إذْ بِالضَّرُورَةِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا لَمْ يَفْهَمْهُ الْمُخَاطَبُ يُسْتَفْسَرُ عَنْهُ.

(وَإِنَّمَا يَسْمَعُ فِي لَفْظٍ يُخْفَى مُرَادُهُ) وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الْقَاضِي مَا تَمَكَّنَ فِيهِ الِاسْتِبْهَامُ حَسُنَ فِيهِ الِاسْتِفْهَامُ (وَإِلَّا) لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ ظَاهِرًا (فَتَعَنُّتٌ) أَيْ فَالِاسْتِفْسَارُ تَعَنُّتٌ (مَرْدُودٌ) لِتَفْوِيتِهِ فَائِدَةَ الْمُنَاظَرَةِ إذْ يَأْتِي فِي كُلِّ لَفْظٍ يُفَسَّرُ بِهِ لَفْظٌ وَيَتَسَلْسَلُ وَفِي الصِّحَاحِ جَاءَنِي فُلَانٌ مُتَعَنِّتًا إذَا جَاءَ بِطَلَبِ زَلَّتِك (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ (أَنْ لَا يَقْبَلَهُ) أَيْ اسْتِفْسَارَ الْمُعْتَرِضِ (حَتَّى يُبَيِّنَهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضُ خَفَاءَ الْمُرَادِ مِنْهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْخَفَاءَ (خِلَافُ الْأَصْلِ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْخَفَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَضْعُ الْأَلْفَاظِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهَا وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي خِلَافِ الْأَصْلِ (وَيَكْفِيهِ) أَيْ الْمُعْتَرِضُ فِي بَيَانِ الْخَفَاءِ (صِحَّةُ إطْلَاقِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (لِمُتَعَدِّدٍ وَلَوْ) كَانَ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَعَانِي الْمُتَعَدِّدَةِ (بِلَا تَسَاوٍ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (يُخْبِرُ بِالِاسْتِبْهَامِ عَلَيْهِ لِتِلْكَ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ إطْلَاقِهِ لِمُتَعَدِّدٍ فَيَكْفِيهِ مَا يَدْفَعُ بِهِ ظَنَّ التَّعَنُّتِ فِي حَقِّهِ وَيَصْدُقُ لِعَدَالَتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارِضِ.

(وَجَوَابُهُ) أَيْ الِاسْتِفْسَارُ (بَيَانُ ظُهُورِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (فِي مُرَادِهِ) مِنْهُ (بِالْوَضْعِ) أَيْ بِبَيَانِ وَضْعِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ الْمُرَادِ كَقَوْلِ الْمُسْتَدِلِّ لِانْتِهَاءِ حُرْمَةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بِوَطْءِ زَوْجٍ ثَانٍ شَرْعًا إذَا كَانَ قَائِلًا بِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْوَطْءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فِي جَوَابِ قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ مَا الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُقَالُ شَرْعًا عَلَى الْوَطْءِ وَالْعَقْدُ الْمُرَادُ الْوَطْءُ لِوَضْعِهِ لَهُ مَعَ عَدَمِ الْمُوجِبِ لِلْعُدُولِ عَنْهُ (أَوْ الْقَرِينَةِ) الْمُنْضَمَّةِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ قَائِلًا بِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ مُبَاشَرَتُهَا لَهُ فِي جَوَابِ الْمُعْتَرِضِ الْمَذْكُورِ الْمُرَادُ الْعَقْدُ بِقَرِينَةِ الْإِسْنَادِ إلَى الْمَرْأَةِ (أَوْ ذِكْرِ مَا أَرَادَ) بِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ بَيَانِ ظُهُورِهِ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ (بِلَا مُشَاحَّةِ تَكَلُّفِ نَقْلِ اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ فِيهِ) نَعَمْ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ يَجِبُ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ كَتَفْسِيرِ يُخْرِجُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ الثَّوْرَ لِقَائِلٍ مَا الثَّوْرُ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَقِطِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ جِنْسِ اللَّعِبِ فَيَخْرُجُ عَمَّا وُضِعَتْ لَهُ الْمُنَاظَرَةُ مِنْ إظْهَارِ الْحَقِّ فَلَا يَسْمَعُ وَقِيلَ يَسْمَعُ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ نَاظَرَهُ بِلُغَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ فَتْحَ بَابٍ لَا يَنْسَدُّ.

قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مَشْهُورًا فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا فَالْجَزْمُ تَبْكِيتُ الْمُعْتَرِضِ وَفِي مِثْلِهِ مَرَّ فَتَعَلَّمْ ثُمَّ ارْجِعْ فَتَكَلَّمْ قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ التَّوْقَادِيُّ (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُسْتَدِلِّ فِي دَفْعِ خَفَاءِ الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِهِ لِلْمُعْتَرِضِ (يَلْزَمُ ظُهُورُهُ) أَيْ اللَّفْظِ (فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فِي أَحَدِهِمَا (فَالْإِجْمَالُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْإِجْمَالُ لَهُ (وَهُوَ) أَيْ الْإِجْمَالُ (خِلَافُ الْأَصْلِ أَوْ) يَلْزَمُ ظُهُورُهُ (فِيمَا قَصَدْتَ إذْ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي الْآخَرِ) بِمُوَافَقَتِكَ إيَّايَ عَلَى ذَلِكَ (فَالْحَقُّ نَفْيُهُ) أَيْ هَذَا الدَّفْعِ كَمَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ نَفْيَهُ كَمَا عَلَيْهِ آخَرُونَ بِنَاءً عَلَى ظُهُورِ وُرُودِهِ (فَاتَ الْغَرَضُ فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (ذَكَرَ عَدَمَ فَهْمِهِ) مُرَادُ الْمُسْتَدِلِّ (فَلَمْ يُبَيَّنْ) لَهُ مُرَادُهُ (وَمِثْلُهُ) أَيْ سُؤَالُ الِاسْتِفْسَارِ فِي عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِالْقِيَاسِ (سُؤَالُ التَّقْسِيمِ) فَإِنَّهُ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ الَّتِي تَقْبَلُ الْمَنْعَ وَلِذَا عَقَّبَهُ بِهِ وَهُوَ (مَنْعُ أَحَدِ مَا تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) بِعَيْنِهِ (مَعَ تَسْلِيمِ الْآخَرِ) أَيْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَالَ كَوْنِهِ الْمَنْعَ (مُقْتَصِرًا) إنْ لَمْ يَقْرُنْ بِذِكْرِ تَسْلِيمِ الْآخَرِ بِأَنْ سَكَتَ الْمُعْتَرِضُ عَنْ ذِكْرِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا (أَوْ) قَرَنَ (بِذِكْرِهِ) أَيْ التَّسْلِيمِ لَهُ (كَفَى الصَّحِيحَ الْمُقِيمَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>