للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ وَحْدَهُ فِي كَوْنِهِ عَقَلَ وَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى غَيْرِهِ (قَصْرُ الْمُسَافِرِ) السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ الرَّبَاعِيَةَ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ (امْتَنَعَ تَعْلِيلُهُ) أَيْ قَصْرِهَا (بِمَا يُعَدِّيه) أَيْ قَصْرَهَا إلَى غَيْرِ الْمُسَافِرِ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْعِلَّةُ لِلْقَصْرِ (فِي الْحَقِيقَةِ الْمَشَقَّةُ) لِأَنَّهَا الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ لِلرُّخْصَةِ بِهِ وَبِأَمْثَالِهِ مِنْ الرُّخَصِ الثَّابِتَةِ لِلْمُسَافِرِ (وَامْتَنَعَ اعْتِبَارُهَا) أَيْ الْمَشَقَّةِ نَفْسِهَا (لِتَفَاوُتِهَا وَعَدَمِ ضَبْطِ مَرْتَبَةٍ) مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا (تُعْتَبَرُ مَنَاطًا) لِلْقَصْرِ (فَتَعَيَّنَتْ) الْعِلَّةُ لِذَلِكَ (مَشَقَّةُ السَّفَرِ فَجُعِلَتْ) الْعِلَّةُ (السَّفَرَ) لِكَوْنِهِ مَظِنَّتَهَا (فَامْتَنَعَ) قَصْرُهَا (فِي غَيْرِهِ) أَيْ السَّفَرِ (وَالسَّلَمِ) أَيْ وَمِثْلُ الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ فِي كَوْنِهِ عَقَلَ وَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى غَيْرِهِ (بِيعَ مَا لَيْسَ فِي الْمِلْكِ) أَيْ بِيعَ آجِلٌ بِعَاجِلٍ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ شُرِعَ (لِمَصْلَحَةِ الْمَفَالِيسِ) وَمِنْ ثَمَّةَ سُمِّيَ بَيْعُ الْمَفَالِيسِ (يَنْتَفِعُونَ بِالثَّمَنِ عَاجِلًا وَيُحَصِّلُونَ الْبَدَلَ آجِلًا عَلَى مَا تَشْهَدُ بِهِ الْآثَارُ) إذَا لِجَوَازِ مُخْتَصٍّ بِالسَّلَمِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ مَا لَيْسَ فِي الْمِلْكِ إذْ الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي مَحَلًّا مَمْلُوكًا لِلْبَائِعِ أَوْ ذَا وِلَايَةٍ لَهُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حَالَ الْعَقْدِ حِسًّا وَشَرْعًا، حَتَّى لَوْ بَاعَ مُسْلِمٌ مَا لَا يَمْلِكُ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ مَلَكَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ الْآبِقَ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ الْخَمْرَ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي الثَّانِي حِسًّا وَشَرْعًا وَشَرْعًا فِي الْأَخِيرِ.

وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ ثَابِتَةٌ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِمَا فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ جُمْلَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَا عِنْدَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى بَيْعِهِ لَا يَجُوزُ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَا فِي مِلْكِهِ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ وَمَالَهُ وِلَايَةٌ عَلَى بَيْعِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ يَجُوزُ «وَلِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا» كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «وَإِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا» كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

لَكِنَّهُ رَخَّصَ فِي السَّلَمِ كَمَا يُعْلَمُ قَرِيبًا (غَيْرَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ حَالًا فَلَمَّا كَانَ حَاصِلُهُ) أَيْ السَّلَمِ (تَخْصِيصًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ (عَلَّلَهُ) أَيْ الشَّافِعِيُّ (بِدَفْعِ الْحَرَجِ بِإِحْضَارِ السِّلْعَةِ مَحَلَّ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَحَلِّهِ لِأَنَّ دَلِيلَ التَّخْصِيصِ يُعَلِّلُ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَشْمَلُ الْحَالَ كَالْمُؤَجَّلِ فَيَجُوزُ الْحَالُ كَالْمُؤَجَّلِ (وَوَقَعَ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ) أَيْ هَذَا التَّعْلِيلَ وَاقِعٌ (فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الْقَائِلِ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ) رَوَاهُ السِّتَّةُ فَقَدْ (أَوْجَبَ فِيهِ) أَيْ فِي السَّلَمِ (الْأَجَلَ فَالتَّعْلِيلُ لِتَجْوِيزِهِ) أَيْ الْحَالِ (مُبْطِلٌ لَهُ) أَيْ النَّصِّ الْمُوجِبِ لَهُ وَالتَّعْلِيلُ الْمُبْطِلُ لِلنَّصِّ بَاطِلٌ فَقَالُوا هُمْ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ لَا يَجُوزُ حَالًا (وَمِنْهُ) أَيْ كَوْنِ الْأَصْلِ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ بِالنَّصِّ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ بِالتَّعْلِيلِ (عَلَى ظَنِّ الشَّافِعِيَّةِ النِّكَاحَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ خُصَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَالِصَةٍ لَك فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (غَيْرُهُ) فِي انْعِقَادِ نِكَاحِهِ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْخُصُوصِيَّةِ الثَّابِتَةِ لَهُ كَرَامَةً.

(وَالْحَنَفِيَّةُ) عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَيَقُولُونَ قَوْله تَعَالَى {خَالِصَةً} [الأحزاب: ٥٠] (يَرْجِعُ إلَى نَفْيِ الْمَهْرِ وَمَنْ تَأَمَّلَ {أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: ٥٠] {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا} [الأحزاب: ٥٠] لَك حَتَّى فُهِمَ الطِّبَاقُ) بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ (فُهِمَ أَحْلَلْنَا لَك بِمَهْرٍ وَبِلَا مَهْرٍ) فَكَانَ الْحَاصِلُ أَحْلَلْنَا لَك الْأَزْوَاجَ الْمُؤْتَى مُهُورُهُنَّ وَاَلَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك فَلَمْ تَأْخُذْ مَهْرًا خَالِصَةً هَذِهِ الْخَصْلَةُ لَك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا هُمْ فَقَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ مِنْ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ (وَتَعْلِيلُ الِاخْتِصَاصِ بِنَفْيِ الْحَرَجِ يُنَادِي بِهِ) أَيْ بِرُجُوعِهِ إلَى نَفْيِ الْمَهْرِ أَيْضًا (إذْ هُوَ) أَيْ الْحَرَجُ (فِي لُزُومِ الْمَالِ لَا فِي تَرْكِ لَفْظٍ إلَى آخَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَقْدَرِ الْخَلْقِ عَلَى التَّعْبِيرِ) عَنْ مُرَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ أَفْصَحُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ.

(وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ كَوْنِ الْأَصْلِ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ بِالنَّصِّ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ بِالتَّعْلِيلِ (مَا عَقَلَ) مَعْنَاهُ (عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>