زَوْجَاتِ الْأَدْعِيَاءِ وَمَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يُزَوِّجْهُ ثَبَتَ الْحَرَجُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ وَثُبُوتُ الْحَرَجِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اتَّحَدَ حُكْمُهُمْ بِحُكْمِهِ وَلَمْ يَتَّحِدَ (وَمَا جَهِلَ وَصْفَهُ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى الْأُمَّةِ مَذَاهِبُ (فَأَبُو الْيُسْرِ) قَالَ (إنْ) كَانَ (مُعَامَلَةً فَالْإِبَاحَةُ إجْمَاعٌ وَالْخِلَافُ) إنَّمَا هُوَ (فِي الْقُرْبِ فَمَالِكٌ شُمُولَ الْوُجُوبِ) لَهُ وَلَنَا (كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْكَشْفِ (مُتَعَرِّضًا لِلْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْلِ الْكَرْخِيِّ مُبَاحٌ فِي حَقِّهِ لِلتَّيَقُّنِ) أَيْ تَيَقُّنِهَا فِي الْفِعْلِ فَوَجَبَ إثْبَاتُهَا دُونَ غَيْرِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ (وَلَيْسَ لَنَا اتِّبَاعُهُ) إلَّا بِدَلِيلٍ كَمَا سَيَأْتِي تَوْجِيهُهُ (وَقَوْلُ الْجَصَّاصِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ) وَمُتَابِعِيهِمْ (الْإِبَاحَةُ فِي حَقِّهِ وَلَنَا اتِّبَاعُهُ) مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِ (وَالْقَوْلَانِ) أَيْ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَقَوْلُ الْجَصَّاصِ وَمُوَافِقِيهِ (يُعَكِّرَانِ نَقْلَ أَبِي الْيُسْرِ) الْإِجْمَاعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْقُرْبِ وَغَيْرِهَا فَيَتَنَاوَلُ الْمُعَامَلَةَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا لَيْسَ بِمُعَامَلَةٍ بِقَرِينَةِ جَعْلِهِ قَسِيمًا لَهَا (وَخَصَّ الْمُحَقِّقُونَ الْخِلَافَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمَّةِ فَالْوُجُوبُ) وَهُوَ مَعْزُوٌّ وَفِي الْمَحْصُولِ إلَى ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْإِصْطَخْرِيِّ وَابْنِ خَيْرَانِ وَفِي الْقَوَاطِعِ إلَى مَالِكٍ وَالْكَرْخِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا (وَالنَّدْبُ) وَهُوَ مَعْزُوٌّ وَفِي الْمَحْصُولِ إلَى الشَّافِعِيِّ وَفِي الْقَوَاطِعِ إلَى الْأَكْثَرِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ والْمُعْتَزِلَةِ وَالصَّيْرَفِيِّ وَالْقَفَّالُ (وَمَا ذَكَرْنَا) أَيْ الْإِبَاحَةَ وَهُوَ مَعْزُوٌّ فِي الْمَحْصُولِ إلَى مَالِكٍ (وَالْوَقْفُ) وَهُوَ مَعْزُوٌّ فِي الْمَحْصُولِ إلَى الصَّيْرَفِيِّ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ وَفِي الْقَوَاطِعِ إلَى أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالدَّقَّاقِ وَابْنِ كَجٍّ وَفِي غَيْرِهِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ
(وَمُخْتَارُ الْآمِدِيِّ) وَابْنِ الْحَاجِبِ (إنْ ظَهَرَ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَالنَّدْبُ وَإِلَّا فَالْإِبَاحَةُ وَيَجِبُ) أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ (قَيْدًا لِقَوْلِ الْإِبَاحَةِ لِلْأُمَّةِ) وَإِلَّا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مَا هُوَ مِنْ الْقُرْبِ عَمَلُهُ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَعْلِيلِ الْإِبَاحَةِ بِالتَّيَقُّنِ (الْوُجُوبُ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] أَيْ افْعَلُوهُ فَفِعْلُهُ مِمَّا أَتَى بِهِ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ (أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا أَمَرَكُمْ) بِهِ قَوْلًا (بِقَرِينَةِ مُقَابِلِهِ وَمَا نَهَاكُمْ) لِيَتَجَاوَبَ طَرَفَا النَّظْمِ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْفَصَاحَةِ الْوَاجِبِ رِعَايَتُهَا فِي الْقُرْآنِ (قَالُوا) ثَانِيًا قَالَ تَعَالَى {فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: ١٥٣] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ
(قُلْنَا هُوَ) أَيْ الِاتِّبَاعُ (فِي الْفِعْلِ فَرْعُ الْعِلْمِ بِصِفَتِهِ) أَيْ الْفِعْلِ فِي حَقِّ الْمُتَّبِعِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الِاتِّبَاعَ فِي الْفِعْلِ (فِعْلُهُ عَلَى وَجْهِ فِعْلِهِ) الْمُتَّبَعِ (وَالْكَلَامُ فِي مَجْهُولِهَا) أَيْ الصِّفَةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاتِّبَاعُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصِفَةِ الْفِعْلِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَقَدْ مَنَعَ اعْتِبَارَ الْعِلْمِ بِصِفَةِ الْفِعْلِ فِي الِاتِّبَاعِ فِيهِ) أَيْ الْفِعْلِ بِأَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِاتِّبَاعَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِصِفَةِ الْفِعْلِ بَلْ يَجِبُ الْفِعْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صِفَتَهُ فِي حَقِّ الْمُتَّبِعِ وَرَشَّحَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَفِي عِبَارَةِ الْإِبَاحَةِ وَلَنَا اتِّبَاعُهُ) أَيْ سَوَاءٌ عُلِمَتْ صِفَةُ الْفِعْلِ أَوْ لَا فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ (بَلْ الْجَوَابُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ) أَيْ الدَّلِيلَ وَهُوَ فَاتَّبِعُوهُ عَامٌّ (مَخْصُوصٌ إذْ لَا يَجِبُ قِيَامٌ وَقُعُودٌ وَتَكْرِيرُ عِمَامَةٍ وَمَا لَا يُحْصَى) مِنْ الْأَفْعَالِ أَيْ الِاتِّبَاعِ فِيهَا (وَلَا مُخَصِّصَ مُعَيِّنَ فَأَخَصَّ الْخُصُوصَ) أَيْ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الدَّلِيلِ عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ (مِنْ مَعْلُومِ صِفَةِ الْوُجُوبِ) أَيْ مَا كَانَ مِنْ الْأَفْعَالِ مَعْلُومًا صِفَتُهُ مِنْ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (قَالُوا) ثَالِثًا (لَقَدْ كَانَ إلَى آخِرِهَا) قَضِيَّةً (شَرْطِيَّةً مَضْمُونُهَا لُزُومُ التَّأَسِّي لِلْإِيمَانِ) إذْ مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ فَلَهُ فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (وَلَازِمُهَا عَكْسُ نَقِيضِهَا عَدَمُ الْإِيمَانِ لِعَدَمِ التَّأَسِّي وَعَدَمُهُ) أَيْ الْإِيمَانِ (حَرَامٌ فَكَذَا) مَلْزُومُهُ الَّذِي هُوَ (عَدَمُ التَّأَسِّي فَنَقِيضُهُ) وَهُوَ الْإِيمَانُ (وَاجِبٌ) فَكَذَا لَازِمُهُ الَّذِي هُوَ التَّأَسِّي وَإِلَّا ارْتَفَعَ اللُّزُومُ (وَالْجَوَابُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا قَبْلَهُ (لِأَنَّ التَّأَسِّي كَالِاتِّبَاعِ) وَهُوَ الْفِعْلُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ لِأَجْلِهِ فَيَتَوَقَّفُ إثْبَاتُ الْوُجُوبِ عَلَيْنَا عَلَى الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ (وَفِيهِ) مِنْ الْبَحْثِ (مِثْلُ مَا قَبْلَهُ) وَهُوَ مَنْعُ اعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِصِفَةِ الْفِعْلِ فِي الِائْتِسَاءِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا قَبْلَهُ مِنْ الْجَوَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute