للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ كَجَوَابِهِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اهـ فَيُطَالَبُ بِالْفَرْقِ (وَيُمْكِنُ ادِّعَاؤُهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (أَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَيَّنَةِ (مُشْتَرَكَةٌ) بَيْنَ تَنَاوُلِ عَيْنِهَا وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا (وَإِنْ غَلَبَتْ) الْعَادَةُ (فِيمَا) يُتَّخَذُ (مِنْهَا كَالْكَرْعِ) فَإِنَّ الْعَادَةَ فِي الشُّرْبِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّرْبِ بِالْإِنَاءِ وَنَحْوِهِ فَانْصَرَفَتْ الْيَمِينُ عِنْدَهُ إلَى الْحَقِيقَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّ الْعَادَةَ فِي تَعَلُّقِ الْأَكْلِ بِهَا إرَادَةُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ دَعْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ التَّعَارُفَ فِي حِنْطَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَا فِي حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ التَّعَارُفُ فِي الْمُعَيَّنَةِ لَا يَتْرُكُ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ تُتْرَكُ بِنِيَّةِ غَيْرِهَا أَوْ بِالْعُرْفِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هَذَا وَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا تَقَدَّمَ قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إيرَادِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ يَعُمُّ الْمُعَيَّنَةَ وَالْمُنَكَّرَةَ وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهَا مَأْكُولٌ (وَتَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الصَّوَارِفِ فِي التَّخْصِيصِ) فِي مَسْأَلَةِ الْعَادَةِ الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ مُخَصِّصٌ فَلْيُرَاجَعْ.

(تَتِمَّةٌ) (يَنْقَسِمُ كُلٌّ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ تَبَادُرِ الْمُرَادِ) مِنْ إطْلَاقِهِ (لِلْغَلَبَةِ اسْتِعْمَالًا وَعَدَمِهِ) أَيْ وَبِاعْتِبَارِ عَدَمِ تَبَادُرِ الْمُرَادِ لِعَدَمِ الْغَلَبَةِ اسْتِعْمَالًا (إلَى صَرِيحٍ يَثْبُتُ حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ بِلَا نِيَّةٍ وَكِنَايَةٍ) لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَهَا (مِنْهُ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ الَّذِي هُوَ الْكِنَايَةُ (أَقْسَامُ الْخَفَاءِ) أَيْ الْخَفِيُّ وَالْمُشْكِلُ وَالْمُجْمَلُ (وَالْمَجَازُ غَيْرُ الْمُشْتَهِرِ وَيَدْخُلُ الصَّرِيحُ الْمُشْتَرَكُ الْمُشْتَهِرُ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ (بِحَيْثُ تَبَادَرَ) ذَلِكَ الْأَحَدُ مِنْ إطْلَاقِهِ (وَالْمَجَازُ) الْغَالِبُ الِاسْتِعْمَالِ (مَعَ الْهَجْرِ) لِحَقِيقَتِهِ (اتِّفَاقًا كَذَلِكَ) أَيْ صَرِيحٌ (وَمَعَ اسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةِ) هُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا (عِنْدَهُمَا وَالظَّاهِرُ وَبَاقِي الْأَرْبَعَةِ) النَّصُّ وَالْمُفَسَّرُ وَالْمُحْكَمُ (إنْ اُشْتُهِرَتْ فَإِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الظَّاهِرِ وَبَاقِي الْأَرْبَعَةِ (مُطْلَقًا) مِنْ الصَّرِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ (لَا يَتَّجِهُ) بَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِمُشْتَهِرٍ (لَكِنْ مَا لَا يَشْتَهِرُ مِنْهَا لَا يَكُونُ كِنَايَةً وَالْحَالُ تَبَادُرُ الْمُعَيَّنِ) مِنْ إطْلَاقِ اللَّفْظِ (وَإِنْ كَانَ) تَبَادُرُهُ (لَا لِلْغَلَبَةِ) الِاسْتِعْمَالِيَّة (بَلْ) تَبَادُرُهُ (لِلْعِلْمِ بِالْوَضْعِ) أَيْ وَضْعِ اللَّفْظِ لَهُ (وَقَرِينَةُ النَّصِّ) مِنْ كَوْنِ الْكَلَامِ مَسُوقًا (وَأَخَوَيْهِ) أَيْ وَقَرِينَةِ الْمُفَسِّرِ مِنْ عَدَمِ احْتِمَالِهِ لِلتَّخْصِيصِ وَالتَّأْوِيلِ وَقَرِينَةِ الْمُحْكَمِ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّسْخِ (فَيَلْزَمُ تَثْلِيثُ الْقِسْمَةِ إلَى مَا لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً لَكِنَّ حُكْمَهُ) أَيْ هَذَا الْقَسَمِ (إنْ اتَّحَدَ بِالصَّرِيحِ أَوْ بِالْكِنَايَةِ فَلَا فَائِدَةَ) فِي تَثْلِيثِهَا بِهِ وَهُوَ مُمْكِنٌ (فَلْيُتْرَكْ مَا مَالَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ) ذِكْرِ (قَيْدِ الِاسْتِعْمَالِ) كَمَا مَشَيْنَا عَلَيْهِ أَوَّلًا

(وَيُقْتَصَرُ) فِي تَعْرِيفِ الصَّرِيحِ (عَلَى مَا تَبَادَرَ خُصُوصُ مُرَادِهِ لِغَلَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ تَنْصِيصٍ أَوْ تَفْسِيرٍ أَوْ إحْكَامٍ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ (لَكِنْ أَخْرَجُوا) مِنْ الصَّرِيحِ (الظَّاهِرَ عَلَى هَذَا) التَّعْرِيفِ لِأَنَّ الظُّهُورَ فِيهِ لَيْسَ بِتَامٍّ (وَلَا فَرْقَ) بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالصَّرِيحِ (إلَّا بِعَدَمِ الْقَصْدِ الْأَصْلِيِّ) فِي الظَّاهِرِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّرِيحِ وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي التَّبَادُرِ (ثُمَّ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِهِ) أَيْ الصَّرِيحِ (بِلَا نِيَّةِ جَرَيَانِهِ) عَلَى لِسَانِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ حُرَّةٌ (غَلَطًا فِي نَحْوِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاسْقِنِي) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ هَذَا فَقَالَ ذَاكَ قَالُوا: فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ (وَأَمَّا قَصْدُهُ) أَيْ الصَّرِيحُ (مَعَ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مُحْتَمَلِهِ فَلَهُ ذَلِكَ دِيَانَةً كَقَصْدِ الطَّلَاقِ مِنْ وَثَاقٍ) فِي قَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ (فَهِيَ زَوْجَتُهُ دِيَانَةً) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ لَا قَضَاءَ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ (وَمُقْتَضَى النَّظَرِ كَوْنُهُ) أَيْ ثُبُوتِ حُكْمِهِ بِلَا نِيَّةٍ (فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي الْغَلَطِ وَمَا قَصَدَ صَرْفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى مُحْتَمَلِهِ (قَضَاءً فَقَطْ وَإِلَّا) لَوْ ثَبَتَ حُكْمُهُ فِيهِمَا مُطْلَقًا (أَشْكَلَ بِعْت وَاشْتَرَيْت إذْ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي الْوَاقِعِ مَعَ الْهَزْلِ) مَعَ أَنَّهُمَا صَرِيحٌ (وَفِي نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ) إنَّمَا ثَبَتَ حُكْمُهُ مُطْلَقًا فِي الْهَزْلِ (بِخُصُوصِهِ دَلِيلٌ) وَهُوَ الْحَدِيثُ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ وَلَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ إلَى

(وَكَذَا فِي الْغَلَطِ) يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُهُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي الْكُلِّ قَضَاءً فَقَطْ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِيَصِلَ بِهِ (لِمَا ذَكَرْتُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) مِنْ أَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ السَّبَبَ عَالِمًا بِأَنَّهُ سَبَبٌ رَتَّبَ الشَّرْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>