(فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (وَفِي الْخَبَرِ) مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ فِيهِ أَمْرَانِ (فِي الْعَدَالَةِ) لِلرَّاوِي (وَالدَّلَالَةِ) لِلْخَبَرِ عَلَى الْحُكْمِ
(وَأَمَّا) أَنَّ هَذَا مُعَارِضٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ (احْتِمَالُ كُفْرِ الرَّاوِي وَكَذِبِهِ وَخَطَئِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ عَنْهَا (وَاحْتِمَالُ الْمَتْنِ الْمَجَازَ) وَمَا فِي حُكْمِهِ مِنْ الْإِضْمَارِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ أَضْعَفُ مِمَّا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ (فَمِنْ الْبُعْدِ) بِمَحَلٍّ (لَا يُحْتَاجُ إلَى اجْتِهَادٍ فِي نَفْيِهِ وَلَوْ) اُحْتِيجَ فِي نَفْيِ الْكُفْرِ وَأَخَوَيْهِ إلَى اجْتِهَادٍ (فَلَا) يُحْتَاجُ إلَيْهِ (عَلَى الْخُصُوصِ بَلْ يَنْتَظِمُهُ) أَيْ نَفْيُ ذَلِكَ (الْعَدَالَةَ) أَيْ الِاجْتِهَادَ فِيهَا فَإِذَا أَدَّى إلَيْهَا حَصَلَ نَفْيُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ لِيَجْتَهِدَ فِيهِ مُنْتَفٍ لِأَنَّهُ) أَيْ حُكْمَ الْأَصْلِ (مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلَوْ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُتَنَاظِرَيْنِ (فِي الْمُخْتَارِ عِنْدَهُمْ وَكَذَا نَفْيُ كَوْنِهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (فَرْعًا) لِغَيْرِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ أَيْضًا (فَهِيَ) أَيْ مَحَالُّ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِيَاسِ (أَرْبَعَةٌ لِسُقُوطِهِ) أَيْ الِاجْتِهَادِ (فِي مُعَارِضِ الْأَصْلِ) وَهُوَ أَحَدُ الْمَحَالِّ لَهُ (ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ سُقُوطَ الِاجْتِهَادِ فِي نَفْسِ الْأَصْلِ (وَلَوْ سُلِّمَ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ (فَإِثْبَاتُهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْقِيَاسِ) أَيْ شَرْطًا لَازِمًا فِيهِ بَلْ اللَّازِمُ فِي الْقِيَاسِ ثُبُوتُهُ فَإِنَّ حَاصِلَ الْأَصْلِ أَنَّهُ حُكْمٌ دَلَّ عَلَيْهِ سَمْعِيٌّ وَالْمُجْتَهِدُونَ بِصَدَدِ أَنْ يَأْخُذُوا الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ السَّمْعِيَّةِ لِلْعَمَلِ بِهَا فَحِينَ اُجْتُهِدَ فِي السَّمْعِيِّ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى الْقِيَاسِ وَضْعًا بَلْ وُضِعَ لِاجْتِهَادِهِ لِيَعْمَلَ بِعَيْنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ قِيسَ عَلَيْهِ أَوْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ بَعْدَ مَا ثَبَتَ لِغَرَضِ الْعَمَلِ بِعَيْنِهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ عَمَلًا آخَرَ يَسْتَعْلِمُ بِهِ أَنَّ مَحَلًّا آخَرَ هَلْ فِيهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ أَوْ لَا فَهَذَا الْعَمَلُ هُوَ الْقِيَاسُ وَهُوَ فِيهِ مُسْتَغْنٍ عَنْ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ السَّابِقِ وَإِنَّمَا حَاجَتُهُ الْآنَ إلَيْهِ نَفْسِهِ وَهُوَ مَفْرُوغٌ مِنْهُ لَا إلَى إثْبَاتِهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ فِعْلُ الْمُجْتَهِدِ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ الْمُسَاوَاةُ فَذَلِكَ الْعَمَلُ اجْتِهَادٌ لِيَحْصُلَ الْقِيَاسُ كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ (وَإِنَّ الِاجْتِهَادَ) أَيْ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ (فِي الْعَدَالَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ ظَنَّ الضَّبْطِ فَهُوَ) أَيْ الضَّبْطُ (مَحَلٌّ ثَالِثٌ فِي الْخَبَرِ وَفِي الدَّلَالَةِ إنْ أَفْضَى) الِاجْتِهَادُ (إلَى ظَنِّ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَدْلُولِ (حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا لَا يُوجِبُ ظَنَّ عَدَمِ النَّاسِخِ) إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا (فَرَابِعٌ) أَيْ فَمَدْلُولُ الْخَبَرِ مَحَلٌّ رَابِعٌ لِلِاجْتِهَادِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مَنْسُوخٍ (وَلَا) يُوجِبُ ظَنَّ عَدَمِ (الْمُعَارِضِ) لَهُ (فَخَامِسٌ) أَيْ فَهُوَ مَحَلٌّ خَامِسٌ لِلِاجْتِهَادِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُعَارِضٍ (وَيَنْدَرِجُ بَحْثُهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ (عَنْ الْمُخَصَّصِ) إذَا كَانَ الْمَدْلُولُ عَامًّا فِي بَحْثِهِ عَنْ نَفْيِ الْمُعَارِضِ لِأَنَّهُ مُعَارِضٌ صُورَةَ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ
(وَفِي الْأَقْيِسَةِ الْمَنْصُوصَةِ الْعِلَّةِ بِغَيْرِ رَاجِحٍ إنْ زَادَ) الْقِيَاسُ مِنْهَا عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (مَحَلَّانِ) الدَّلَالَةُ وَالْعَدَالَةُ (سَقَطَ) مِنْ مَحَالِّ الِاجْتِهَادِ فِيهِ (مَحَلَّانِ) كَوْنُهُ مُعَلَّلًا وَتَعْيِينُ الْعِلَّةِ فَإِنْ قِيلَ بَلْ عَلَى بَحْثِكُمْ خَمْسَةٌ قُلْنَا لَمَّا فُرِضَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ تَبَيَّنَ بِالْأَمْرَيْنِ فَلَا يَتَعَدَّى النَّاظِرُ إلَى غَيْرِهِمَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ إذْ كَانَ بِرَدِّهِ كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ (فَقُصِرَ) الْقِيَاسُ عَنْ الْخَبَرِ فِي عَدَدِ مَحَالِّ الِاجْتِهَادِ فَكَانَ الظَّنُّ الَّذِي فِيهِ أَقْوَى مِمَّا فِي الْخَبَرِ ثُمَّ هَذَا نَظَرٌ فِي هَذَا الدَّلِيلِ الْخَاصِّ فَلَا يَقْدَحُ فِي الْمَطْلُوبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَفِيمَا تَقَدَّمَ) مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ (كِفَايَةٌ) عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ (وَاسْتَدَلَّ) لِلْأَكْثَرِ أَيْضًا (بِثُبُوتِ أَصْلِ الْقِيَاسِ بِالْخَبَرِ) كَخَبَرِ مُعَاذٍ السَّابِقِ (فَلَا يُقَدَّمُ) الْقِيَاسُ (عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ الْخَبَرِ (وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَمْرَانِ) أَيْ إثْبَاتُهُ بِالْخَبَرِ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَكْلِيفِ الْمُجْتَهِدِ بِطَلَبِ الْمَنَاطِ فِي أَوَاخِرِ مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْخَبَرِ لِأَنَّهُ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ (وَبِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ) أَيْ وَاسْتَدَلَّ لِلْأَكْثَرِ أَيْضًا بِأَنَّ الْخَبَرَ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ (وَلَوْلَا الطَّرِيقُ) الْمُوصِلَةُ لَهُ إلَيْنَا لِأَنَّ سَمَاعَ الشَّيْءِ مِنْ قَائِلِهِ مِنْ طُرُقِ الْعِلْمِ بِهِ (بِخِلَافِ الْقِيَاسِ) فَإِنَّهُ ظَنِّيٌّ (وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْحَاصِلُ الْآنَ وَهُوَ) أَيْ الْحَاصِلُ الْآنَ مِنْهُ (مَظْنُونٌ) ثُمَّ مَضَى
(هَذَا وَأَمَّا تَقْدِيمُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقِيَاسِ) الَّذِي عِلَّتُهُ ثَابِتَةٌ بِنَصٍّ رَاجِحٍ عَلَى الْخَبَرِ وَقَطَعَ بِهَا فِي الْفَرْعِ عَلَى الْخَبَرِ (فَلِرُجُوعِهِ) أَيْ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ (إلَى الْعَمَلِ بِرَاجِحٍ مِنْ الْخَبَرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute