(عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عُمُومِهِ (وَكَذَا نَفْيُ كُلِّ فِعْلٍ) عَامٍّ فِي وُجُوهِهِ (كَلَا آكُلُ) فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي وُجُوهِ الْأَكْلِ (وَلَا) يَخْتَلِفُ أَيْضًا (فِي عَدَمِ صِحَّةِ إرَادَتِهِ) أَيْ الْعُمُومِ فِي نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ (لِقَوْلِهِمْ) أَيْ الْحَاكِينَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْعُمُومِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ (فِي جَوَابِ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَصْدُقُ) عُمُومُ نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ فِي لَا يَسْتَوِي (إذْ لَا بُدَّ) بَيْنَ كُلِّ أَمْرَيْنِ (مِنْ مُسَاوَاةٍ) مِنْ وَجْهٍ وَأَقَلُّهُ الْمُسَاوَاةُ فِي سَلْبِ مَا عَدَاهُمَا عَنْهُمَا فَلَزِمَ عَدَمُ عُمُومِ نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ هَذَا مَقُولُ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ (الْمُرَادُ) مِنْ عُمُومِ نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ (مُسَاوَاةٌ يَصِحُّ نَفْيُهَا وَمَا سِوَاهُ) أَيْ الْمُسَاوَاةِ الَّتِي يَصِحُّ نَفْيُهَا بِمَعْنَى التَّسَاوِي (مَخْصُوصٌ بِالْعَقْلِ) ، وَهَذَا مَقُولُ قَوْلِ الْمُجِيبِينَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى دَلَالَةِ الْعُمُومِ، وَإِنَّ هَذَا الْعُمُومَ الْمَدْلُولَ غَيْرُ مُرَادٍ عَلَى صِرَافَتِهِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا (فَالِاسْتِدْلَالُ) عَلَى عُمُومِ نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ (بِأَنَّهُ) أَيْ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ (نَفْيٌ عَلَى نَكِرَةٍ يَعْنِي الْمَصْدَرَ) الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ فَيَعُمُّ كَسَائِرِ النَّكِرَاتِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ اسْتِدْلَالٌ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ) لِمَا سَمِعْت مِنْ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْعُمُومِ لَفْظًا وَلَا فِي عَدَمِ إرَادَةِ صِرَافَتِهِ (إنَّمَا هُوَ) أَيْ النِّزَاعُ (فِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عُمُومِهِ) أَيْ نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ (بَعْدَ تَخْصِيصِ الْعَقْلِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ تَخْصِيصِهِ (هَلْ يَخُصُّ أَمْرَ الْآخِرَةِ فَلَا يُعَارَضُ) الْمُرَادُ مِنْهُ (آيَاتِ الْقِصَاصِ الْعَامَّةِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] الْآيَةَ (فَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ أَوْ يَعُمُّ الدَّارَيْنِ) الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (فَيُعَارِضُ) الْمُرَادُ مِنْهُ آيَاتِ الْقِصَاصِ حَتَّى يَخُصَّهَا وَحِينَئِذٍ (فَلَا يُقْتَلُ) الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ هَلْ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ إلَى خُصُوصِ أَمْرِ الْآخِرَةِ أَوْ لَا فَتَعُمُّ الدَّارَيْنِ؟ . (قَالَ بِهِ) أَيْ بِالْعُمُومِ (الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ بِخُصُوصِ أَمْرِ الْآخِرَةِ (لِقَرِينَةِ تَعْقِيبِهِ بِذِكْرِ الْفَوْزِ {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: ٢٠] ثُمَّ فِي الْآثَارِ مَا يُؤَيِّدُهُ) أَيْ قَوْلَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْهَا (حَدِيثُ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ (بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ مِنْ مَشَاهِيرِ التَّابِعِينَ رَوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَيَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ قَالَ «قَتَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ» الْحَدِيثَ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَقَالَ: «أَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ» رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَأَعَلَّهُ، وَاسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ فِيهِ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا. (وَنَحْوُ) مَا رَوَى الْمَشَايِخُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ دِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا إلَخْ) أَيْ وَأَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَلَمْ يَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُخَرِّجُونَ، وَإِنَّمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ فِيهِ أَبُو الْجَنُوبِ، وَهُوَ مُضَعَّفٌ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ كَانَتْ لَهُ ذِمَّتُنَا فَدَمُهُ كَدَمِنَا وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنَا (فَظَهَرَ) مِنْ هَذَا التَّحْرِيرِ (أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَطْبِيقِ كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ عَلَى دَلِيلٍ تَفْصِيلِيٍّ) فَهِيَ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ لَا أَصْلِيَّةٌ.
(مَسْأَلَةُ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى لِلرَّسُولِ بِخُصُوصِهِ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} [الزمر: ٦٥] قَدْ نُصِبَ فِيهِ خِلَافٌ) وَمِنْ نَاصِبِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (فَالْحَنَفِيَّةُ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى مَا ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَحْمَدُ (يَتَنَاوَلُ الْأُمَّةَ وَالشَّافِعِيَّةُ لَا) يَتَنَاوَلُهُمْ (مُسْتَدِلِّينَ) أَيْ الشَّافِعِيَّةُ (بِالْقَطْعِ مِنْ اللُّغَةِ بِأَنَّ مَا لِلْوَاحِدِ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ عَمَّهُمْ كَانَ إخْرَاجُهُمْ تَخْصِيصًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ وَلَيْسَ) هَذَا الِاسْتِدْلَال (فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ فَإِنَّ مُرَادَ الْحَنَفِيَّةِ) بِعُمُومِهِ إيَّاهُمْ (أَنَّ أَمْرَ مِثْلِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مِمَّنْ لَهُ مَنْصِبُ الِاقْتِدَاءِ وَالْمَتْبُوعِيَّة يَفْهَمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَمْرِهِ (أَهْلُ اللُّغَةِ شُمُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute