للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعَ مَدْلُولِهِ (ظَنِّيًّا فَبَطَلَ) بِهَذَا دَفْعُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى ظَنِّيَّةِ الْعَامِّ بِكَثْرَةٍ بَلْ بِأَكْثَرِيَّةِ تَخْصِيصِهِ، وَهُوَ (مَنْعُ كَثْرَةِ تَخْصِيصِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ تَخْصِيصَهُ عِنْدَنَا إنَّمَا يَكُونُ (بِمُسْتَقِلٍّ مُقَارِنٍ، وَهُوَ) أَيْ الْمُسْتَقِلُّ الْمُقَارِنُ (قَلِيلٌ) فَلَا يَتِمُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ فِي الْعَامِّ التَّخْصِيصُ، وَإِنَّمَا بَطَلَ (لِأَنَّهُمْ) أَيْ الظَّنِّيِّينَ (يَمْنَعُونَ اقْتِصَارَهُ) أَيْ التَّخْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِمُسْتَقِلٍّ مُقَارِنٍ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (وَلَوْ سُلِّمَ) أَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا يَكُونُ بِذَلِكَ (فَالْمُؤَثِّرُ فِي ظَنِّيَّتِهِ) أَيْ فِي الْمُوجِبِ لِظَنِّيَّةِ الْعَامِّ إنَّمَا هُوَ (كَثْرَةُ إرَادَةِ الْبَعْضِ فَقَطْ لَا مَعَ اعْتِبَارِ تَسْمِيَتِهِ تَخْصِيصًا فِي الِاصْطِلَاحِ) وَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهِ وَنَحْنُ نُسَمِّيهِ تَخْصِيصًا وَعَلَى رَأَيْنَا أَطْلَقْنَاهُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَافَقْتُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَبِهَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ إطْلَاقَهُ عَلَيْهِ اصْطِلَاحًا مِنْكُمْ فَلَا يَضُرُّ فِي الْمَقْصُودِ.

(قَالُوا) أَيْ الْقَطْعِيُّونَ: (وُضِعَ) الْعَامُّ (لِمُسَمًّى فَالْقَطْعُ بِلُزُومِهِ) أَيْ الْمُسَمَّى لَهُ (عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) كَالْخَاصِّ ثُمَّ قَالُوا إيرَادًا وَجَوَابًا (فَإِنْ قِيلَ إنْ أُرِيدَ) بِالْقَطْعِ بِلُزُومِهِ (لُزُومَ تَنَاوُلِهِ) أَيْ اللَّفْظِ لَهُ (فَمُسَلَّمٌ وَلَا يُفِيدُ) ؛ لِأَنَّ التَّنَاوُلَ ثَابِتٌ لِلْكُلِّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ بِالْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْوَضْعَ فَلَا يَدُلُّ لُزُومُ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ وَالْقَطْعِ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ لِثُبُوتِهِ قَطْعًا حَالَ ظَنِّيَّةِ الْعَامِّ، وَهُوَ مَا بَعْدَ التَّخْصِيصِ وَالْقَطْعِ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَنَاوِلٌ لِجَمِيعِ مَا وُضِعَ لَهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ إرَادَتِهِ) أَيْ لُزُومِهَا (فَمَمْنُوعٌ إذْ تَجْوِيزُ إرَادَةِ الْبَعْضِ قَائِمٌ فَيُمْنَعُ الْقَطْعَ، قِيلَ الْمُرَادُ) بِالْقَطْعِ بِلُزُومِهِ الْقَطْعُ بِإِرَادَةِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ، وَهُوَ (مَا) أَيْ قُطِعَ (كَقَطْعِيَّةِ الْخَاصِّ) ، وَهُوَ الْقَطْعُ الَّذِي لَا احْتِمَالَ فِيهِ عَنْ دَلِيلٍ (لَا مَا يَنْفِي احْتِمَالَهُ) أَيْ الْعَامِّ أَصْلًا (لِتَحَقُّقِهِ) أَيْ الِاحْتِمَالِ لَا عَنْ دَلِيلٍ (فِي الْخَاصِّ مَعَ قَطْعِيَّتِهِ اتِّفَاقًا) فَانْتَفَى كَوْنُ التَّجْوِيزِ الْمَذْكُورِ مُنَافِيًا لِلْقَطْعِ فِيهِ (فَحَقِيقَةُ الْخِلَافِ) فِي قَطْعِيَّةِ الْعَامِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْعَامَّ (كَالْخَاصِّ) فِي الْقَطْعِيَّةِ (أَوْ أَحَطَّ فَلَا يُفِيدُ الِاسْتِدْلَال) عَلَى قَطْعِيَّةِ الْعَامِّ (بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ إرَادَةُ بَعْضِهِ بِلَا قَرِينَةٍ كَانَ تَلْبِيسًا أَوْ تَكْلِيفًا بِغَيْرِ الْمَقْدُورِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُسْعِ الْوُقُوفُ عَلَى الْإِرَادَةِ الْبَاطِنَةِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِمَا فِي الْوُسْعِ، وَإِنَّمَا لَا يُفِيدُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا عَلَى ذَلِكَ (لِلُزُومِ مِثْلِهِ فِي الْخَاصِّ) ، وَهُوَ أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يُرَادَ بِهِ بَعْضُهُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ إذْ هَذَا الْقَطْعُ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ كَمَا بَيَّنَّا (مَعَ أَنَّ الْمُلَازَمَةَ مَمْنُوعَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ أَمَّا مَنْعُهَا عَلَى تَقْدِيرِ اللَّازِمِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ لُزُومُ التَّلْبِيسِ فِي إطْلَاقِ الْعَامِّ (فَلِأَنَّ الْمُدَّعَى خَفَاؤُهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ (لَا نَفْيُهَا) أَيْ إنَّمَا يَجُوزُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْضَهُ وَنَصَبَ قَرِينَةً غَيْرَ أَنَّهَا خَفِيَتْ عَلَيْنَا وَلَا تَلْبِيسَ بَعْدَ نَصْبِ الْقَرِينَةِ، وَسَتَسْمَعُ مَا عَلَى هَذَا مِنْ التَّعَقُّبِ.

(وَأَمَّا الثَّانِي) أَيْ وَأَمَّا مَنْعُهَا عَلَى تَقْدِيرِ اللَّازِمِ الثَّانِي، وَهُوَ التَّكْلِيفُ بِغَيْرِ الْمَقْدُورِ (فَإِنَّمَا يَلْزَمُ) التَّكْلِيفُ بِغَيْرِ الْمَقْدُورِ (لَوْ كُلِّفَ) بِالْعَمَلِ (بِالْمُرَادِ) بِالْعَامِّ (لَكِنَّهُ) أَيْ التَّكْلِيفَ بِهِ مُنْتَفٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا كُلِّفَ بِالْعَمَلِ (بِمَا ظَهَرَ مِنْ اللَّفْظِ) مُرَادًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُرَادٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَالِاسْتِدْلَالِ) عَلَى ظَنِّيَّةِ الْعَامِّ (بِكَثْرَةِ الِاحْتِمَالِ فِي الْعَامِّ إذْ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَامِّ (مَا فِي الْخَاصِّ) مِنْ احْتِمَالِ الْمَجَازِ (مَعَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْبَعْضِ مَدْفُوعٌ) كَمَا ذَكَرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (بِأَنَّ كَوْنَ حَقِيقَةٍ لَهَا مَعْنَيَانِ مَجَازِيَّانِ وَأُخْرَى وَاحِدٌ لَا يَحُطُّهُ) أَيْ مَا لَهُ مَجَازَانِ (عَنْهُ) أَيْ مَا لَهُ مَجَازٌ وَاحِدٌ (لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّا لَهُ مُجَازَانِ وَمَا لَهُ مَجَازٌ (حَالَ إطْلَاقِهِ احْتِمَالٌ مَجَازٌ وَاحِدٌ فَتَسَاوَيَا) فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ لِلْمَجَازِ أَصْلًا (قُلْنَا) نَحْنُ مَعْشَرَ الظَّنِّيِّينَ (حِينَ آلَ) الِاخْتِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مَعْشَرَ الْقَطْعِيِّينَ فِي الْمُرَادِ بِقَطْعِيَّةِ دَلَالَةِ الْعَامِّ عَلَى مَعْنَاهُ (إلَى أَنَّهُ كَالْخَاصِّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>