عَدَمِ إرَادَةِ مَعْنَاهُ) أَيْ الْعَامِّ بِسَبَبِ التَّخْصِيصِ بِالْمَعْلُومِ (مَعَ احْتِمَالِ قِيَاسٍ آخَرَ مُخْرِجٍ) مِنْهُ بَعْضَهُ أَيْضًا (وَهَذَا لِتَضَمُّنِهِ) أَيْ الْمُخَصِّصِ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ (حُكْمًا) لَا حَقِيقَةً فَقَدْ تَضَمَّنَ مَا يُوجِبُ الِاحْتِمَالَ لِلْإِخْرَاجِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ لِتَضَمُّنِ الْمُخَصَّصِ - عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ - حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَالْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ التَّعْلِيلُ (لَا لِشَبَهِ النَّاسِخِ بِاسْتِقْلَالِ صِيغَتِهِ) لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ طَرْدِيٌّ لَا أَثَرَ لَهُ (وَكَوْنُ السَّمْعِيِّ حُجَّةً) فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ (فَرْعُ مَعْلُومِيَّةِ مَحَلِّ حُكْمِهِ وَالْقَطْعِ بِنَفْيِهَا) أَيْ مَعْلُومِيَّةِ مَحَلِّ حُكْمِهِ (فِي نَحْوِ لَا تَقْتُلُوا بَعْضَهُمْ فَإِنْ دُفِعَ) هَذَا (بِثُبُوتِهَا) أَيْ الْحُجِّيَّةِ مَعَ انْتِفَاءِ مَعْلُومِيَّةِ حُكْمِ الْمُخَصِّصِ (فِي نَحْوِ {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] (لِلْعِلْمِ بِحِلِّ الْبَيْعِ قُلْنَا: إنْ عَلِمُوهُ) أَيْ الرِّبَا (نَوْعًا مَعْرُوفًا مِنْ الْبَيْعِ فَلَا إجْمَالَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ نَوْعًا مِنْهُ (فَكَ حَرَّمَ بَعْضَ الْبَيْعِ) أَيْ فَهُوَ مُجْمَلٌ يَتَوَقَّفُ الْعَمَلُ بِهِ إلَى الْبَيَانِ مَعَ اعْتِقَادِ حَقِّيَّةِ الْمُرَادِ بِهِ.
(وَإِخْرَاجِ سَارِقِ أَقَلَّ مِنْ) مِقْدَارِ قِيمَةِ (الْمِجَنِّ) الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَيْمَنَ قَالَ «لَمْ تُقْطَعْ الْيَدُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَثَمَنُهُ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ أَيْ فِي مِقْدَارِ ثَمَنِهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ التَّخْصِيصِ بِالْمَجْهُولِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ أَنَّ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ كَانَ مَجْهُولًا بَلْ هُوَ مَعْلُومٌ كَمَا أَفَادَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشَرَةَ دَرَاهِمَ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَإِنَّهَا كَانَتْ قِيمَةَ الدِّينَارِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي أَظْهَرِ رِوَايَاتِهِ: تُقْطَعُ إذَا سَرَقَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعَ دِينَارٍ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدَلِيلِ مَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اقْطَعُوا فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ» وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (مُدَّعَى كُلِّ مَعْلُومِيَّةِ كَمِّيَّةِ ثَلَاثَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ فَلَيْسَ) تَخْصِيصُ عُمُومِ الْآيَةِ بِهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّخْصِيصِ بِالْمُجْمَلِ فَلَا يَسْقُطُ الِاحْتِجَاجُ بِآيَةِ السَّرِقَةِ عَلَى قَطْعِ السَّارِقِ شَرْعًا (أَوْ) سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنْهُ لَكِنَّهُمْ (تَوَقَّفُوا أَوَّلًا) فِي الْعَمَلِ بِآيَةِ السَّرِقَةِ (حَتَّى بَانَ) مِقْدَارُ قِيمَةِ الْمِجَنِّ (عَلَى الِاخْتِلَافِ) فِيهِ فَعَمِلُوا بِهَا.
(وَقَوْلُهُ) أَيْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فِي التَّخْصِيصِ بِالْمَعْلُومِ يُبْطِلُ الْعُمُومَ لِصِحَّةِ تَعْلِيلِهِ (وَلَا يُدْرَى قَدْرُ الْمُتَعَدَّى إلَيْهِ إنْ أَرَادَ) أَنَّهُ لَا يُدْرَى ذَلِكَ (بِالْفِعْلِ) أَيْ فِعْلِ الْقِيَاسِ (لَيْسَ بِضَائِرٍ) وَالْأَوْلَى فَلَيْسَ بِضَائِرٍ (إلَّا لَوْ لَزِمَ فِي حُجِّيَّتِهِ) أَيْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ (فِي الْبَاقِي تَعَيُّنُ عَدَدِهِ لَكِنَّ اللَّازِمَ تَعَيُّنُ النَّوْعِ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُهُ) أَيْ تَعَيُّنَ النَّوْعِ (لِأَنَّهَا) أَيْ عِلَّةَ الْإِخْرَاجِ حِينَئِذٍ (وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ فَمَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ) مِنْ الْمُنْدَرِجِ تَحْتَ الْعَامِّ (ثَبَتَ خُرُوجُهُ وَمَا لَا) تَتَحَقَّقُ فِيهِ (فَتَحْتَ الْعَامِّ) بَاقٍ (أَوْ) أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُدْرَى (قَبْلَهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ بِالْفِعْلِ (أَيْ بِمُجَرَّدِ عِلْمِ الْمُخَصِّصِ) أَيْ الْعِلْمِ بِهِ (يَجِبُ التَّوَقُّفُ) فِي الْبَاقِي (لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُخْرَجَ (مُعَلَّلٌ ظَاهِرًا وَلَا يُدْرَى إلَخْ فَقَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَاقِفِيَّةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَتَوَقَّفُ لِذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا يُدْرَى قَدْرُ الْمُتَعَدَّى إلَيْهِ (إلَى أَنْ يُسْتَنْبَطَ) مِنْ الْمُخْرَجِ بِوَاسِطَةِ عِلَّةِ إخْرَاجِهِ مَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الْإِخْرَاجِ لِتَحَقُّقِ عِلَّتِهِ فِيهِ أَيْضًا (فَيُعْلَمَ الْمُخْرَجُ بِالْقِيَاسِ حِينَئِذٍ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَجْهُولِ) وَهَذَا فِيمَا يَظْهَرُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute