للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْلُ (مَجْهُولًا) بِأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مِمَّا يَمْتَنِعُ عَلَى الْكُلِّ دُونَ الْبَعْضِ مِثْلُ الرِّجَالُ فِي الدَّارِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حُجِّيَّتُهُ فِي الْبَاقِي مَا لَمْ يَلْحَقْهُ بَيَانٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْقَطْعِ إلَى الظَّنِّ وَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ.

(تَفْصِيلُ الْمُتَّصِلِ إلَى خَمْسَةٍ الْأَوَّلُ الشَّرْطُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوُجُودُ) أَيْ وُجُودُ الشَّيْءِ بِأَنْ يُوجَدَ عِنْدَ وُجُودِهِ (وَلَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّأْثِيرِ وَالْإِفْضَاءِ فَخَرَجَ جُزْءُ السَّبَبِ) ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ لَكِنْ لَهُ دَخْلٌ فِي الْإِفْضَاءِ إلَيْهِ (وَالْعِلَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ الْمَعْلُولُ لَكِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِيهِ (وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ مَا لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ دُونَهُ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ) الْمَشْرُوطُ (عِنْدَهُ) أَيْ الشَّرْطِ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَوْرِيٌّ لِتَوَقُّفِ تَعَقُّلِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَ (دُفِعَ دَوْرُهُ بِإِرَادَةِ مَاصَدَق عَلَيْهِ الْمَشْرُوطُ أَيْ الشَّيْءُ) ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ فِي تَعَقُّلِهِ إلَى الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا الْمَوْقُوفُ عَلَى تَعَقُّلِ الشَّرْطِ هُوَ تَعَقُّلُ مَفْهُومِ الْمَشْرُوطِ بِوَصْفِهِ الْعُنْوَانِيِّ (وَيُرَدُّ) عَلَى طَرْدِهِ (جُزْءُ السَّبَبِ الْمُتَّحِدِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسَبِّبَ لَا يُوجَدُ بِدُونِهِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ الْمُسَبِّبُ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّ جُزْءَ السَّبَبِ الْمُتَّحِدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ دُونَهُ لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ، وَجُزْءُ السَّبَبِ الْمُتَّحِدِ لَيْسَ عَدَمَ الْمُسَبِّبِ لِعَدَمِهِ بَلْ لِعَدَمِهِ وَعَدَمِ تَعَدُّدِ السَّبَبِ (وَقِيلَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ كَالْوُضُوءِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ فِي الصَّلَاةِ) . وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى قَوْلِ الْمُحَقِّقِ التَّفْتَازَانِيِّ إذَا قُلْنَا الْوُضُوءُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ لَمْ نُرِدْ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الصَّلَاةِ فِي الشَّيْءِ بَلْ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ فِي الصَّلَاةِ لَكِنَّ الْأَشْبَهَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِ الْأَبْهَرِيِّ وَأَمَّا كَوْنُ الْوُضُوءِ شَرْطًا لِلصَّلَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ شَرْطٌ لِتَأْثِيرِ الصَّلَاةِ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الصِّحَّةُ وَأَنَّهُ شَرْطٌ لِتَأْثِيرِ الْمُصَلِّي أَوْ شَرْطٌ لِتَحَقُّقِهَا

(وَيَرِدُ) عَلَى عَكْسِهِ (الْحَيَاةُ لِلْعِلْمِ الْقَدِيمِ) فَإِنَّهَا شَرْطٌ لِتَحَقُّقِهِ لَا لِتَأْثِيرِهِ فِي الْحُكْمِ الْمَعْلُولِ بِهِ، وَهُوَ الْعَالَمِيَّةُ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِحُكْمِهَا لَا يَكُونُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ اتِّفَاقًا هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَدِيمِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي حَاشِيَتِهِ وَيَنْدَفِعُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُ الْمُحَقِّقِ الْكَرْمَانِيِّ: أَيْ شَرْطٌ لِذَاتِ الْقَدِيمِ فِي وُجُودِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْمَشْرُوطَ الذَّاتَ لَا الْعِلْمَ لِيَظْهَرَ لِلَّفْظِ الْقَدِيمِ فَائِدَةٌ، وَإِلَّا فَلَا تَأْثِيرَ أَصْلًا لِلْعِلْمِ إذْ لَيْسَ هُوَ صِفَةٌ مُؤَثِّرَةٌ وَلِلْمُعَرِّفِ أَنْ يَقُولَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِنَا الشَّرْطُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّأْثِيرُ شَرْطُ الْمُؤَثِّرِ لَا الشَّرْطُ مُطْلَقًا. انْتَهَى عَلَى مَا فِي هَذِهِ مِنْ الْعِنَايَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْعِنَايَةِ.

هَذَا وَقَدْ جَزَمَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ صَاحِبُ الْمَحْصُولِ بِزِيَادَةٍ لَا ذَاتِهِ وَالْبَيْضَاوِيُّ بِزِيَادَةِ لَا وُجُودِهِ أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمُؤَثِّرِ احْتِرَازًا عَنْ عِلَّتِهِ وَجُزْئِهَا وَشَرْطِهَا وَجُزْءِ نَفْسِ الْمُؤَثِّرِ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَمَا أَنَّ وُجُودَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا أَيْضًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنَّ وُجُودَ الْمُؤَثِّرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُهُ كَالْإِحْصَانِ فَإِنَّ تَأْثِيرَ الزِّنَا فِي الرَّجْمِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا نَفْسُ الزِّنَا فَلَا؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ قَدْ يَزْنِي وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ تَوَقُّفَ التَّأْثِيرِ عَلَى وُجُودِ الْمُؤَثِّرِ تَوَقُّفٌ قَرِيبٌ، وَتَوَقُّفُهُ عَلَى عِلَّتِهِ وَجُزْئِهَا وَشَرْطِهَا تَوَقُّفٌ بَعِيدٌ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ (وَهُوَ) أَيْ الشَّرْطُ (عَقْلِيٌّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ) فَإِنَّ الْعَقْلَ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ بِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الْحَيَاةِ (وَشَرْعِيٌّ كَالطَّهَارَةِ) لِلصَّلَاةِ فَإِنَّ الشَّرْعَ هُوَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ (فَأَمَّا اللُّغَوِيُّ) ، وَهُوَ مَدْخُولُ أَدَاةِ الشَّرْطِ كَدُخُولِ الدَّارِ مِنْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ كَذَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ وَضَعُوا هَذَا التَّرْكِيبَ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ مَا دَخَلَتْ إنْ عَلَيْهِ هُوَ الشَّرْطُ وَالْآخَرُ الْمُعَلَّقُ بِهِ هُوَ الْجَزَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>