لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (كَالْإِعْتَاقِ الْوَاقِعِ عَلَى حَقِّ غَرِيمٍ بِأَنْ يَعْتِقَ الْمَرِيضُ الْمُسْتَغْرِقُ) دَيْنُهُ تَرِكَتَهُ عَبْدًا مِنْهَا (أَوْ) الْوَاقِعِ (عَلَى حَقِّ وَارِثٍ كَإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ يَصِيرُ) الْعِتْقُ (كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ) أَيْ كَالتَّدْبِيرِ حَتَّى كَانَ عَبْدًا فِي شَهَادَتِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ مَا دَامَ مَوْلَاهُ مَرِيضًا وَإِذَا مَاتَ (فَلَا يَنْقُضُ وَيَسْعَى) الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ (فِي كُلِّهِ) أَيْ مِقْدَارِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ (أَوْ) يَسْعَى (فِي ثُلُثَيْهِ) لِلْوَارِثِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ (أَوْ أَقَلَّ كَالسُّدُسِ إذَا سَاوَى) الْعَبْدُ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ التَّرِكَةِ، وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ.
(بِخِلَافِ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ) الْعَبْدَ الرَّهْنَ (يَنْفُذُ) عِتْقُهُ لِلْحَالِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْيَدِ لَا الرَّقَبَةِ فَلَا يُلَاقِيهِ) أَيْ الْعِتْقُ حَقَّهُ (قَصْدًا) وَحَقُّ الْغَرِيمِ وَالْوَارِثِ فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَصِحَّةِ الْإِعْتَاقِ يُبْتَنَى عَلَيْهَا لَا عَلَى مِلْكِ الْيَدِ وَلِذَا صَحَّ إعْتَاقُ الْآبِقِ مَعَ زَوَالِ الْيَدِ عَنْهُ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ (فَإِنْ كَانَ) الرَّاهِنُ (غَنِيًّا فَلَا سِعَايَةَ) عَلَى الْعَبْدِ لِعَدَمِ تَعَذُّرِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ الرَّاهِنِ وَهُوَ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ حَالًّا أَوْ قِيمَةُ الرَّهْنِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا (وَإِنْ) كَانَ الرَّاهِنُ (فَقِيرًا سَعَى) الْعَبْدُ لِلْمُرْتَهِنِ (فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ) لِتَعَذُّرِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ الرَّاهِنِ فَيُؤْخَذُ مِمَّنْ حَصَلَتْ لَهُ فَائِدَةُ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ ثُمَّ إنَّمَا سَعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ فَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ هَذَا الْقَدْرُ (وَيَرْجِعُ) الْعَبْدُ (عَلَى مَوْلَاهُ عِنْدَ غِنَاهُ) بِمَا أَدَّاهُ؛ لِأَنَّهُ اُضْطُرَّ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ (فَمُعْتَقُ الرَّاهِنِ حُرٌّ مَدْيُونٌ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ السِّعَايَةِ وَمُعْتَقُ الْمَرِيضِ الْمُسْتَغْرِقِ كَالْمَكَاتِبِ) وَالْأَوَّلُ كَالْمُدَبَّرِ كَمَا ذَكَرْنَا (فَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ قَبْلَ السِّعَايَةِ (وَقَدْ أَدْمَجُوا) أَيْ أَدْرَجَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ هَذِهِ الْآفَةِ الْعَارِضَةِ (فَرْعًا مَحْضًا) وَهُوَ (لَمَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ) بِالسُّنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّسْخِ (بَطَلَتْ) مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً (صُورَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً مَعْنًى (حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ عَيْنًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ) فَصَاعِدًا (مِنْهُ) أَيْ الْوَارِثِ (لَا يَجُوزُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (بِالصُّورَةِ كَمَا بِالْمَعْنَى) حَتَّى لَا يَجُوزَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لِنَفْسِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلَا أَنْ يَأْخُذَ التَّرِكَةَ وَيُعْطِيَ الْبَاقِينَ الْقِيمَةَ وَلِلنَّاسِ مُنَافَسَاتٌ فِي صُوَرِ الْأَشْيَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَعَانِيهَا فَكَانَ إيثَارُهُ الْبَعْضَ بِعَيْنٍ مِنْهَا بَيْعًا مِنْهُ إيصَاءً لَهُ بِهِ صُورَةً لَا مَعْنًى لِكَوْنِهِ مُقَابَلًا بِالْعِوَضِ.
(خِلَافًا لَهُمَا بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) حَيْثُ يَجُوزُ اتِّفَاقًا إذْ لَا حَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِيمَا لَا يُخِلُّ بِالثُّلُثَيْنِ فَلَمْ يَتِمَّ تَعْلِيلُهُمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ شَيْءٍ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ وَهُوَ الْمَالِيَّةُ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (وَمَعْنًى) أَيْ وَبَطَلَتْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً مَعْنًى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً صُورَةً (بِأَنْ يُقِرَّ لِأَحَدِهِمْ بِمَالٍ) لِسَلَامَةِ الْمَالِ لَهُ بِلَا عِوَضٍ وَانْتِفَاءُ الصُّورَةِ ظَاهِرٌ (وَشُبْهَةً) أَيْ وَبَطَلَتْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً مِنْ حَيْثُ الشُّبْهَةُ (بِأَنْ بَاعَ) الْوَارِثُ (الْجَيِّدَ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ بِرَدِيءٍ مِنْهَا) مُجَانِسٍ لِلْمَبِيعِ كَالْفِضَّةِ الْجَيِّدَةِ بِالْفِضَّةِ الرَّدِيئَةِ (لِتَقَوُّمِ الْجَوْدَةِ فِي التُّهْمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ مَالَ الصَّبِيِّ كَذَلِكَ) أَيْ الْجَيِّدِ مِنْهَا بِالرَّدِيءِ الْمُجَانِسِ لِلْجَيِّدِ (مِنْ نَفْسِهِ) فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةُ الْوَصِيَّةِ بِالْجَوْدَةِ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ خِلَافِ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ إيصَالُ مَنْفَعَةِ الْجَوْدَةِ إلَيْهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ فَتُقُوِّمَتْ فِي حَقِّهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْبَاقِينَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْوَارِثِ وَعَنْ الصِّغَارِ فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ مِنْ نَفْسِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ بَاعَ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْجَوْدَةُ مُعْتَبَرَةً لَجَازَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ.
(وَلِذَا) أَيْ وَلِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ شُبْهَةً (لَمْ يَصِحّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الْوَارِثِ وَإِنْ لَزِمَهُ) أَيْ الدَّيْنُ الْوَارِثَ (فِي صِحَّتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (وَهِيَ) أَيْ صِحَّتُهُ (حَالَ عَدَمِ التُّهْمَةِ فَكَيْفَ بِهِ) أَيْ بِالْإِقْرَارِ بِاسْتِيفَائِهِ (إذَا ثَبَتَ) لُزُومُهُ لِلْوَارِثِ (فِي الْمَرَضِ) وَهُوَ حَالَةُ التُّهْمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالِاسْتِيفَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute