تَعَالَى بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْعَجْزِ عَنْ إيرَادِ مَا لَا تَنَاقُضَ فِيهِ وَمُسْتَلْزِمٌ لِلْكَذِبِ وَهُوَ مُحَالٌ أَيْضًا فِي كَلَامِ الْعَالِمِ الْقَادِرِ الصَّادِقِ فَلَا نَسْخَ (وَلِتَأْدِيَتِهِ) أَيْ جَوَازِ نَسْخِهِ أَيْضًا (إلَى تَعَذُّرِ الْإِخْبَارِ بِهِ) أَيْ بِالتَّأْبِيدِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إذْ مَا مِنْ عِبَارَةٍ تُذْكَرُ لَهُ إلَّا وَيَقْبَلُ النَّسْخَ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ لَهُ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَيْفَ لَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمَعَانِي الذِّهْنِيَّةِ يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ وَالْإِخْبَارُ بِهِ (وَ) إلَى (نَفْيِ الْوُثُوقِ) بِتَأْبِيدِ حُكْمٍ مَا أَيْضًا (فَلَا يُجْزَمُ بِهِ) أَيْ بِالتَّأْبِيدِ فِي أَحْكَامٍ نَطَقَ دِينُ الْإِسْلَامِ بِتَأْبِيدِهَا أَعْنِي (فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ) أَيْ فَرْضِيَّتِهَا وَفَرْضِيَّةِ الصَّوْمِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ (وَشَرِيعَتُكُمْ) أَيْ وَلَا نَجْزِمُ بِتَأْبِيدِهَا أَيْضًا بَلْ تَجُوزُ نَسْخُهَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ غَيْرُ النَّصِّ الصَّرِيحِ عِنْدَكُمْ بِتَأْبِيدِهَا وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ التَّأْبِيدُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ النَّسْخِ جَازَ نَسْخُهَا لَكِنْ جَوَازُ نَسْخِهَا بَاطِلٌ عِنْدَكُمْ
(الْجَوَابُ إنْ عُنِيَ بِالتَّأْبِيدِ إطْلَاقُهُ) أَيْ الْحُكْمِ عَنْ التَّوْقِيتِ وَالتَّأْبِيدِ (فَلَا يَمْتَنِعُ) جَوَازُ نَسْخِهِ (إذْ لَا دَلَالَةَ لَفْظِيَّةَ عَلَيْهِ) أَيْ امْتِنَاعِ جَوَازِ نَسْخِهِ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ وَالتَّأْبِيدَ وَالْبَقَاءَ وَالِاسْتِمْرَارَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْمُطْلَقِ وَبَقَاءُ التَّعَلُّقِ وَالْوُجُوبِ وَعَدَمُ بَقَائِهِمَا غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ الصِّيغَةِ (بَلْ إنَّهُ) أَيْ النَّسْخَ (مَشْرُوعٌ) فِيمَا هَذَا شَأْنُهُ (أَوْ) عُنِيَ بِالتَّأْبِيدِ (صَرِيحَهُ) أَيْ التَّأْبِيدِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا امْتِنَاعَ لِنَسْخِهِ (إنْ جَعَلَ) التَّأْبِيدَ (قَيْدًا لِلْفِعْلِ الْوَاجِبِ) إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ دَوَامِ الْفِعْلِ وَعَدَمِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ كَ صُمْ رَمَضَانَ أَبَدًا فَإِنَّ التَّأْبِيدَ قَيْدٌ لِلصَّوْمِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ الْوَاجِبِ لَا لِإِيجَابِهِ عَلَى الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إنَّمَا يَعْمَلُ بِمَادَّتِهِ لَا بِهَيْئَتِهِ وَدَلَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ بِالْهَيْئَةِ لَا بِالْمَادَّةِ فَيَكُونُ الرَّمَضَانَاتُ كُلُّهَا مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِلْوُجُوبِ بِالِاسْتِمْرَارِ إلَى الْأَبَدِ فَلَمْ يَكُنْ رَفْعُ الْوُجُوبِ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِمْرَارِهِ مُنَاقِضًا لِلْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي صُمْ رَمَضَانَ فَإِنَّ جَمِيعَ الرَّمَضَانَاتِ دَاخِلَةٌ فِي هَذَا الْخِطَابِ وَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَ الْوُجُوبُ قَطْعًا، وَلَمْ يَكُنْ نَفْيًا لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِشَيْءٍ مِنْ الرَّمَضَانَاتِ وَتَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهُ (لَا) إنْ جُعِلَ قَيْدًا فِي (وُجُوبِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْفِعْلِ الْوَاجِبِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِأَنْ يُخْبِرَ أَنَّ الْوُجُوبَ ثَابِتٌ أَبَدًا، ثُمَّ يُنْسَخُ حَتَّى يَأْتِيَ زَمَانٌ لَا وُجُوبَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ كَمَا قَالَ (وَإِنْ لَزِمَ) صَرِيحُ التَّأْبِيدِ (قَيْدًا لَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (فَمُخْتَلِفٌ) فِي جَوَازِ نَسْخِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، ثُمَّ كَمَا قَالَ أَيْضًا (وَلَا يُفِيدُ) هَذَا التَّرْدِيدُ مَنْعَ جَوَازِ النَّسْخِ مُطْلَقًا (لِجَوَازِهِ) أَيْ النَّسْخِ (بِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ الدَّلِيلِ الدَّالِ عَلَى جَوَازِهِ، ثُمَّ وُقُوعِهِ فَالتَّشْكِيكُ فِيهِ سَفْسَطَةٌ.
(وَتَسْلِيمُ كَوْنِ الْحُكْمِ الْمُقَيَّدِ) بِالتَّأْبِيدِ (صَرِيحًا لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ لَا يُفِيدُهُمْ) أَيْ مَانِعِي جَوَازِ النَّسْخِ مُطْلَقًا (النَّفْيُ الْكُلِّيُّ) لِجَوَازِ النَّسْخِ (الَّذِي هُوَ مَطْلُوبُهُمْ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُقَيَّدَ بِالتَّأْبِيدِ أَقَلُّ مِنْ الْقَلِيلِ قَالُوا) أَيْ مَانِعُوا جَوَازِهِ سَمْعًا وَعَقْلًا؛ وَلِمَا ذَكَرْنَا (أَيْضًا) آنِفًا (لَوْ رُفِعَ) تَعَلُّقُ الْحُكْمِ (فَإِمَّا) أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ (قَبْلَ وُجُودِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (فَلَا ارْتِفَاعَ) لَهُ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَهُ يَقْتَضِي سَابِقَةَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ الْأَصْلِيَّ لَا يَكُونُ ارْتِفَاعًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ (أَوْ) يَكُونُ رَفْعُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْفِعْلِ (أَوْ) يَكُونُ رَفْعُهُ (مَعَهُ) أَيْ الْفِعْلِ (فَيَسْتَحِيلُ) رَفْعُهُ أَيْضًا لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ مَا وُجِدَ وَانْقَضَى؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْمَعْدُومِ مُحَالٌ وَلِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الشَّيْءِ حَالَ وُجُودِهِ لِلُزُومِ اجْتِمَاعِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَيُوجَدُ حِينَ لَا يُوجَدُ وَأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ (وَلِأَنَّهُ تَعَالَى: إمَّا عَالِمٌ بِاسْتِمْرَارِهِ) أَيْ بِدَوَامِ الْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ (أَبَدًا فَظَاهِرٌ) أَنَّهُ لَا نَسْخَ وَإِلَّا يَلْزَمُ وُقُوعُ خِلَافِ عِلْمِ اللَّهِ وَهُوَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ جَهْلٌ وَالْبَارِئُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْهُ (أَوْ لَا) يَعْلَمُ اسْتِمْرَارَهُ أَبَدًا (فَهُوَ) أَيْ الْحُكْمُ الْمَنْسُوخُ (فِي عِلْمِهِ مُؤَقَّتٌ فَيَنْتَهِي) الْحُكْمُ (عِنْدَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ
(وَالْقَوْلُ الَّذِي يَنْفِيهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ (لَيْسَ رَفْعًا) لِحُكْمٍ ثَابِتٍ فَلَا يَكُونُ نَسْخًا (وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ) وَهُوَ (أَنَّهُ) لَوْ رُفِعَ فَإِمَّا قَبْلَ وُجُودِهِ إلَخْ (تَرْدِيدٌ فِي الْفِعْلِ) وَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ (لَا) فِي (الْحُكْمِ) وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ إذْ النَّسْخُ ارْتِفَاعُ الْحُكْمِ لَا الْفِعْلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ ارْتِفَاعِ الْفِعْلِ ارْتِفَاعُ الْحُكْمِ (وَلَوْ أَجْرَى) التَّرْدِيدَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحُكْمِ (قُلْنَا الْمُرَادُ) بِالنَّسْخِ (انْقِطَاعُ تَعَلُّقِهِ) أَيْ الْحُكْمِ وَانْقِطَاعُ اسْتِمْرَارِهِ وَمَعْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute