للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُكْنٍ أَوْ لِعَدَمِ صِحَّةِ شُرُوعٍ لِفَقْدِ شَرْطٍ مَقْدُورٍ مِنْ طَهَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لَمَّا فَسَدَ أَوْ لَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فِيهِ شَرْعًا حُكِمَ الْعَدَمُ شَرْعًا فَيَكُونُ الِاعْتِبَارُ لِلثَّانِي الْجَامِعُ لِمُوجِبِ الِاعْتِبَارِ شَرْعًا وَهُوَ أَدَاءٌ إنْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ وَقَضَاءٌ إنْ وَقَعَ خَارِجَهُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ بِالْخَلَلِ مَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الصَّلَاةِ يَجِبُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا يُعْطِيهِ قُوَّةَ كَلَامِ الْمِيزَانِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً فَصَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُرَّاحِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَأَنَّ بِالْأَوَّلِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَنَّ الْفِعْلَ الثَّانِيَ بِمَنْزِلَةِ الْجَبْرِ كَالْجَبْرِ بِسُجُودِ السَّهْوِ فَلَا يَدْخُلُ فِي تَقْسِيمِ الْوَاجِبِ إلَى أَدَاءٍ وَقَضَاءٍ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَالشَّيْخِ حَافِظِ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَبِي الْيُسْرِ مَنْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ زَادَ أَبُو الْيُسْرِ وَيَكُونُ الْفَرْضُ هُوَ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِي تَقْسِيمِ الْوَاجِبِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمِيزَانِ أَوْ عَنْ الْأَدَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ.

وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ مُصْطَلَحُ الْأَكْثَرِينَ أَوْ أَنَّهُ قِسْمٌ ثَالِثٌ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاصِلِ وَالْمِنْهَاجِ، ثُمَّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ لَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذْ هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَيَكُونُ جَابِرًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ وَجَعْلُهُ الثَّانِيَ يَقْتَضِي عَدَمَ سُقُوطِهِ بِالْأَوَّلِ إذْ هُوَ لَازِمٌ تَرْكَ الرُّكْنِ لَا الْوَاجِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ امْتِنَانٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إذْ يَحْتَسِبُ الْكَامِلَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْفَرْضِ لِمَا عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ سَيُوقِعُهُ اهـ.

وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْإِعَادَةَ قِسْمٌ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ قُلْنَا الْفَرْضُ هُوَ الْأَوَّلُ فَهِيَ غَيْرُهُمَا، وَإِنْ قُلْنَا الثَّانِي فَهِيَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى اصْطِلَاحِ أَصْحَابِنَا وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهَا فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لِخَلَلٍ فِي فِعْلِهِ أَوَّلًا مِنْ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا الْإِخْفَاءِ فِي أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهَا أَدَاءٌ وَقِيلَ لِعُذْرٍ أَيْ لِخَلَلٍ فِي فِعْلِهِ أَوَّلًا أَوْ حُصُولِ فَضِيلَةٍ لَمْ يَكُنْ فِي فِعْلِهِ أَوَّلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُذْرَ أَعَمُّ مِنْ الْخَلَلِ وَهُوَ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ اللَّوْمُ وَعَلَى هَذَا قِيلَ

لَعَلَّ بِهِ عُذْرًا وَأَنْتَ تَلُومُ

فَالصَّلَاةُ الْمَفْعُولَةُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ جَمَاعَةً بَعْدَ فِعْلِهَا عَلَى الِانْفِرَادِ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ إعَادَةً عَلَى هَذَا لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ الْخَلَلِ وَعَلَى هَذَا فَالْإِعَادَةُ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ.

(وَالْقَضَاءُ) تَعْرِيفُهُ بِنَاءً (عَلَى أَنَّهُ) وَاجِبٌ (بِسَبَبِهِ) أَيْ الْأَدَاءِ (فِعْلُهُ) أَيْ الْوَاجِبِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْوَقْتِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى اعْتِرَاضٍ عَلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ الْقَضَاءُ يَجِبُ بِسَبَبِ الْأَدَاءِ نَفْسِهِ فَالْمُقْتَضَى هُوَ نَفْسُ الْوَاجِبِ الْمُقَيَّدِ بِالْوَقْتِ إذَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ تَعْرِيفِهِمْ الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ أَدَاءٌ مِثْلُ الْوَاجِبِ فَقَالَ (فَفِعْلُ مِثْلِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (خَارِجٌ) عَنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَدَاءِ وَالْإِعَادَةِ وَالْقَضَاءِ ثُمَّ قَالَ اسْتِطْرَادًا (كَفِعْلِ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ مِنْ السُّنَنِ) بِوَقْتٍ (وَالْمُقَيَّدِ) مِنْهَا بِوَقْتٍ (كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ) فَإِنَّهَا لَا تُوصَفُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ حَقِيقَةً عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَإِلَّا فَقَدْ نَصَّ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ فِي التَّقْوِيمِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ. عَلَى أَنَّ الْأَدَاءَ نَوْعَانِ: وَاجِبٌ وَنَفْلٌ وَتَعْرِيفُهُ عَلَى هَذَا فِعْلُ مَا طَلَبَ مِنْ الْعَمَلِ بِعَيْنِهِ كَمَا ذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ أَوْ تَسْلِيمُ عَيْنِ مَا طَلَبَ شَرْعًا كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ (وَمَنْ يُحَقِّقُ الْقَضَاءَ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ) مِثْلُ سُنَّةِ الْفَجْرِ كَمَا ذَكَرَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ (يُبَدِّلُ الْوَاجِبَ بِالْعِبَادَةِ) فَيَقُولُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ وَقْتِهَا أَوْ فِعْلُ مِثْلِ عَيْنِ مَا طَلَبَ شَرْعًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ (فَتَسْمِيَةُ الْحَجِّ) الصَّحِيحِ (بَعْدَ) الْحَجِّ (الْفَاسِدِ قَضَاءً) كَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ مَشَايِخِنَا وَغَيْرِهِمْ (مَجَازٌ) ؛ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ وَهُوَ الْعُمُرُ فَهُوَ أَدَاءٌ عَلَى قَوْلِ مَشَايِخِنَا وَإِعَادَةٌ عَلَى تَعْرِيفِهَا الْمَذْكُورِ لِلشَّافِعِيَّةِ (وَتَضْيِيقُهُ) أَيْ وَقْتِ الْحَجِّ (بِالشُّرُوعِ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَتَأْخِيرُهُ إلَى عَامٍ آخَرَ كَمَا ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (لَا يُوجِبُهُ) أَيْ كَوْنُهُ قَضَاءً بَعْدَ الْإِفْسَادِ لِفَوَاتِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِهِ كَمَا زَعَمُوا (كَالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ) ثَانِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>