ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا لَعَلَّهُ يَتُوبُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ آمُرُ وَلَمْ أَرْضَ (لِأَنَّهَا) أَيْ الثَّلَاثَةَ (مَظِنَّةُ إتْقَانِهِ) أَيْ التَّرَوِّي اتَّقَانَا (تَامًّا فَالظَّاهِرُ إدْخَالُ مَا عُيِّنَ غَايَةً) لِلتَّرَوِّي (دُونَهَا) أَيْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
(وَعَلَى هَذَا) الْبَحْثِ (انْتَفَى بِنَاءُ إيجَابِ) غَسْلِ (الْمَرَافِقِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ مُتَنَاوَلًا لِلصَّدْرِ إذْ ظَهَرَ أَنْ لَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ جُزْءًا فِي الدُّخُولِ فِي الْحُكْمِ (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَانْتَفَى أَيْضًا تَوْجِيهُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ افْتِرَاضَ غَسْلِ الْمَرَافِقِ بِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا (عَلَى اسْتِعْمَالِهَا) أَيْ إلَى (لِلْمَعِيَّةِ) كَمَا فِي {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢] (بَعْدَ قَوْلِهِمْ الْيَدِ) مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ (إلَى الْمَنْكِبِ) وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْقَوْلَ (يُوجِبُ الْكُلَّ) أَيْ غَسْلَ الْيَدِ إلَى الْمَنْكِبِ (لِأَنَّهُ كَاغْسِلْ الْقَمِيصَ وَكُمَّهُ وَغَايَتُهُ) أَيْ ذِكْرِ الْمَرَافِقِ حِينَئِذٍ (كَإِفْرَادِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ) بِحُكْمِ الْعَامِّ (إذْ هُوَ) أَيْ ذِكْرُ الْمَرَافِقِ (تَنْصِيصٌ عَلَى بَعْضِ مُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ) وَهُوَ الْيَدُ (بِتَعْلِيقِ عَيْنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ) بِذَلِكَ الْبَعْضِ (وَذَلِكَ) أَيْ وَإِفْرَادُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ (لَا يُخْرِجُ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْفَرْدِ عَنْ حُكْمِ الْعَامِّ فَكَذَا التَّنْصِيصُ عَلَى الْمَرَافِقِ لَا يَقْتَضِي إخْرَاجَ مَا وَرَاءَهَا مِنْ وُجُوبِ الْغَسْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَيْدِي (وَلَوْ أَخْرَجَ) التَّنْصِيصُ عَلَى الْفَرْدِ مِنْهُ غَيْرَهُ عَنْ حُكْمِهِ (كَانَ) إخْرَاجًا (بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ) وَهُوَ مَرْدُودٌ فَكَذَا هَذَا
(وَمَا قِيلَ) أَيْ وَانْتَفَى أَيْضًا مَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ رَضِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ فِي تَوْجِيهِ افْتِرَاضِ غَسْلِ الْمَرَافِقِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ (لِضَرُورَةِ غَسْلِ الْيَدِ إذْ لَا يَتِمُّ) غَسْلُهَا (دُونَهُ) أَيْ غَسْلِ الْمَرْفَقِ (لِتَشَابُكِ عَظْمَاتِ الذِّرَاعِ وَالْعَضُدِ) وَعَدَمِ إمْكَانِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فَيَتَعَيَّنُ لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ افْتِرَاضِ غَسْلِ الذِّرَاعِ بِيَقِينٍ غَسْلُ الْمِرْفَقِ
وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْأَمْرُ بِغَسْلِ الذِّرَاعِ لَيَجِبَ غَسْلُ مَا لَازِمُهُ) وَهُوَ طَرَفُ عَظْمِ الْعَضُدِ (بَلْ) تَعَلَّقَ وُجُوبُ الْغَسْلِ (بِالْيَدِ إلَى الْمِرْفَقِ وَمَا بَعْدُ إلَى لِمَا لَمْ يَدْخُلْ) كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (لَمْ يَدْخُلْ جَزَآهُمَا) أَيْ الذِّرَاعُ وَالْعَضُدُ (الْمُلْتَقِيَانِ) فِي الْمِرْفَقِ (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَانْتَفَى أَيْضًا تَوْجِيهُ افْتِرَاضِ غَسْلِ الْمِرْفَقِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَبَهَ الْمُرَادُ بِغَسْلِ الْيَدِ إلَى الْمِرْفَقِ (لِلْإِجْمَالِ) لِأَنَّ إلَى تُسْتَعْمَلُ لِلْغَايَةِ وَبِمَعْنَى مَعَ (وَغَسْلُهُ) الْمِرْفَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَالْتَحَقَ) غَسْلُهُ (بِهِ) أَيْ بِغَسْلِ الْيَدِ إلَى الْمِرْفَقِ (بَيَانًا) لِمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْهُ وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّ عَدَمَ دَلَالَةِ اللَّفْظِ) يَعْنِي وَأَيْدِيكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ عَلَى دُخُولِ الْمِرْفَقِ فِي الْغَسْلِ (لَا يُوجِبُ الْإِجْمَالَ) فِيمَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَى الْمَرَافِقِ وَلَا سِيَّمَا (وَالْأَصْلُ الْبَرَاءَةُ بَلْ) الَّذِي يُوجِبُ الْإِجْمَالَ (الدَّلَالَةُ الْمُشْتَبِهَةُ) عَلَى الْمُرَادِ اشْتِبَاهًا لَا يُدْرَكُ إلَّا بِبَيَانٍ مِنْ الْمُجْمَلِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا وَحِينَ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا (فَبَقِيَ مُجَرَّدُ فِعْلِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (دَلِيلُ السُّنَّةِ) كَمَا فَعَلَ زُفَرُ بِقَوْلِهِ (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَانْتَفَى أَيْضًا تَوْجِيهُ افْتِرَاضِ غَسْلِ الْمِرْفَقِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ مَا كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْغَايَةَ (تَدْخُلُ) تَارَةً كَمَا فِي حَفِظْت الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ (وَلَا) تَدْخُلُ أُخْرَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] (فَتَدْخُلُ احْتِيَاطًا) هُنَا لِأَنَّ الْحَدَثَ مُتَيَقَّنٌ فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى الدَّلِيلِ لَا يَجِبُ مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ
وَالْفَرْضُ انْتِفَاءُ دَلِيلِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ غَسْلِ الْمِرْفَقِ فِي الْآيَةِ (وَالِاحْتِيَاطُ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ وَهُوَ) أَيْ الْعَمَلُ بِأَقْوَاهُمَا (فَرْعٌ تَجَاذُبُهُمَا وَهُوَ) أَيْ تَجَاذُبُهُمَا (مُنْتَفٍ) إذْ لَمْ يَشْتَمِلْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ عَلَى دَلِيلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فِي غَسْلِ الْمِرْفَقِ إيجَابًا وَنَفْيًا (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَانْتَفَى أَيْضًا تَوْجِيهُ افْتِرَاضِ غَسْلِ الْمَرَافِقِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ غَايَةٌ (لِمَسْقَطَيْنِ مُقَدَّرٌ) حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: فَاغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ حَالَ كَوْنِكُمْ مُسْقِطِينَ الْمَنْكِبَ إلَى الْمِرْفَقِ وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِلَا مُلْجِئٍ) إلَيْهِ إذْ الظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَانْتَفَى أَيْضًا تَوْجِيهُ وُجُوبِ غَسْلِ الْمِرْفَقِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْكَاكِيُّ مِنْ أَنَّ إلَى الْمَرَافِقِ (مُتَعَلِّقٌ بِاغْسِلُوا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ) أَيْ فَهُوَ غَايَةٌ لَا غَسَلُوا لَكِنْ لِأَجْلِ إسْقَاطِ مَا وَرَاءَ الْمِرْفَقِ عَنْ حُكْمِ الْغَسْلِ وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّفْظَ (لَا يُوجِبُهُ) أَيْ هَذَا الْمُرَادُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ إلَى الْمَرَافِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute