للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْك» لَوْلَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَسْنَدَ أَبُو دَاوُد الْجَزْمَ بِهِ إلَى الزُّهْرِيِّ فَقَالَ زَادَ الزُّهْرِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُ خَاصَّةً وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ التَّكْفِيرِ قَالَ شَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُنْذِرِيُّ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا انْتَهَى وَالْأَظْهَرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَصَدَّقْ بِهَذَا لَمْ يَقْبِضْهُ بَلْ اعْتَذَرَ بِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَأَذِنَ لَهُ حِينَئِذٍ فِي أَكْلِهِ مِنْهُ وَإِطْعَامِهِ أَهْلَهُ فَكَانَ تَمْلِيكًا مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى أَهْلِهِ وَكَانَ أَخْذُهُ لَهُ أَخْذًا بِصِفَةِ الْفَقْرِ الْمَشْرُوحَةِ لَا أَنَّهُ مَلَكَهُ مِلْكًا مَشْرُوطًا بِصِفَةٍ هِيَ إخْرَاجُهُ عَنْهُ فِي كَفَّارَتِهِ فَيَبْتَنِي عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي التَّمْلِيكِ الْمُقَيَّدِ بِشَرْطٍ وَلَا أَنَّ فِيهِ إسْقَاطَ الْكَفَّارَةِ وَلَا أَكْلَ الْمَرْءِ وَمَنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ.

وَعَلَى هَذَا مَشَى الْحَافِظُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَ عَبْدُ الْغَنِيِّ وَابْنُ بَشْكُوَالَ أَنَّهُ سَلْمَانُ أَوْ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَّاضِي وَاسْتَنَدَا فِي ذَلِكَ إلَى مَا نَاقَشَهُمَا فِيهِ شَيْخُنَا الْحَافِظُ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ (أَوْ عَقَلَ) مَعْنَاهُ (وَلَمْ يَتَعَدَّ) حُكْمَهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى (كَشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ نَصَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَا) فَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى فَرَسًا مِنْ سَوَاءِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِي فَجَحَدَهُ فَشَهِدَهُ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرًا مَعَنَا فَقَالَ صَدَقْتُك بِمَا جِئْت بِهِ وَعَلِمْت أَنَّك لَا تَقُولُ إلَّا حَقًّا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ» وَفِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِ وَجَدْتهمَا مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ (وَلَيْسَ) النَّصُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَتِهِ (مُفِيدَ الِاخْتِصَاصِ) أَيْ اخْتِصَاصِهِ بِهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ (بَلْ) مُفِيدُ اخْتِصَاصِهِ بِهَا (الْمَجْمُوعُ مِنْهُ) أَيْ النَّصِّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَتِهِ (وَمِنْ دَلِيلِ مَنْعِ تَعْلِيلِهِ) أَيْ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُ مَنْعِ تَعْلِيلِهِ (تَكْرِيمُهُ) أَيْ خُزَيْمَةَ (لِاخْتِصَاصِهِ) أَيْ خُزَيْمَةَ (بِفَهْمِ حِلِّ الشَّهَادَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَنْ أَخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْنِ الْحَاضِرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إخْبَارَهُ بِذَلِكَ فِي إفَادَةِ الْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ وَكَيْفَ لَا وَالشَّرْعُ قَدْ جَعَلَ التَّسَامُعَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ فَقَوْلُ الرَّسُولِ بِذَلِكَ أَوْلَى (فَلَا يَبْطُلُ) اخْتِصَاصُهُ (بِالتَّعْلِيلِ) أَيْ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيلُهُ أَصْلًا حَتَّى لَا يَثْبُتَ هَذَا فِي شَهَادَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ فِي الْفَضِيلَةِ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُبْطِلُهُ (فَقَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ) إنَّ اللَّهَ شَرَطَ الْعَدَدَ فِي عَامَّةِ الشَّهَادَاتِ وَثَبَتَ بِالنَّصِّ قَبُولُ شَهَادَةِ خُزَيْمَةَ وَحْدَهُ لَكِنَّهُ (ثَبَتَ كَرَامَةً) لَهُ (فَلَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيلِ) وَلَفْظُهُ فَلَمْ يَصِحَّ إبْطَالُهُ بِالتَّعْلِيلِ (فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يُبْطِلُ كَوْنَهُ كَرَامَةً حَتَّى يَمْتَنِعَ بَلْ يُعَدِّيهَا إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّمَا يَبْطُلُ اخْتِصَاصُهُ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ كَرَامَةً خُصَّ بِهَا فَلَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيلِ وَدَلِيلُ اخْتِصَاصِهِ بِهَا كَوْنُهَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ اخْتِصَاصِهِ بِالْفَهْمِ.

(وَالنِّسْبَةُ) أَيْ نِسْبَةُ الِاخْتِصَاصِ (إلَى الْمَجْمُوعِ) مِنْ دَلِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِهَا وَهُوَ النَّصُّ السَّابِقُ وَمِنْ دَلِيلِ مَنْعِ التَّعْلِيلِ فَلْيُلْحَقْ غَيْرُهُ بِهِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الِاخْتِصَاصَ (بِالْإِثْبَاتِ) أَيْ إثْبَاتُ الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ إثْبَاتُهُ وَالْمُرَادُ دَلِيلُ إثْبَاتِهِ (نُصَّ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) شَاهِدًا (وَالنَّفْيِ) أَيْ وَبِنَفْيِ الِاكْتِفَاءِ (عَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ) أَيْ النَّفْيُ عَنْ غَيْرِهِ (بِمَانِعِ الْإِلْحَاقِ) لِغَيْرِهِ بِهِ وَهُوَ اخْتِصَاصُهُ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْفَهْمِ الْمَذْكُورِ (فَمُجَرَّدُ خُرُوجِهِ) أَيْ هَذَا الْحُكْمِ الْمَخْصُوصِ بِهِ خُزَيْمَةُ وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ (عَنْ قَاعِدَةٍ) عَامَّةٍ وَهِيَ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي جَمِيعِ الشَّهَادَاتِ الْمُطْلَقَةِ (لَا يُوجِبُهُ) أَيْ اخْتِصَاصَهُ بِهِ (كَمَا ظَنَّ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّهُمَا جَعَلَاهُ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَا يُوجِبُهُ (لِجَوَازِ الْإِلْحَاقِ بِالْمُخَصَّصِ) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ (بِجَوَازِ تَعْلِيلِ دَلِيلِ التَّخْصِيصِ) وَشُمُولِهِ لِغَيْرِ الْمُخَصَّصِ أَيْضًا.

(وَمِثْلُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>