لَهُ دَلَالَةٌ وَحْدَهُ كَمَا أَنَّ مُسْلِمًا فِي مُسْلِمُونَ لَيْسَ دَالًّا فَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً بَلْ الْمَجْمُوعُ هُوَ الْحَقِيقَةُ (الْقَاضِي وَعَبْدُ الْجَبَّارِ مِثْلُهُ) أَيْ أَبِي الْحُسَيْنِ (فِيمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ) مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ وَهُوَ الصِّفَةُ وَالْغَايَةُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَالِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَ عَبْدِ الْجَبَّارِ دَلِيلًا وَهُوَ لُزُومُ كَوْنِ نَحْوِ الْمُسْلِمِ لِلْمَعْهُودِ مَجَازًا لَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ يُوجِبُ تَجَوُّزًا فِي اللَّفْظِ وُجُوبًا وَهُوَ مَنْعُ لُزُومِهِ ثُمَّ قَالُوا إنَّمَا اسْتَثْنَى الْقَاضِي الصِّفَةَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَأَنَّهَا مُخَصِّصٌ مُسْتَقِلٌّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يُوَجِّهُوا لِلْغَايَةِ وَجْهًا وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي الْجَوَابِ
وَأَيْضًا ذَكَرَ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي عُمْدَةِ الْأَدِلَّةِ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا عِنْدَهُ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَاقِيًا عَلَى عُمُومِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً، وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ (الْمُخَصَّصُ بِاللَّفْظِ مِثْلُهُ) أَيْ أَبِي الْحُسَيْنِ أَيْضًا دَلِيلًا وَهُوَ لُزُومُ كَوْنِ نَحْوِ الْمُسْلِمِ لِلْمَعْهُودِ مَجَازًا لَوْ كَانَتْ الدَّلَائِلُ اللَّفْظِيَّةُ تُوجِبُ تَجَوُّزًا فِي اللَّفْظِ وَجَوَابًا وَهُوَ مَنْعُ لُزُومِهِ (وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُ هَذَا (أَضْعَفُ) مِنْ دَلِيلِهِ لِشُمُولِ اللَّفْظِيِّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ، وَقَدْ كَانَ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ لِلْمُتَّصِلِ وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ إيجَابِ التَّجَوُّزِ لَفْظًا، أَوَّلُهُ دَخَلَ فِي مَنْعِ إيجَابِهِ كَمَا فِي نَحْوِ الْمُسْلِمِ كَمَا ظَنَّ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُنْفَصِلِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ قَطْعًا (الْإِمَامُ الْجَمْعُ كَتَعْدَادِ الْآحَادِ) قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ مَعْنَى الرِّجَالِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ إلَى أَنْ يُسْتَوْعَبَ وَإِنَّمَا وُضِعَ الرِّجَالُ اخْتِصَارًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (وَفِيهِ) أَيْ تَعْدَادِهَا (إذَا بَطَلَ إرَادَةُ الْبَعْضِ لَمْ يَصِرْ الْبَاقِي مَجَازًا) فَكَذَا الْجَمْعُ وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعَامِّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ إلَى الْجَمْعِ كَمَا يُشِيرُ بِهِ تَقْرِيرُ الْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ، لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ هَذَا التَّوْجِيهُ وَإِنْ كَانَ قَاصِرًا عَلَى بَعْضِ الدَّعْوَى إذْ لَيْسَ كُلُّ عَامٍّ جَمْعًا (أُجِيبَ أَنَّ الْحَاصِلَ) مِنْ الْعَامِّ (وَاحِدٌ) وَهُوَ اسْتِغْرَاقُ مَا يَصْلُحُ لَهُ لِوَضْعِهِ (لِلِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ لِاسْتِغْرَاقِهِ (فَفِي بَعْضِهِ) أَيْ فَاسْتِعْمَالُ الْعَامِّ مُرَادًا بِهِ بَعْضُهُ (فَقَطْ مَجَازٌ) بِخِلَافِ الْآحَادِ الْمُتَعَدِّدَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِلَفْظٍ مِنْهَا بَعْضُ مَا وُضِعَ لَهُ وَإِذَا بَطَلَتْ بَعْضُ الْحَقَائِقِ لَمْ يَلْزَمْ بُطْلَانُ حَقِيقَةٍ أُخْرَى عَلَى أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ كَوْنُ الْجَمْعِ كَتَكْرَارِ الْآحَادِ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ذَلِكَ لَيْسَ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ بَلْ لِبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي وَضْعِهِ (وَمَا قِيلَ يُمْكِنُ اللَّفْظُ) الْوَاحِدُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَمَجَازًا (بِحَيْثِيَّتَيْنِ) فَلْيَكُنْ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ مَجَازًا - مِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَاقِيَ لَيْسَ مَوْضُوعَهُ الْأَصْلِيَّ - وَحَقِيقَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ وَضْعِهِ فَلَمْ يُنْقَلْ نَقْلًا كُلِّيًّا كَمَا هُوَ شُبْهَةُ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ إيَّاهُ (فَتَانِكَ) الْحَيْثِيَّتَانِ إنَّمَا هُمَا (بِاعْتِبَارِ وَضْعِيِّ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ)
قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّ الْحَيْثِيَّتَيْنِ الْكَائِنَتَيْنِ لِلَّفْظِ إنَّمَا هُمَا كَوْنُهُ بِحَيْثُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي هَذَا كَانَ حَقِيقَةً لَهُ لِوَضْعِهِ لَهُ عَيْنًا وَهُوَ الْوَضْعُ الْحَقِيقِيُّ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي ذَاكَ كَانَ مَجَازًا لِوَضْعِهِ بِالنَّوْعِ لَهُ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ وَضْعِ الْمَجَازِ فِي الْكِتَابِ لَا أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ وَاحِدٌ يَكُونُ اللَّفْظُ فِيهِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا كَمَا ادَّعَاهُ الْإِمَامُ (وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مَعًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ (عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ اتِّفَاقُ نَفْيِهِ) أَيْ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ مَعًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فِي ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ (هَذَا) مَا ذُكِرَ (وَلَمْ يَسْتَدِلَّ) الْإِمَامُ (عَلَى شِقِّهِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الِاقْتِصَارِ لِظَنِّهِ ظُهُورَهُ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ) اللَّفْظُ الْعَامُّ (مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الِاقْتِصَارِ إلَّا لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَى الِاقْتِصَارِ، وَانْتِفَاؤُهُ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute