للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْخَذُ أَيْضًا (الْجَوَابُ الْمُخْتَارُ) وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَهُوَ التَّأَسِّي فِيمَا عُلِمَ وُجُوبُهُ

(قَالُوا) رَابِعًا «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي إذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعُوا أَيْ أَصْحَابُهُ نِعَالَهُمْ قَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ أَلْقَيْتُمْ نِعَالَكُمْ قَالُوا رَأَيْنَاك أَلْقَيْت فَأَلْقَيْنَا قَالَ إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا أَذًى» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ (فَأَقَرَّهُمْ عَلَى اسْتِدْلَالِهِمْ) بِفِعْلِهِ (وَبَيَّنَ سَبَبَ اخْتِصَاصِهِ بِهِ) أَيْ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ وَهُوَ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى (إذْ ذَاكَ) وَلَوْلَا وُجُوبُ الِاتِّبَاعِ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ (قُلْنَا دَلِيلُهُمْ) عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (لَا فِعْلُهُ أَوْ فَهْمُهُمْ الْقُرْبَةَ) مِنْ الْخَلْعِ وَإِلَّا لَحَرُمَ أَوْ كُرِهَ (أَوْ مَنْدُوبًا) لَا وَاجِبًا (قَالُوا) خَامِسًا (أَمَرَهُمْ) أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ (بِالْفَسْخِ) أَيْ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ (فَتَوَقَّفُوا) عَنْ الْفَسْخِ (لِعَدَمِ فَسْخِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ) أَيْ تَوَقُّفَهُمْ لِعَدَمِ فَسْخِهِ (وَبَيَّنَ مَانِعًا) مِنْ الْفَسْخِ (يَخُصُّهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَانِعُ (سَوْقُ الْهَدْيِ كَذَا ذَكَرَ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ عُمْرَةً وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ عَلَى إحْرَامِهِ وَأَنَّ النَّاسَ اسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمَنْ نَظَرَ السُّنَنَ فَعَلِمَ أَنَّهُ غَضِبَ مِنْ تَوَقُّفِهِمْ) فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ مَضَيْنَ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضْبَانُ فَقُلْت مَنْ أَغْضَبك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَشْعَرْت أَنِّي أَمَرْت النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ وَلَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَحِلَّ كَمَا أَحَلُّوا» ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ (لَمْ يَلْزَمْ) مِنْهُ أَنَّهُ غَضَب لِتَوَقُّفِهِمْ (لِعَدَمِ الْفِعْلِ) مِنْهُ (بَلْ) إنَّمَا غَضِبَ (لِكَوْنِهِ) أَيْ تَوَقُّفِهِمْ (بَعْدَ الْأَمْرِ ثُمَّ بَيَّنَ مَانِعَهُ) مِنْ الْفِعْلِ فَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُمْ لَمْ يُنْكِرْهُ

(وَأَحْسَنُ الْمَخَارِجِ لَهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (ظَنُّهُ) أَيْ الْأَمْرِ بِالْفَسْخِ (أَمْرَ إبَاحَةٍ رُخْصَةٌ تَرْفِيهًا) لَهُمْ (وَأَظْهَرُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَلَى مَا فِيهِ (أَمْرُهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ (بِالْحَلْقِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ فَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ ثُمَّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ ثُمَّ الْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ مُخَفَّفَةٌ وَمُثَقَّلَةٌ وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى التَّثْقِيلِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ مِنْ جِهَةِ جُدَّةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ (فَلَمْ يَفْعَلُوا حَتَّى حَلَقَ فَازْدَحَمُوا) كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَلَى مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا قَالَ فَوَاَللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ اُخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَك وَتَدْعُوَ حَالِقَك فَيَحْلِقَكَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضَهُمْ غَمًّا» اهـ إذْ هَذَا أَظْهَرُ فِي إفَادَةِ أَنَّ تَوَقُّفَهُمْ كَانَ لِعَدَمِ فِعْلِهِ فَلَمَّا فَعَلَ فَعَلُوا (وَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ) عَنْ هَذَا الْخَامِسِ (بِأَنَّ الْفَهْمَ) لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْ فِعْلِهِ فَقَطْ بَلْ (مِنْ) قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (خُذُوا عَنِّي) مَنَاسِكَكُمْ وَهُوَ لَمْ يَحِلَّ فَلَمْ يَحِلُّوا كَمَا أَجَابُوا بِهِ (لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَهُ بَعْدُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ حِينَ أَمْرِهِمْ بِالْفَسْخِ وَحَلْقِهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّهُ قَالَهُ وَهُوَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ قَطْعًا وَأَمَّا أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ أَمْرِهِمْ بِالْفَسْخِ فَلِأَنَّ أَمْرَهُمْ بِهِ كَانَ فِي أَوَائِلِ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ (بَلْ) الْجَوَابُ (مَا ذَكَرْنَا) وَهُوَ ظَنُّهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ أَمْرُ إبَاحَةٍ فَلَمْ يَفْعَلُوا أَخْذًا بِالْأَحْمَزِ (أَوْ بِحَلْقِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عُرِفَ حَتْمُهُ) أَيْ أَنَّهُ أَمْرُ إيجَابٍ هَذَا وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ عَنْ جَابِرٍ عَقِبَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَوْلَا أَنِّي سُقْت الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت أَلَا فَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَلَعَلَّهُ قَالَهُ مِرَارًا وَعَلَى هَذَا فَيَتِمُّ ذَلِكَ الْجَوَابُ أَيْضًا

(قَالُوا) سَادِسًا (اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ) لِقَدْرِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ (ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ) أَيْ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>