الْجِنْسِ كَأَسَدٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا جَرَمَ إنْ كَانَ عَلَمُ الْجِنْسِ مَوْضُوعًا لِلْحَقِيقَةِ الْمُتَّحِدَةِ فِي الذِّهْنِ وَاسْمُ الْجِنْسِ مَوْضُوعًا لِلْفَرْدِ الشَّائِعِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ مَالِكٍ وَهُوَ غَيْرُ الْأَوْجَهِ (فَلَا) وَضْعَ لِلْحَقِيقَةِ أَصْلًا (فَقَدْ سَاوَى) الْمُطْلَقُ (النَّكِرَةَ مَا لَمْ يَدْخُلْهَا عُمُومٌ وَالْمُعَرَّفُ لَفْظًا فَقَطْ) أَيْضًا نَحْوُ (اشْتَرِ اللَّحْمَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ دَالٌّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ لَا قَيْدَ مَعَهُ مُسْتَقِلًّا لَفْظًا وَلِكَوْنِ الْمُعَرَّفِ لَفْظًا لَا مَعْنًى بَاقِيًا عَلَى عَدَمِ التَّعَيُّنِ سَاغَ وَصْفُهُ بِالنَّكِرَةِ اعْتِبَارًا بِمَعْنَاهُ كَمَا سَاغَ وَصْفُهُ بِالْمَعْرِفَةِ اعْتِبَارًا بِلَفْظِهِ وَجَازَ فِي الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَهُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْهُ مُلَاحَظَةً لِجَانِبِ اللَّفْظِ وَصِفَةً لَهُ مُلَاحَظَةً لِجَانِبِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] وَرُبَّمَا يُرَجَّحُ الْوَصْفُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي
فَتَأَمَّلْ.
(فَبَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ) لِصِدْقِهِمَا فِي نَحْوِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وَانْفِرَادُ النَّكِرَةِ عَنْ الْمُطْلَقِ فِي نَكِرَةٍ عَامَّةٍ كَالنَّكِرَةِ فِي النَّفْيِ وَانْفِرَادِ الْمُطْلَقِ عَنْهَا فِي نَحْوِ اشْتَرِ اللَّحْمَ فَإِنَّهُ مَعْرِفَةٌ فِي الِاصْطِلَاحِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَانْتَفَى قَوْلُ صَاحِبِ التَّحْقِيقِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّكِرَةِ وَالْمُطْلَقِ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ إذْ تَمْثِيلُ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ الْمُطْلَقَ بِالنَّكِرَةِ فِي كُتُبِهِمْ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُ الْآمِدِيِّ الْمُطْلَقُ هُوَ النَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ (وَدَخَلَ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ) فِي الْمُطْلَقِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ (وَمَنْ خَالَفَ الدَّلِيلَ) الدَّالَّ عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ النَّكِرَاتِ لَيْسَتْ إلَّا لِلْمَفَارِيدِ الشَّائِعَةِ لَا لِلْمَاهِيَّاتِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ الدَّلَالَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَلِيلُهُ إلَخْ، وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ ثُمَّ الْبَيْضَاوِيُّ ثُمَّ السُّبْكِيُّ (فَجَعَلَ النَّكِرَةَ لِلْمَاهِيَّةِ) احْتَاجَ إلَى فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَعْلَامِ الْأَجْنَاسِ لِأَنَّهَا لِلْمَاهِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَكَلَّفَ اعْتِبَارَ قَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى الْمَاهِيَّةِ فِي مَوْضُوعِهَا فَقَالَ مَعْنَى عَلَمِ الْجِنْسِ الْمَاهِيَّةُ بِاعْتِبَارِ حُضُورِهَا الذِّهْنِيِّ الَّذِي هُوَ نَوْعُ تَشَخُّصٍ لَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ (أُخِذَ فِي عَلَمِ الْجِنْسِ حُضُورُهَا الذِّهْنِيُّ فَكَانَ) حُضُورُهَا الذِّهْنِيُّ (جُزْءَ مُسَمَّاهُ) أَيْ عَلَمِ الْجِنْسِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمُقْتَضَاهُ) أَيْ هَذَا الْأَخْذِ (أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى أُسَامَةَ يَقَعُ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ) أُسَامَةُ (مِنْ أَسَدٍ وَحُضُورٍ ذِهْنِيٍّ أَوْ) كَانَ الْحُضُورُ الذِّهْنِيُّ (مُقَيَّدًا بِهِ) الْمَاهِيَّةِ الَّتِي وُضِعَ لَهَا عَلَمُ الْجِنْسِ فَيَقَعُ الْحُكْمُ عَلَى أُسَامَةَ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَسَدٍ بِقَيْدِ الْحُضُورِ الذِّهْنِيِّ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ وَاقِعًا عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَسَدٍ وَحُضُورٍ ذِهْنِيٍّ أَوْ مِنْ أَسَدٍ بِقَيْدِ حُضُورٍ ذِهْنِيٍّ فِيهِ (مُنْتَفٍ) فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى أُسَامَةَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَسَدٍ فَقَطْ
(وَلَوْ سُلِّمَ) عَدَمُ انْتِفَاءِ هَذَا (فَقَدْ اسْتَقَلَّ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ تَبَادُرِ الْبَعْضِ الشَّائِعِ مِنْ الْإِطْلَاقِ إلَى آخِرِهِ (بِنَفْيِهِ) أَيْ وَضْعِ الْمُطْلَقِ لِلْمَاهِيَّةِ (فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ) أَيْ أَنْ لَا وَضْعَ لِلْحَقِيقَةِ أَصْلًا إلَّا عَلَمَ الْجِنْسِ (وَكَذَا) خَالَفَ الدَّلِيلَ (مَنْ جَعَلَهَا) أَيْ النَّكِرَةَ (قَسِيمَ الْمُطْلَقِ فَهِيَ) أَيْ النَّكِرَةُ (لِلْفَرْدِ) الشَّائِعِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُطْلَقُ (لِلْمَاهِيَّةِ) مِنْ حَيْثُ هِيَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ بَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ (مَعَ كَوْنِهِ بِلَا مُوجِبٍ يَنْفِيهِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ مِثْلِهِ) أَيْ الْمُطْلَقِ (رَقَبَةً) فِي {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] (وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ) أَيْ لَفْظَ رَقَبَةٍ (نَكِرَةٌ وَالْمُقَيَّدُ مَا) أَيْ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى بَعْضٍ شَائِعٍ (مَعَهُ) قَيْدَ مَلْفُوظٍ مُسْتَقِلٍّ كَرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَالرَّقَبَةُ الْمُؤْمِنَةُ (فَالْمَعَارِفُ بِلَا قَيْدٍ) مَعَهَا مُسْتَقِلٌّ لَفْظًا (ثَالِثٌ) أَيْ لَا مُطْلَقَ وَلَا مُقَيَّدَ (وَقَدْ يُتْرَكُ) الْقَيْدُ فِي تَعْرِيفَيْهِمَا أَيْ لَا قَيْدَ مَعَهُ وَمَا مَعَهُ قَيْدٌ فَيُقَالُ فِي الْمُطْلَقِ مَا دَلَّ عَلَى بَعْضٍ شَائِعٍ وَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ الْمُقَيَّدُ مَا دَلَّ لَا عَلَى شَائِعٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (فَتَدْخُلُ) الْمَعَارِفُ وَكَذَا الْعُمُومَاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute