اجْتِمَاعُهُمَا) عَلَيْهِ أَيْضًا (فَهُوَ تَسْوِيَةُ مُلْحَقٍ بِالْإِبَاحَةِ بِخَارِجٍ لِلْعِلْمِ) بِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ (بِرَأْيِهِمَا أَرْضَى بِخِلَافِ بِعْ ذَا أَوْ ذَا) مُشِيرًا إلَى عَبْدَيْنِ مَثَلًا (يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ (لِانْتِفَائِهِ) أَيْ الرِّضَا بِبَيْعِهِمَا جَمِيعًا (وَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ لِإِيجَابِهِ) الطَّلَاقَ (فِي الْمُبْهَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ) الطَّلَاقُ (فِيهِ) أَيْ الْمُبْهَمِ (لَكِنَّهُ) أَيْ هَذِهِ طَالِقٌ وَكَذَا هَذِهِ حُرَّةٌ (شَرْعًا إنْشَاءٌ عِنْدَ عَدَمِ احْتِمَالِ الْإِخْبَارِ بِعَدَمِ قِيَامِ طَلَاقِ إحْدَاهُمَا وَعَدَمِ حُرِّيَّتِهَا) أَيْ إحْدَاهُمَا (فِي هَذِهِ حُرَّةٌ أَوْ هَذِهِ مُوجِبٌ لِلتَّعْيِينِ) وَهُوَ بِالرَّفْعِ صِفَةُ إنْشَاءٍ حَالَ كَوْنِ التَّعْيِينِ (إنْشَاءٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ بِهِ) أَيْ التَّعْيِينِ (الْوُقُوعَ فَلَزِمَ قِيَامُ أَهْلِيَّتِهِ وَمَحَلِّيَّتهمَا عِنْدَهُ) أَيْ التَّعْيِينِ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْمُنْشِئِ وَمَحَلِّيَّةُ الْمَنْشَأِ (فَلَا يُعَيَّنُ) الْمُطَلِّقُ وَكَذَا الْمُعْتِقُ (الْمَيِّتُ) لِانْتِفَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ فِيهِ (وَاعْتِبَارِهِ) أَيْ وَلَزِمَ اعْتِبَارُ الْإِنْشَاءِ (فِي التُّهْمَةِ فَلَمْ يَصِحَّ تَزَوُّجُ أُخْتِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَدْخُولَتَيْنِ) وَحَالَ كَوْنِ التَّعْيِينِ (إخْبَارًا مِنْ وَجْهٍ) لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ إخْبَارٍ (فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَيَانِ إذْ لَا جَبَرَ فِي الْإِنْشَاءَاتِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ صَحَّ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيَانِهِ (وَاعْتُبِرَ) الْإِخْبَارُ (فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ الْمَدْخُولَتَيْنِ (فَصَحَّ ذَلِكَ) أَيْ تَزَوُّجُ أُخْتِ الْمُعَيَّنَةِ
قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَحَاصِلُ الصُّورَتَيْنِ إذَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهِمَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي أُخْتِ الْمُتَزَوِّجَةِ جَازَ النِّكَاحُ اعْتِبَارًا لَهُ إظْهَارًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ إذْ يُمْكِنُ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ فِي الَّتِي عَيَّنَهَا وَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأُخْتِ لِقِيَامِ الْعِدَّةِ فَاعْتُبِرَ إنْشَاءٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلتُّهْمَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزَوُّجَهَا فِي الْحَالِ بِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ لِمَكَانِ الْعِدَّةِ إذْ لَا تَتَزَوَّجُ الْأُخْتُ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ فَإِنْ قِيلَ: يَشْكُلُ عَلَى كَوْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فِي الْإِنْشَاءِ آيَةُ الْمُحَارَبَةِ فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَوْ فِي الْإِنْشَاءِ مَعَ أَنَّكُمْ لَمْ تُوجِبُوا التَّخْيِيرَ فِيمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ قُلْنَا إنَّمَا يَشْكُلُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صَارِفٌ عَنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نَقُولُ (وَتَرَكَ مُقْتَضَاهَا) أَيْ أَوْ وَهُوَ التَّخْيِيرُ (لِلصَّارِفِ) عَنْ الْعَمَلِ بِهِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ أَثَرٌ) مُفِيدٌ لِمُخَالِفَتِهِ أَيْضًا (وَهُوَ) أَيْ الصَّارِفُ (أَنَّهَا) أَيْ آيَةَ الْمُحَارَبَةِ (أَجْزِيَةٌ بِمُقَابِلَةِ جِنَايَاتٍ لِتَصَوُّرِ الْمُحَارَبَةِ بِصُوَرِ أَخْذٍ) لِلْمَالِ الْمَعْصُومِ فَقَطْ (أَوْ قَتْلٍ) لِلنَّفْسِ الْمَعْصُومَةِ فَقَطْ (أَوْ كِلَيْهِمَا) أَيْ أَخْذٍ وَقَتْلٍ (أَوْ إخَافَةٍ) لِلطَّرِيقِ فَقَطْ (فَذَكَرَهَا) أَيْ الْأَجْزِيَةَ (مُتَضَمِّنٌ ذِكْرَهَا) أَيْ الْجِنَايَاتِ ضَرُورَةً أَنَّهَا أَجْزِيَتُهَا
(وَمُقَابَلَةُ مُتَعَدِّدٍ بِمُتَعَدِّدٍ ظَاهِرٌ فِي التَّوْزِيعِ وَأَيْضًا مُقَابَلَةُ أَخَفِّ الْجِنَايَاتِ بِالْأَغْلَظِ وَقَلْبِهِ) أَيْ مُقَابَلَةُ أَغْلَظِ الْجِنَايَاتِ بِالْأَخَفِّ (يَنْبُو عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ) وَكَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] فَوَجَبَ الْقَتْلُ بِالْقَتْلِ وَقَطْعُ الْيَدِ) الْيُمْنَى (وَالرِّجْلِ) الْيُسْرَى (بِالْأَخْذِ) لِلْمَالِ الْمَعْصُومِ إذَا أَصَابَ كُلًّا مِنْهُمْ نِصَابًا وَمَالِكٌ شَرَطَ كَوْنَ الْمَأْخُوذِ نِصَابًا فَصَاعِدًا أَصَابَ كُلًّا نِصَابٌ أَوْ لَا وَإِنَّمَا قُطِعَتَا مَعًا فِي الْأَخْذِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ هَذَا الْأَخْذَ أَغْلَظُ مِنْ أَخْذِ السَّرِقَةِ حَيْثُ كَانَ مُجَاهَرَةً وَمُكَابَرَةً مَعَ إشْهَارِ السِّلَاحِ فَجُعِلَتْ الْمَرَّةُ مِنْهُ كَالْمَرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ تَعَدُّدِ النِّصَابِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْغِلَظَ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ لَا مِنْ جِهَةِ مُتَعَلَّقِهِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ (وَالصَّلْبِ) حَيًّا ثُمَّ يُبَعَّجُ بَطْنُهُ بِرُمْحٍ حَتَّى يَمُوتَ كَمَا عَنْ الْكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ الْقَتْلِ كَمَا عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَأَيًّا مَا كَانَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ مِنْ خِلَافٍ أَوَّلًا أَوْ الْقَتْلِ بِلَا صَلْبٍ وَلَا قَطْعٍ عَلَى حَسَبِ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ (بِالْجَمْعِ) بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْأَخْذِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي فِعْلِهِ تَعَدُّدُ الْجِنَايَةِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ وَاتِّحَادُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَجْمُوعَ قَطَعَ الطَّرِيقَ فَبِالنَّظَرِ إلَى تَعَدُّدِهَا يَسْتَحِقُّ جَزَاءَيْنِ مُنَاسِبَيْنِ لِلْجِنَايَتَيْنِ وَهُمَا الْقَطْعُ الْمُنَاسِبُ لِلْأَخْذِ وَالْقَتْلِ الْمُنَاسِبِ لِلْقَتْلِ وَإِلَى اتِّحَادِهَا يَسْتَحِقُّ جَزَاءً وَاحِدًا فَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ الصَّلْبِ (وَالنَّفْيِ) مِنْ الْأَرْضِ أَيْ الْحَبْسِ (بِالْإِخَافَةِ فَقَطْ فَأَثَرُ أَبِي يُوسُفَ عَنْ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَادَعَ إلَى آخِرِهِ أَيْ أَبَا بُرْدَةَ هِلَالَ بْنَ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيّ فَجَاءَ أُنَاسٌ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ فَقَطَعَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ أَبِي بُرْدَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute