للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقَرَّ السَّارِقُ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْطَعَ مِنْ الْمَفْصِلِ» فَيَكُونُ الْبَيَانُ بِالْقَوْلِ لَا بِالْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِعْلُ الْمَأْمُورِ كَفِعْلِهِ لِمَا كَانَ بِأَمْرِهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ «نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَاقَهُ إلَى أَنْ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْكُمْ بِالْأَرْضِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِوَجْهِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهَا عَلَى يَدَيْهِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ» وَفِي إسْنَادِهِ الْمُثَنَّى بْنُ صَبَّاحٍ ضَعِيفٌ لَكِنْ تَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِيهَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَفِي كَوْنِ هَذَا مُبِينًا لِآيَةِ التَّيَمُّمِ كَلَامٌ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ بِهِ أَلْيَقُ (بِخِلَافِهِمَا) أَيْ الْمَرْفِقَيْنِ (فِي الْغَسْلِ) فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ غَسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهُمَا كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَيْسَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] (لِذِكْرِ الْغَايَةِ وَعَدَمِ إجْمَالِ أَدَاتِهَا) أَيْ الْغَايَةِ بِخِلَافِ آيَةِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِيهَا (وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ الْبَيَانُ وَالْخُصُوصِيَّةُ (وَعُرِفَ صِفَتُهُ) فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مِنْ وُجُوبٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ نَدْبٍ وَإِبَاحَةٍ (فَالْجُمْهُورُ مِنْهُمْ الْجَصَّاصُ أُمَّتُهُ مِثْلُهُ) فَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ نُدِبَ أَوْ أُبِيحَ لَهُ نُدِبَ أَوْ أُبِيحَ لَهُمْ

(وَقِيلَ) أَيْ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَلَّادٍ أُمَّتُهُ مِثْلُهُ (فِي الْعِبَادَات) فَقَطْ (وَالْكَرْخِيُّ) وَالدَّقَّاقُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ (يَخُصُّهُ) أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفِعْلَ بِصِفَتِهِ مِنْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ (إلَى) قِيَامِ (دَلِيلِ الْعُمُومِ) لَهُمْ أَيْضًا (وَقِيلَ) هُوَ (كَمَا لَوْ جَهِلَ) أَيْ لَمْ يَعْلَمْ وَصْفَهُ (وَلَيْسَ) هَذَا الْقَوْلُ (مُحَرَّرًا إلَّا أَنْ يَعْرِفَ قَوْلَهُ) أَيْ هَذَا الْقَائِلُ (فِي الْمَجْهُولِ) وَصْفَهُ (وَلَمْ يَدْرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ قَوْلَهُ فِيهِ فَفِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ جَهَالَةٌ (أَوْ يُرِيدُ مَنْ قَالَ فِي الْمَجْهُولِ) مَا قَالَ (فَلَهُ فِي الْمَعْلُومِ مِثْلُهُ فَبَاطِلٌ فَمَنْ سَيَعْلَمُ قَائِلًا بِالْإِبَاحَةِ فِي الْمَجْهُولِ قَوْلُهُمْ فِي الْمَعْلُومِ شُمُولُ صِفَتِهِ) لَهُمْ أَيْضًا فَقَوْلُهُ فَمَنْ سَيَعْلَمُ مُبْتَدَأٌ وَقَائِلًا حَالٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُمْ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَشُمُولُ صِفَتِهِ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ وَقَدْ أَجْرَى الْمُصَنِّفُ الِاسْتِعْمَالَيْنِ الْإِفْرَادَ وَالْجَمْعَ فِي مَنْ فَالْإِفْرَادُ فِي قَوْلِهِ قَائِلًا وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ قَوْلُهُمْ (لَنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَى فِعْلِهِ احْتِجَاجًا وَاقْتِدَاءً كَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ «فَقَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك» ) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَلَمْ يُنْكِرْ) عَلَى عُمَرَ ذَلِكَ (وَتَقْبِيلِ الزَّوْجَةِ صَائِمًا) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (وَكَثِيرٌ) وَلَا سِيَّمَا فِي أَبْوَابِ الْعِبَادَاتِ كَمَا يُحِيطُ بِهِ مُسْتَقْرَؤُهُ مِنْ دَوَاوِينِ السُّنَّةِ (وَأَيْضًا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] وَالتَّأَسِّي فِعْلُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ (عَلَى وَجْهِهِ لِأَجْلِهِ) فَاحْتَرَزَ بِمِثْلِ فِعْلِهِ عَمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ بِأَنْ تَخْتَلِفَ صُورَةُ الْفِعْلِ كَالْقِيَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقُعُودِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى تَأَسِّيًا وَبِعَلَى وَجْهِهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لَهُ فِي الصِّفَةِ وَالْغَرَضِ وَالنِّيَّةِ عَمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ وَاجِبًا عَلَى قَصْدِ الْوُجُوبِ لَا يَكُونُ مُتَأَسِّيًا بِمَنْ فَعَلَهُ عَلَى قَصْدِ النَّدْبِ وَإِنْ تَوَافَقَا فِي الصُّورَةِ وَبِقَوْلِهِ لِأَجْلِهِ عَمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ فِعْلُ جَمَاعَةٍ فِي الصُّورَةِ وَالصِّفَةِ وَالْقَصْدِ وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُ أَحَدِهِمْ لِأَجْلِ فِعْلِ الْآخَرِ كَاتِّفَاقِ جَمَاعَةٍ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ لَا يُقَالُ تَأَسَّى الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ وَلَا يُخِلُّ بِالتَّأَسِّي مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الْقُيُودِ اخْتِلَافُ الْفِعْلَيْنِ زَمَانًا وَمَكَانًا إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالْمَكَانِ كَاخْتِصَاصِ الْحَجِّ بِعَرَفَاتٍ أَوْ بِالزَّمَانِ كَاخْتِصَاصِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِهِ وَلَا كَوْنُ فِعْلِ الْغَيْرِ مُتَكَرِّرًا أَوْ لَا وَمِثْلُ التَّأَسِّي فِي الْفِعْلِ التَّأَسِّي فِي التَّرْكِ وَهُوَ تَرْكُ الشَّخْصِ فِعْلًا مِثْلَ مَا تَرَكَهُ الْآخَرُ عَلَى وَجْهِهِ لِأَجْلِهِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ لِلْغَيْرِ فِعْلُ مِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ وَإِلَّا فَفِعْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ مُنَازَعَةٌ لَا مُتَابَعَةٌ

(وَأَمَّا) قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: ٣٧] (فَبِدَلَالَةِ الْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ) يَدُلُّ (عَلَى اتِّحَادِ حُكْمِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِهِمْ) أَيْ مَعَ حُكْمِ الْأُمَّةِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَّلَ تَزْوِيجَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْيِ الْحَرَجِ الْكَائِنِ فِي تَحْرِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>