وَالْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ) وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَلَةٌ لِصِدْقِ الْمُجْمَلِ عَلَيْهَا
(السَّادِسَةُ لَا إجْمَالَ فِيمَا لَهُ مُسَمَّيَانِ لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ بَلْ) ذَلِكَ اللَّفْظُ إذَا صَدَرَ عَنْ الشَّرْعِ (ظَاهِرٌ فِي الشَّرْعِيِّ) فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّهْيِ وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَثَانِيهَا لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ مُجْمَلٌ فِيهِمَا (وَثَالِثُهَا لِلْغَزَالِيِّ فِي النَّهْيِ مُجْمَلٌ) وَفِي الْإِثْبَاتِ لِلشَّرْعِيِّ (وَرَابِعُهَا) لِقَوْمٍ مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ هُوَ (فِيهِ) أَيْ فِي النَّهْيِ (لِلُّغَوِيِّ) وَفِي الْإِثْبَاتِ لِلشَّرْعِيِّ (لَنَا عُرْفُهُ) أَيْ الشَّرْعِ (يَقْضِي بِظُهُورِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (فِيهِ) أَيْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ (الْإِجْمَالُ) فِيهِمَا (يَصْلُحُ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا وَلَمْ يَظْهَرْ لِأَحَدِهِمَا، وَأُجِيبَ بِظُهُورِهِ فِي الشَّرْعِيِّ بِمَا ذَكَرْنَا (الْغَزَالِيُّ الشَّرْعِيُّ مَا وَافَقَ أَمْرَهُ) أَيْ الشَّرْعِ (وَهُوَ) أَيْ مَا وَافَقَ أَمْرَهُ (الصَّحِيحُ) فَالشَّرْعِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي الْإِثْبَاتِ (وَيَمْتَنِعُ فِي النَّهْيِ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ (أُجِيبَ لَيْسَ الشَّرْعِيُّ الصَّحِيحَ بَلْ) إنَّمَا هُوَ (الْهَيْئَةُ) أَيْ مَا يُسَمِّيهِ الشَّرْعُ بِذَلِكَ الِاسْمِ مِنْ الْهَيْئَاتِ الْمَخْصُوصَةِ صَحَّتْ أَوْ لَمْ تَصِحَّ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ «قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ حُبَيْشٍ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ» كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مُجْمَلًا فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَالدُّعَاءِ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْحَائِضَ غَيْرُ مَنْهِيَّةٍ عَنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ
قُلْت عَلَى أَنَّ امْتِنَاعَ الشَّرْعِيِّ فِي النَّهْيِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا فِي اللُّغَوِيِّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي تَوْجِيهِ الرَّابِعِ لَا مُجْمَلًا (وَالرَّابِعُ مِثْلُهُ) أَيْ وَتَوْجِيهُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ كَتَوْجِيهِ الثَّالِثِ (غَيْرَ) أَنَّهُ يُقَالُ (إنَّهُ) أَيْ اللَّفْظَ (فِي النَّهْيِ لِلُّغَوِيِّ؛ إذْ لَا ثَالِثَ) لِلُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ (وَقَدْ تَعَذَّرَ الشَّرْعِيُّ) لِلُزُومِ صِحَّتِهِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ كَبَيْعِ الْحُرِّ فَتَعَيَّنَ اللُّغَوِيُّ فَلَا إجْمَالَ (وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ الشَّرْعِيَّ لَيْسَ الصَّحِيحَ، وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الدُّعَاءُ، وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ (فَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَاعْتَبَرُوا وَصْفَ الصِّحَّةِ فِي الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى مَا يُعْرَفُ) فِي النَّهْيِ (فَالصِّحَّةُ فِي الْمُعَامَلَةِ تَرَتُّبُ الْآثَارِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ الْفَسْخِ، وَالْفَسَادُ عِنْدَهُمْ) تَرَتُّبُ الْآثَارِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ وُجُوبِ الْفَسْخِ (وَإِنْ كَانَ) الصَّحِيحُ (عِبَادَةً فَالتَّرَتُّبُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اعْتَبَرُوا فِي الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ الصِّحَّةَ عَلَى قَوْلِ الْمُخَالِفِينَ لَهُمْ، وَهِيَ تَرَتُّبُ الْآثَارِ وَاسْتِتْبَاعُ الْغَايَةِ وَهَذَا الْقَدْرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَ تَمَامَ مَعْنَى الصِّحَّةِ مُطْلَقًا بَلْ فِي الْعِبَادَاتِ
أَمَّا الْمُعَامَلَاتُ فَالصِّحَّةُ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ مَعَ قَيْدِ كَوْنِهِ غَيْرَ مَطْلُوبِ التَّفَاسُخِ فَأَمَّا تَرَتُّبُ الْآثَارِ فَقَطْ فِيهِمَا فَهُوَ الْفَسَادُ عِنْدَهُمْ لِفَرْقِهِمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْبَاطِلُ وَهُوَ مَا لَا تَرَتُّبَ فِيهِ أَصْلًا فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِي الِاسْمِ تَرَتُّبَ الْأَثَرِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي هُوَ الصِّحَّةُ تَارَةً وَتَارَةً بَعْضُ الصِّحَّةِ (فَيُرَادُ) بِالِاسْمِ الشَّرْعِيِّ (فِي النَّفْيِ الصُّورَةُ مَعَ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَةِ وَيَكُونُ مَجَازًا شَرْعِيًّا فِي جُزْءِ الْمَفْهُومِ) حَتَّى يَكُونَ اسْمُ الصَّلَاةِ فِي لَا صَلَاةَ لِلْأَفْعَالِ الْمَعْلُومَةِ مَعَ النِّيَّةِ لَا غَيْرُ
(السَّابِعَةُ إذَا حَمَلَ الشَّارِعُ لَفْظًا شَرْعِيًّا عَلَى آخَرَ وَأَمْكَنَ فِي وَجْهِ التَّشْبِيهِ مُجْمَلَانِ شَرْعِيٌّ وَلُغَوِيٌّ لَزِمَ الشَّرْعِيُّ كَ «الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ الْكَلَامَ فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ» كَمَا هُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (يَصِحُّ ثَوَابًا أَوْ لِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ) فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الثَّوَابِ وَاشْتِرَاطِهَا هُوَ الْمَعْنَى (الشَّرْعِيُّ أَوْ لِوُقُوعِ الدُّعَاءِ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ (وَهُوَ) أَيْ وُقُوعُ الدُّعَاءِ فِيهِ هُوَ الْمَعْنَى (اللُّغَوِيُّ وَالِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ) كَمَا هُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ (فِي ثَوَابِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (وَسُنَّةُ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ) عَلَيْهِمْ (وَالْمِيرَاثُ) حَتَّى يَحْجُبَ الِاثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ كَالثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا وَهَذَا هُوَ الشَّرْعِيُّ (أَوْ يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَنَّهُمَا جَمَاعَةٌ (لُغَةً) .
وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ (لَنَا عُرْفُهُ) أَيْ الشَّارِعِ (تَعْرِيفُ الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بُعِثَ لِبَيَانِهَا (وَأَيْضًا لَمْ يُبْعَثْ لِتَعْرِيفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute