وَالتَّكْرَارُ خَارِجَانِ) عَنْ حَقِيقَتِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ الِامْتِثَالُ بِهِ فِي أَيِّهِمَا وُجِدَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَحَدِهِمَا (وَدُفِعَ) هَذَا كَمَا أَفَادَهُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالنِّزَاعِ) لِأَنَّ الْمُخَالِفَ يَقُولُ: هِيَ لِلْحَقِيقَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْمَرَّةِ أَوْ التَّكْرَارِ (وَبِأَنَّهُمَا) أَيْ وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَرَّةَ وَالتَّكْرَارَ (مِنْ صِفَاتِهِ) أَيْ الْفِعْلِ كَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (وَلَا دَلَالَةَ لِلْمَوْصُوفِ) بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَابِلَةِ (عَلَى الصِّفَةِ) الْمُعَيَّنَةِ مِنْهَا فَلَا دَلَالَةَ لِلْأَمْرِ الدَّالِّ عَلَى طَلَبِ الْفِعْلِ عَلَيْهِمَا (وَدُفِعَ) هَذَا كَمَا أَفَادَهُ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ أَيْضًا (بِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَ دَلَالَةِ الْمَادَّةِ أَيْ الْمَصْدَرِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْمَرَّةِ وَالتَّكْرَارِ (وَالْكَلَامَ) فِي انْتِقَاءِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِمَا (فِي الصِّيغَةِ) فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَدُلَّ الصِّيغَةُ عَلَى الْمَرَّةِ وَالتَّكْرَارِ، وَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ، وَاحْتِمَالُ الصِّيغَةِ لَهُمَا لَا يَمْنَعُ ظُهُورَ أَحَدِهِمَا وَالْمُدَّعَى الدَّلَالَةُ بِحَسَبِ الظُّهُورِ لَا النُّصُوصِيَّةُ (قَالُوا) أَيْ الْمُكَرِّرُونَ (تَكَرَّرَ) الْمَطْلُوبُ (فِي النَّهْيِ فَعُمَّ) فِي الْأَزْمَانِ (فَوَجَبَ) التَّكْرَارُ أَيْضًا (فِي الْأَمْرِ لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ (طَلَبٌ قُلْنَا) هَذَا (قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّهُ فِي دَلَالَةِ لَفْظٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بُطْلَانُهُ (وَ) أُجِيبَ أَيْضًا (بِالْفَرْقِ) بَيْنَهُمَا (بِأَنَّ النَّهْيَ لِتَرْكِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (وَتَحَقُّقِهِ) أَيْ التَّرْكِ (بِهِ) أَيْ بِالتَّرْكِ (فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَالْأَمْرُ لَا يُنَافِيهِ) أَيْ الْفِعْلَ (وَيَتَحَقَّقُ) الْفِعْلُ (بِمَرَّةٍ وَيَأْتِي) فِي هَذَا أَيْضًا (أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ) لِأَنَّ كَوْنَهُ لِمُجَرَّدِ إثْبَاتِهِ الْحَاصِلِ بِمَرَّةٍ عَيْنُ النِّزَاعِ إذْ هُوَ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِإِثْبَاتِهِ دَائِمًا.
(وَأَمَّا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَدِيعِ (بِأَنَّ التَّكْرَارَ مَانِعٌ مِنْ) فِعْلِ (غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ) لِأَنَّ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا لَا تُجَامِعُ كُلَّ فِعْلٍ (فَيَتَعَطَّلُ) مَا سِوَاهُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَالْمَصَالِحِ الْمُهِمَّاتِ (بِخِلَافِ النَّهْيِ) فَإِنَّ التُّرُوكَ تُجَامِعُ كُلَّ فِعْلٍ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: (فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَدْلُولِهِ) أَيْ لَفْظِ الْأَمْرِ (وَلَيْسَ) مَدْلُولُهُ (مَلْزُومَ الْإِرَادَةِ) لِلتَّكْرَارِ (فَيَجِبُ انْتِفَاؤُهَا) أَيْ إرَادَةِ التَّكْرَارِ (لِلْمَانِعِ) مِنْهَا (قَالُوا) أَيْ الْمُكَرِّرُونَ أَيْضًا: الْأَمْرُ (نَهْيٌ عَنْ أَضْدَادِهِ، وَهُوَ) أَيْ النَّهْيُ (دَائِمِيٌّ) أَيْ يَمْنَعُ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ دَائِمًا (فَيَتَكَرَّرُ) الْأَمْرُ (فِي الْمَأْمُورِ) أَيْ بِهِ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ حَذْفِهِ ثُمَّ الظَّاهِرُ فَيَتَكَرَّرُ الْمَأْمُورُ بِهِ.
(قُلْنَا: تَكَرُّرُ) النَّهْيِ (الْمَضْمُونِ فَرْعُ تَكَرُّرِ) الْأَمْرِ (الْمُتَضَمِّنِ، فَإِثْبَاتُ تَكَرُّرِهِ) أَيْ تَكَرُّرِ الْأَمْرِ الْمُتَضَمِّنِ (بِهِ) أَيْ بِتَكَرُّرِ النَّهْيِ الْمَضْمُونِ (دَوْرٌ) لِتَوَقُّفِ تَكَرُّرِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (وَلَيْسَ) هَذَا الْجَوَابُ (بِشَيْءٍ) دَافِعٍ لِهَذَا الِاسْتِدْلَالِ (بَلْ إذَا كَانَ) تَكَرُّرُ النَّهْيِ الْمَضْمُونِ (فَرْعَهُ) أَيْ تَكَرُّرِ الْأَمْرِ الْمُتَضَمِّنِ (وَتَحَقَّقْنَا ثُبُوتَهُ) أَيْ تَكَرُّرِ النَّهْيِ (اسْتَدْلَلْنَا بِهِ) أَيْ بِتَكَرُّرِهِ (عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الْأَمْرَ (كَذَلِكَ) أَيْ لِلتَّكْرَارِ (مِنْ قَبِيلِ) الْبُرْهَانِ (الْآنِيِّ) هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْأَثَرِ عَلَى الْمُؤْثَرِ (بَلْ) يَلْزَمُ (لِلْفَرْعِيَّةِ) أَيْ لِكَوْنِ تَكْرَارِ النَّهْيِ فَرْعَ تَكْرَارِ الْأَمْرِ (إذَا كَانَ) الْأَمْرُ (دَائِمًا كَانَ) نَهْيًا عَنْ أَضْدَادِهِ (دَائِمًا أَوْ) كَانَ الْأَمْرُ (فِي) وَقْتٍ (مُعَيَّنٍ فَفِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ الْأَمْرُ (نَهْيُ الضِّدِّ) أَيْ عَنْ أَضْدَادِهِ (أَوْ) كَانَ الْأَمْرُ مُطْلَقًا فَفِي (وَقْتِ الْفِعْلِ) لِلْمَأْمُورِ بِهِ يَكُونُ الْأَمْرُ نَهْيًا عَنْ أَضْدَادِهِ (الْمُعَلَّقِ) أَيْ الْقَائِلِ الْأَمْرُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ قَالَ (تَكَرُّرُ) الْمَأْمُورِ بِهِ (فِي نَحْوِ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] فَتَكَرُّرُ وُجُوبِ الِاطِّهَارِ بِتَكَرُّرِ الْجَنَابَةِ.
(قُلْنَا: الشَّرْطُ هُنَا عِلَّةٌ فَيَتَكَرَّرُ) مُوجَبُ الْأَمْرِ (بِتَكْرَارِهَا اتِّفَاقًا) ضَرُورَةَ تَكَرُّرِ الْمَعْلُولِ بِتَكَرُّرِ عِلَّتِهِ (لَا بِالصِّفَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُ) أَيْ مَا لَا يَكُونُ عِلَّةً (كَإِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ فَأَعْتِقْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute