غَيْرِهِ فَصَارَ الْوَاجِبُ كَأَنَّهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ فَيَتَخَيَّرُ إذْ التَّسْلِيمُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمَرْأَةِ فَبِأَيٍّ أَتَاهَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِمَّا مَا قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَصِيرُ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ قِيمَتِهِ وَذَا يُوجِبُ فَسَادَ التَّسْمِيَةِ وَيُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ أُجِيبُ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ إنَّمَا فَسَدَتْ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِهَا ابْتِدَاءً وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَرَاهِمُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْعَبْدَ الْوَسَطَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَالْقِيمَةُ اُعْتُبِرَتْ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمُسَمَّى إذْ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا لَا أَنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَا سَمَّاهَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٌ فَاسْتَحَقَّ أَوْ هَلَكَ تَجِبُ الْقِيمَةُ مَهْرًا أَوْ يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِنَاءً عَلَى مُسَمًّى مَعْلُومٍ لَا ابْتِدَاءً فَكَذَا هَذَا كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَلَعَلَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الْأَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ الْمُرَادَ وَلَا يَخْفَى مَا فِي جَوَابِهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ النَّقَّادِ.
(وَعَنْ سَبْقِ الْمُمَاثِلِ صُورَةً) وَمَعْنَى عَلَى الْمُمَاثِلِ مَعْنًى لَا غَيْرُ فِي الِاعْتِبَارِ (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَطَعَ) يَدَ إنْسَانٍ عَمْدًا (ثُمَّ قَتَلَ) الْقَاطِعُ الْمَقْطُوعَ أَيْضًا (عَمْدًا قَبْلَ الْبُرْءِ) لِلْقَطْعِ (لِلْوَلِيِّ كَذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ ثُمَّ يَقْتُلَهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ الْقَتْلِ مِثْلٌ كَامِلٌ لِفِعْلِهِ صُورَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَعْنًى وَهُوَ إزْهَاقُ الرُّوحِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ بِلَا قَطْعٍ فَإِنَّهُ مِثْلٌ قَاصِرٌ لِمُسَاوَاتِهِ مَعْنًى لَا صُورَةً وَالْمِثْلُ الْكَامِلُ سَابِقٌ عَلَيْهِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَاصِرِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَهُ الْعَفْوُ لَكِنْ قِيلَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ هُوَ وَلِيُّهُ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ الْكَبِيرُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقَتْلِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الصَّغِيرِ فِي الْكَامِلِ وَهُوَ مُمْكِنٌ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا لَيْسَ لَهُ سِوَى الْقَتْلِ (بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَفْعَالَ جِنَايَةٌ (وَاحِدَةٌ) مَعْنًى عِنْدَهُمَا وَهِيَ الْقَتْلُ.
(لِأَنَّ بِالْقَتْلِ ظَهَرَ أَنَّهُ) أَيْ الْجَانِيَ (قَصَدَهُ) أَيْ الْقَتْلَ (بِالْقَطْعِ) فَصَارَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِضَرَبَاتٍ (وَجِنَايَتَانِ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (وَمَا ذَكَرَا) مِنْ أَنَّ بِالْقَتْلِ ظَهَرَ أَنَّهُ قَصْدَهُ (لَيْسَ بِلَازِمٍ) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَاحِيًا لِأَثَرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ يَفُوتُ بِهِ فَلَا تُتَصَوَّرُ السِّرَايَةُ بَعْدَ فَوَاتِهِ وَهُوَ عِلَّةٌ صَالِحَةٌ لِإِزْهَاقِ الرُّوحِ قَطْعًا فَوْقَ الْقَطْعِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً لِتَيَقُّنِهِ لَا لِلْقَطْعِ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِالسِّرَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَخَلَّلَ الْبُرْءُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَيَقْتُلَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى قَدْ انْتَهَتْ وَاسْتَقَرَّ حُكْمُهَا بِالْبَرَاءَةِ، ثُمَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْكَامٌ أُخْرَى بِحَسَبِ اخْتِلَافِ وُجُوهِهَا تُعْرَفُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (وَعَنْهُ) أَيْ سَبْقُ الْمُمَاثِلِ صُورَةً وَمَعْنًى عَلَى الْقَاصِرِ فِي الِاعْتِبَارِ أَيْضًا (قَالَ) أَبُو حَنِيفَةَ (لَا يَضْمَنُ) الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (الْمِثْلِيَّ بِالْقِيمَةِ إذَا انْقَطَعَ الْمِثْلُ) مِنْ أَيْدِي النَّاسِ (إلَّا يَوْمَ الْخُصُومَةُ) وَالْقَضَاءَ بِهَا (لِأَنَّ التَّضْيِيقَ) لِوُجُوبِ أَدَائِهِ الْمِثْلَ الْكَامِلَ الْوَاجِبُ فِي ذِمَّتُهُ (بِالْقَضَاءِ) بِهِ عَلَيْهِ (فَعِنْدَهُ) أَيْ الْقَضَاءِ بِهِ عَلَيْهِ (يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ) عَنْهُ فَيَتَحَوَّلُ إلَى الْقَاصِرِ.
(بِخِلَافِ) الْمَغْصُوبِ (الْقِيَمِيِّ) حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ اتِّفَاقًا (لِأَنَّ وُجُوبَ قِيمَتِهِ بِأَصْلِ السَّبَبِ) الَّذِي هُوَ الْغَصْبُ (فَيُعْتَبَرُ) الْوُجُوبُ (يَوْمَ الْغَصْبِ وَلِأَبِي يُوسُفَ) فِي أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ (يَوْمَ الْغَصْبِ) أَيْضًا أَنْ يُقَالَ (لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَحَقَ) الْمِثْلِيُّ (بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ بِالِانْقِطَاعِ وَجَبَ الْخُلْفُ) وَهُوَ الْقِيمَةُ (وَوُجُوبُهُ) أَيْ الْخُلْفِ (بِسَبَبِ الْأَصْلِ) أَيْ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى (وَهُوَ) أَيْ السَّبَبُ (الْغَصْبُ وَمُحَمَّدٍ) قَالَ (الْقِيمَةُ لِلْعَجْزِ) عَنْ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى (وَهُوَ) أَيْ الْعَجْزُ (بِالِانْقِطَاعِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمُهُ) أَيْ الِانْقِطَاعُ وَنَصَّ فِي التُّحْفَةِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (وَاتَّفَقُوا) أَيْ أَصْحَابُنَا (أَنْ بِإِتْلَافِ الْمَنَافِعِ) لِلْأَعْيَانِ كَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارُ (لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ الْمِثْلِ الْقَاصِرِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تُمَاثِلُ الْعَيْنَ صُورَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْمَنْفَعَةَ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يُصَانُ وَيُدَّخَرُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْمَنَافِعَ لَا تَبْقَى بَلْ كَمَا تُوجَدُ تَتَلَاشَى وَالتَّقَوُّمُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الضَّمَانِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْوُجُودِ؛.
لِأَنَّ التَّقَوُّمَ لَا يَسْبِقُ الْوُجُودَ إذْ الْمَعْدُومُ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَبَعْدَ الْوُجُودِ لَا يُحْرَزْ لِعَدَمِ الْبَقَاءِ فَلَا يُتَقَوَّمُ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ لَا يَسْبِقُ الْإِحْرَازَ (وَالِاتِّفَاقُ) وَاقِعٌ (عَلَى نَفْيِ الْقَضَاءِ بِالْكَامِلِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُضْمَنُ بِمِثْلِهَا مِنْ الْمَنَافِعِ (لَوْ وَقَعَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute