للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَلَا بِهَذَا الْفِعْلِ.

(الْإِمَامُ الطَّلَبُ مُحَقَّقٌ، وَالشَّكُّ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ فَوَجَبَ الْفَوْرُ) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ (وَاعْتَرَضَ) عَلَى هَذَا بِأَنَّهُ (لَا يُلَائِمُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (مِنْ التَّوَقُّفِ فِي كَوْنِهِ لِلْفَوْرِ، وَأَيْضًا وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ يُنَافِي قَوْلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَقْطَعُ بِأَنَّهُ مَهْمَا أَتَى بِهِ مَوْقِعٌ بِحُكْمِ الصِّيغَةِ لِلْمَطْلُوبِ) ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَأَنْتَ إذَا وَصَلْت قَوْلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (لِلْمَطْلُوبِ يُنَافِي قَوْلَهُ: وَإِنَّمَا التَّوَقُّفُ فِي أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ هَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَثِلٌ لِأَصْلِ الْمَطْلُوبِ لَمْ تَقِفْ عَنْ الْجَزْمِ بِالْمُطَابَقَةِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْفَوْرِ بَعْدَ مَا قَالَ لَيْسَ إلَّا احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الْفَوْرِ لَا أَنَّهُ مُقْتَضَى الصِّيغَةِ، وَأَنَّ الشَّكَّ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ بِالشَّكِّ فِي الْفَوْرِ) أَيْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الضِّدَّيْنِ شَكٌّ فِي الْآخَرِ بِالضَّرُورَةِ (ثُمَّ كَوْنُهُ مُمْتَثِلًا بِحُكْمِ الصِّيغَةِ يُنَافِي الْإِثْمَ إلَّا أَنْ يُرَادَا ثُمَّ تَرَكَ الِاحْتِيَاطَ) وَبَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ الْفَوْرَ احْتِيَاطٌ فَكَوْنُ تَرْكِهِ مُؤَثِّمًا مَحَلُّ نَظَرٍ (نَعَمْ لَوْ قَالَ) الْإِمَامُ (الْقَضَاءُ بِالصِّيغَةِ لَا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ أَمْكَنَ) عَدَمُ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ الِامْتِثَالِ بِحُكْمِ الصِّيغَةِ وَالتَّأْثِيمِ بِالتَّأْخِيرِ إلَى مَا بَعْدَ زَمَنِ الْفَوْرِ لِجَوَازِ جَعْلِهِ مُمْتَثِلًا بِحُكْمِ الصِّيغَةِ - مِنْ حَيْثُ الْقَضَاءُ - وَآثِمًا بِتَرْكِهِ الِامْتِثَالَ بِحُكْمِ الصِّيغَةِ - مِنْ حَيْثُ الْأَدَاءُ -، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ مِنْ التَّعَقُّبِ.

أَوَّلًا أَنَّ الْمُصْطَلَحَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ - كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ - لَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ.

وَثَانِيًا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ عَامَّةِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ.

وَثَالِثًا أَنَّ نَفْسَ الْإِمَامِ قَدْ قَالَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ: فَأَمَّا وَضْعُ التَّوَقُّفِ فِي أَنَّ الْمُؤَخِّرَ هَلْ يَكُونُ كَمَنْ أَوْقَعَ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَرَاءَ الْوَقْتِ الَّذِي يَتَأَقَّتُ بِهِ الْأَمْرُ حَتَّى لَا يَكُونَ مُمْتَثِلًا أَصْلًا؟ فَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ الصِّيغَةَ مُرْسَلَةٌ، وَلَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِزَمَانٍ فَلَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ.

(وَأُجِيبَ لَا شَكَّ) فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ (مَعَ دَلِيلِنَا) الْمُفِيدِ لَهُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ ثُمَّ هَذَا.

[تَنْبِيهٌ] كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ فِي ذَيْلِ مَسْأَلَةِ " صِيغَةُ الْأَمْرِ خَاصٌّ فِي الْوُجُوبِ " (قِيلَ مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ شَرْعِيَّةٌ لِأَنَّ مَحْمُولَهَا الْوُجُوبُ وَهُوَ شَرْعِيٌّ وَقِيلَ لُغَوِيَّةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآمِدِيِّ وَأَتْبَاعِهِ) ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ (إذْ كَرَّرُوا قَوْلَهُمْ فِي الْأَجْوِبَةِ: قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ وَإِثْبَاتُ اللُّغَةِ بِلَوَازِمِ الْمَاهِيَّةِ وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهَا لُغَوِيَّةً (الْوَجْهُ إذْ لَا خَلَلَ) فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَحْمُولُهَا الْوُجُوبَ (فَإِنَّ الْإِيجَابَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ وَالْإِلْزَامُ، وَإِيجَابَهُ - سُبْحَانَهُ - لَيْسَ إلَّا إلْزَامَهُ، وَإِثْبَاتَهُ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ بِطَلَبِهِ الْحَتْمِ فَهُوَ) أَيْ الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ (مِنْ أَفْرَادِ اللُّغَوِيِّ) فَإِنْ قِيلَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ شَرْعِيَّةً لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ فِي تَعْرِيفِ الْوُجُوبِ اسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ بِالتَّرْكِ وَهُوَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالشَّرْعِ فَالْجَوَابُ الْمَنْعُ (وَاسْتِحْقَاقُهُ الْعِقَابَ بِالتَّرْكِ لَيْسَ جُزْءَ الْمَفْهُومِ) لِلْوُجُوبِ (بَلْ) لَازِمٌ (مُقَارَنٌ بِخَارِجٍ عَقْلِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لِأَمْرِ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ وَهُوَ) أَيْ الْخَارِجُ الْمَذْكُورُ (حُسْنُ عِقَابِ مُخَالِفِهِ) أَيْ أَمْرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ (وَتَعْرِيفُ الْوُجُوبِ طَلَبٌ) لِفِعْلٍ (يَنْتَهِضُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ) كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (تَجُوزُ) بِمُطْلَقِ الْوُجُوبِ (لِإِيجَابِهِ - تَعَالَى - أَوْ) لِإِيجَابِ (مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ بِقَرِينَةٍ يَنْتَهِضُ إلَى آخِرِهِ، فَيَصْدُقُ إيجَابُهُ - تَعَالَى - فَرْدًا مِنْ مُطْلَقِهِ) أَيْ الْوُجُوبِ اللُّغَوِيِّ (وَظَهَرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ) لِلْعِقَابِ بِالتَّرْكِ (لَيْسَ لَازِمَ التَّرْكِ) مُطْلَقًا (بَلْ) هُوَ لَازِمٌ (لِصِنْفٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوُجُوبِ (لِتَحَقُّقِ الْأَمْرِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مُفِيدًا لِلْإِيجَابِ فَيَتَحَقَّقُ هُوَ) أَيْ الْوُجُوبُ فِيهِ (وَلَا اسْتِحْقَاقَ) لِلْعِقَابِ (بِتَرْكِهِ) لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>