السَّلْبِ جُزْءًا لِلْمَحْمُولِ ثُمَّ أُثْبِتَ ذَلِكَ السَّلْبُ لِلْمَوْضُوعِ وَلِمُلَاحَظَةِ السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ فِيهَا سُمِّيَتْ مُوجَبَةً سَالِبَةَ الْمَحْمُولِ (وَهِيَ) أَيْ الْمُوجَبَةُ السَّالِبَةُ الْمَحْمُولِ (لَازِمَةٌ لِلسَّالِبَةِ) كَمَا أَنَّ السَّالِبَةَ لَازِمَةٌ لَهَا أَيْضًا إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ سَلْبِ الشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ، وَإِثْبَاتِ سَلْبِهِ لَهُ، وَمِنْ ثَمَّةَ لَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُوجَبَةُ إلَى وُجُودِ الْمَوْضُوعِ كَالسَّالِبَةِ بِخِلَافِ الْمَعْدُولَةِ وَلِهَذَا لَمْ نَجْعَلْهَا فِي حُكْمِ الْمَعْدُولَةِ وَكَمَا تَنْعَكِسُ الْمُوجَبَةُ الْمُحَصِّلَةُ، وَإِنْ كَانَتْ جُزْئِيَّةً تَنْعَكِسُ هَذِهِ السَّالِبَةُ (وَبِجَعْلِ عَكْسِهَا) مُسْتَوِيًا (صُغْرَى) لِلضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذِهِ مِنْ مَاصَدَق كَوْنِ الصُّغْرَى فِي حُكْمِ الْإِيجَابِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَعَكْسُ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْمِثَالِ بَعْضُ مَا لَا يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا بُرٌّ فَيُجْعَلُ صُغْرَى (لِكُلِّ بُرٍّ مَكِيلٍ فَيُنْتِجُ مَا يَنْعَكِسُ) مُسْتَوِيًا (إلَى الْمَطْلُوبِ) فَإِنَّهُ يُنْتِجُ بَعْضَ مَا لَا يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا مَكِيلٌ، وَهُوَ يَنْعَكِسُ مُسْتَوِيًا إلَى: بَعْضُ الْمَكِيلِ لَا يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (وَيُبَيِّنُ هَذَا) الضَّرْبَ (وَمَا قَبْلَهُ) مِنْ الضُّرُوبِ الْخَمْسَةِ وَالْأَخْصَرِ، وَيُبَيِّنُ ضُرُوبَهُ (بِالْخَلَفِ) أَيْضًا أَيْ بِقِيَاسِهِ، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ كَمَا أَخَذْته فِي الشَّكْلِ.
الثَّانِي (إلَّا أَنَّك تَجْعَلُ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ كُبْرَى) لِصُغْرَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ هُنَا؛ لِأَنَّ الصُّغْرَى دَائِمًا مُوجَبَةٌ، وَنَقِيضَ النَّتِيجَةِ دَائِمًا كُلِّيَّةٌ، وَفِي الشَّكْلِ الثَّانِي تَجْعَلُ صُغْرَى لِكُبْرَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَتَقُولُ فِي هَذَا الضَّرْبِ لَوْ لَمْ يَصْدُقْ بَعْضُ الْمَكِيلِ لَا يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا لِصِدْقِ نَقِيضِهِ، وَهُوَ كُلُّ مَكِيلٍ يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَيُجْعَلُ كُبْرَى لِلصُّغْرَى الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ كُلُّ بُرٍّ مَكِيلٌ فَيُنْتِجُ مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ كُلُّ بُرٍّ يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا، وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا كَانَ كُبْرَى فِي هَذَا الشَّكْلِ، وَهُوَ بَعْضُ الْبُرِّ لَا يُبَاعُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا فَلَا يَجْتَمِعَانِ صِدْقًا لَكِنَّ الْكُبْرَى صَادِقَةٌ بِالْفَرْضِ فَتَعَيَّنَ كَذِبُ هَذَا وَكَذِبُهُ يَسْتَلْزِمُ كَذِبَ مَجْمُوعِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ صَدَقَتَا لَصَدَقَ هُوَ أَيْضًا.
وَالْفَرْضُ أَنَّ الصُّغْرَى مِنْهُ صَادِقَةٌ فَلَزِمَ كَوْنُ الْكَاذِبَةِ هِيَ الْكُبْرَى الْآنَ الَّتِي هِيَ نَقِيضُ الْمَطْلُوبِ، وَإِذَا كَذِبَ نَقِيضُ الْمَطْلُوبِ كَانَ الْمَطْلُوبُ صِدْقًا، وَهُوَ الْمُدَّعَى، وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ تَخْرِيجُهُ لِمَنْ تَصَوَّرَهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(ثُمَّ اعْلَمْ) أَنَّ تَرْتِيبَ ضُرُوبِ هَذَا الشَّكْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَنِيعُ الْإِمَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُونَ لِمُخْتَصَرِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَفِي الشَّمْسِيَّةِ جَعَلَ مَا هُوَ الضَّرْبُ الثَّانِي هُنَا الضَّرْبَ الثَّالِثَ، وَمَا هُوَ الضَّرْبُ الثَّالِثُ هُنَا الضَّرْبَ الْخَامِسَ، وَمَا هُوَ الضَّرْبُ الرَّابِعُ هُنَا الضَّرْبَ الثَّانِيَ، وَمَا هُوَ الضَّرْبُ الْخَامِسُ هُنَا الرَّابِعَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَالسَّادِسُ فَكَمَا هُنَا، وَمَشَى عَلَى هَذَا شَارِحُوهَا مُعَلِّلِينَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ الضُّرُوبِ الْمُنْتِجَةِ لِلْإِيجَابِ وَالثَّانِيَ أَخَصُّ الضُّرُوبِ الْمُنْتِجَةِ لِلسَّلْبِ، وَالْأَخَصُّ أَشْرَفُ، وَقَدَّمَ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى كُبْرَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَا خَلَلَ فِي الْمَقْصُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنَّهُ لَعَلَّ الْأُولَى مَا فِي الشَّمْسِيَّةِ (الشَّكْلُ الرَّابِعُ خَالَفَ) الشَّكْلَ (الْأَوَّلِ فِيهِمَا) أَيْ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى بِأَنْ كَانَ الْحَدُّ الْوَسَطُ مَوْضُوعًا فِي الصُّغْرَى مَحْمُولًا فِي الْكُبْرَى، وَإِذْ كَانَ كَذَلِكَ (فَرَدُّهُ) إلَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ (بِعَكْسِهِمَا) أَيْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ عَكْسًا مُسْتَوِيًا فَيَجْعَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَوْضُوعَ مَحْمُولًا وَالْمَحْمُولَ مَوْضُوعًا وَيَبْقَيَانِ عَلَى حَالِهِمَا مِنْ التَّرْتِيبِ (أَوْ قَلْبِهِمَا) أَيْ أَوْ بِتَقْدِيمِ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى مِنْ غَيْرِ تَبْدِيلِ الْمَوْضُوعِ مَحْمُولًا، وَالْمَحْمُولِ مَوْضُوعًا (فَإِذَا كَانَتْ صُغْرَاهُ) أَيْ هَذَا الشَّكْلِ (مُوجَبَةً كُلِّيَّةً أَنْتَجَ مَعَ السَّالِبَةِ الْكُلِّيَّةِ) الَّتِي هِيَ كُبْرَاهُ سَالِبَةً جُزْئِيَّةً (بِرَدِّهِ) إلَى الضَّرْبِ الرَّابِعِ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ (بِعَكْسِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ لَا مَعَ الْقَلْبِ أَيْضًا (لِعَدَمِ السَّلْبِ فِي صُغْرَى) الشَّكْلِ (الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ لَازِمٌ لِلْقَلْبِ (وَ) أَنْتَجَ (مَعَ الْمُوجَبَتَيْنِ) الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ كُبْرَيَيْنِ مُوجَبَةً جُزْئِيَّةً بِرَدِّهِ إلَى الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ (بِقَلْبِهِمَا) أَيْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ (ثُمَّ عَكْسُ النَّتِيجَةِ لَا بِعَكْسِهَا لِبُطْلَانِ الْجُزْئِيَّتَيْنِ) فَإِنَّهُ لَا قِيَاسَ عَنْهُمَا، وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ عَكْسِهِمَا (فَسَقَطَتْ السَّالِبَةُ الْجُزْئِيَّةُ) فِي هَذَا الشَّكْلِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهَا أَنْ تَكُونَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute