أَنْ يَقُولَ: لَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ يَتَعَدَّى مِنْ ثُبُوتِ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي مُسَمَّى لَفْظٍ عَامٍّ ثُبُوتُهُ فِي صِيَغِهِ أَيْضًا ضَرُورَةَ اتِّصَافِهَا بِهِ، وَالْجَوَابُ الْمُحَقَّقُ فِي دَفْعِ قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّخْصِيصُ مِنْ صِيَغِهِ لَا كَلَامَ فِيهِ وَمَا يَصِحُّ التَّخْصِيصُ فِيهِ مِنْهَا تَنَاوَلَهُ إذَا قُصِرَ عَلَى الثَّلَاثِ فَصَاعِدًا، مَعْنَى الْعُمُومِ فِيهِ بَاقٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَشْرِطْ الِاسْتِغْرَاقَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ تِلْكَ الصِّيغَةِ حَقِيقَةً فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَيْسَ تَمَامَ مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ فَلَا يُجْدِي عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي مُسَمَّى الْعَامِّ وَلَا فِيمَا تَنَاوَلَتْهُ صِيغَتُهُ كَوْنُ الصِّيغَةِ حَقِيقَةً فِي الْبَاقِي فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَمَا قِيلَ) وَقَائِلُهُ عَضُدُ الدِّينِ (إرَادَتُهُ) أَيْ الْبَاقِي (لَيْسَ بِالْوَضْعِ الثَّانِي وَالِاسْتِعْمَالِ) الثَّانِي لَهُ فِيهِ (بَلْ) الْبَاقِي مُرَادٌ (بِالْأَوَّلِ) مِنْهُمَا وَإِنَّمَا طَرَأَ عَدَمُ إرَادَةِ بَعْضِ مَعْنَى اللَّفْظِ (مَمْنُوعٌ بَلْ الْحَقِيقَةُ إرَادَتُهُ) أَيْ الْبَاقِي (بِالْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ الْبَاقِي (دَاخِلٌ فِي تَمَامِ الْوَضْعِيِّ الْمُرَادِ) بِاللَّفْظِ (لَا) إرَادَاتُهُ (بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ تَمَامَ الْمُرَادِ بِالْحُكْمِ) أَمَّا إذَا أُرِيدَ هَذَا (فَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ مَوْضُوعًا لَهُ إنَّمَا هُوَ (بِالثَّانِي) وَلَيْسَتْ إرَادَةُ الْبَاقِي إلَّا بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ (الْحَنَابِلَةُ: تَنَاوُلُهُ) أَيْ الْعَامِّ لِلْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (كَمَا كَانَ) قَبْلَهُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ التَّنَاوُلِ لِلْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (وَمَعَ قَرِينَةِ الِاقْتِصَارِ) عَلَيْهِ (لَا يُغَيِّرُهُ) أَيْ تَنَاوُلُهُ لَهُ (فَهُوَ حَقِيقَةٌ قُلْنَا الْحَقِيقَةُ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعْنَى) الْمَوْضُوعِ لَهُ (لَا التَّنَاوُلِ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّنَاوُلَ (لِتَبَعِيَّتِهِ لِلْوَضْعِ ثَابِتٌ لِلْمُخْرَجِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ وَلِكُلٍّ وَضْعِيٌّ حَالَ التَّجَوُّزِ بِلَفْظَةِ الرَّازِيِّ إذَا بَقِيَ) مِنْ الْعَامِّ مِقْدَارٌ (غَيْرُ مُنْحَصِرٍ) فِي عَدَدٍ (فَهُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْبَاقِي (مَعْنَى الْعُمُومِ) لِأَنَّهُ كَوْنُ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ فِي عَدَدٍ فَيَكُونُ فِيهِ حَقِيقَةً (نَقَلَهُ الشَّافِعِيَّةُ عَنْهُ وَالْحَنَفِيَّةُ بِنَقْلِ مَذْهَبِهِ أَجْدَرُ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِهِ فَإِنَّهُ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ هُمْ بِهِ أَعْرَفُ (وَهُوَ) أَيْ مَذْهَبُهُ (بِنَاءٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ) فِي الْعُمُومِ (وَغَلِطَ) الرَّازِيّ (بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ) أَيْ دَلِيلَهُ (كَوْنُ الْخِلَافِ فِي لَفْظِ الْعُمُومِ لَا فِي الصِّيغَةِ) وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَهُوَ مِنْ اشْتِبَاهِ الْعَارِضِ بِالْمَعْرُوضِ كَمَا وَقَعَ مِثْلُهُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ ثُمَّ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِ كَوْنِ مَعْنَى الْعُمُومِ ذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ تَنَاوُلُهُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ وَقَدْ كَانَ مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَصَارَ لِبَعْضِهِ فَكَانَ مَجَازًا (أَبُو الْحُسَيْنِ لَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ يُوجِبُ تَجَوُّزًا) فِي اللَّفْظِ (لَزِمَ كَوْنُ الْمُسْلِمِ لِلْمَعْهُودِ مَجَازًا) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَزُومُ مِثْلُهُ
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ مُسْلِمًا مُقَيَّدٌ بِمَا هُوَ كَالْجُزْءِ لَهُ وَهُوَ اللَّامُ وَقَدْ صَارَ بِهِ لِمَعْنًى غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ كَانَ لِمَنْ قَامَ بِهِ الْإِسْلَامُ بِدُونِ عَهْدٍ وَقَدْ صَارَ لَهُ مَعَ الْعَهْدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْجَوَابُ) عَنْهُ كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ (بِأَنَّ الْمَجْمُوعَ) مِنْ مُسْلِمٍ وَاللَّامِ هُوَ (الدَّالُّ) عَلَى مَجْمُوعِ الْمَعْنَى لَا أَنَّ مُسْلِمًا لِلْجِنْسِ وَاللَّامَ لِلْقَيْدِ (مُنْدَفِعٌ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمَا) أَيْ اللَّامَ وَمُسْلِمًا (كَلِمَتَانِ بِوَضْعَيْنِ رُكِّبَتَا) وَجُعِلَ مَجْمُوعُهُمَا دَالًّا عَلَى الْمَعْنَى (مُجَرَّدُ اعْتِبَارٍ يُمْكِنُ مِثْلُهُ فِي الْعَامِّ الْمُقَيَّدِ بِمَا يَسْتَقِلُّ وَإِلَّا) إنْ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الدَّالِّ فِي مِثْلِ الْمُسْلِمِ الْمَجْمُوعَ مِنْ اللَّامِ وَمَدْخُولِهَا وَلَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنُ الدَّالِّ فِي الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدِ بِهِ مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ الْمَجْمُوعَ مِنْهُمَا (فَتَحَكُّمٌ مَحْضٌ) لِكَوْنِهِ فَرْقًا بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِلَا فَرْقٍ مُؤَثِّرٍ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الْأَبْهَرِيِّ وَفِيمَا نَقَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ - مِنْ أَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ بِغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ حَقِيقَةٌ - نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ وَحْدَهُ لَيْسَ حَقِيقَةً عِنْدَهُ وَلَا مَجَازًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ تَلْخِيصَ دَلِيلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ يَنْفِي كَوْنَهُ مَجَازًا وَيُنَافِي كَوْنَهُ حَقِيقَةً وَلِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ بِغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute