الزَّمَانِ حَتَّى لَوْ خَرَّ عَلَى الْمُجْمِعِينَ سَقْفٌ عَقِبَ الِاتِّفَاقِ أَوْ عَمَّهُمْ الْهَلَاكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. قَالَ فَلَسْت أَرَى ذَلِكَ إجْمَاعًا، ثُمَّ هُوَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الظَّنِّيِّ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مِنْوَالٍ وَاحِدٍ مَعَ التَّمَادِي قَالَ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ الْمُتَكَلِّفُ وَجْهًا فَيَقُولَ يَعُمُّهُمْ ظُهُورُ وَجْهٍ مِنْ الظَّنِّ قَالَ وَلِلْفَطِنِ أَنْ يَقُولَ مَا انْتَهَى إلَى هَذَا الْمُنْتَهَى فَقَدْ اعْتَزَى إلَى الْقَطْعِ
(وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ الِانْقِرَاضُ (فِي السُّكُوتِيِّ) وَهُوَ مَا كَانَ بِفَتْوَى الْبَعْضِ وَسُكُوتِ الْبَاقِينَ لِضَعْفِهِ لَا مَا إذَا كَانَ بِصَرِيحِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَوْ بِهِمَا مَعًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، وَزَعْمُ سُلَيْمٍ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ فِي السُّكُوتِيِّ مُعْتَبَرٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الْقَوْلِيُّ وَقِيلَ يَنْعَقِدُ قَبْلَ الِانْقِرَاضِ فِيمَا لَا مُهْلَةَ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسٍ وَاسْتِبَاحَةٍ حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إتْلَافٌ وَاسْتِهْلَاكٌ اُشْتُرِطَ قَطْعًا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ فَوَجْهَانِ وَهَذَا طَرِيقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَقِيلَ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ شَرْطٌ فِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ مَشَى الطَّبَرِيُّ، ثُمَّ مِنْ الْمُشْتَرِطِينَ مَنْ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ جَمِيعِ أَهْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ أَكْثَرِهِمْ فَإِنْ بَقِيَ مَنْ لَا يَقَعُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ خَبَرِهِ كَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ بِبَقَائِهِ كَذَا فِي تَقْرِيبِ الْقَاضِي وَلَفْظُ الْغَزَالِيِّ فِي مَنْخُولِهِ اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِطُونَ فَقِيلَ يُكْتَفَى بِمَوْتِهِمْ تَحْتَ هَدْمٍ دَفْعَةً إذْ الْغَرَضُ انْتِهَاءُ أَعْمَارِهِمْ عَلَيْهِ وَالْمُحَقِّقُونَ لَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ تُفِيدُ فَائِدَةً فَإِنَّهُمْ قَدْ يُجْمِعُونَ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلتَّغْيِيرِ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِالِاشْتِرَاطِ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِهِ وَقِيلَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً.
هَذَا وَفِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ فِي فَائِدَةِ هَذَا الِاشْتِرَاطِ فَأَحْمَدُ وَمُتَابِعُوهُ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُجْمِعِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ عَمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْقِرَاضِ لَا دُخُولُ مَنْ سَيُحْدِثُ فِي إجْمَاعِهِمْ وَاعْتِبَارُ مُوَافِقِيهِ لِلْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ أَجْمَعُوا وَانْقَرَضُوا مُصِرِّينَ عَلَى مَا قَالُوا يَكُونُ إجْمَاعًا وَإِنْ خَالَفَهُمْ الْمُجْتَهِدُ اللَّاحِقُ فِي زَمَانِهِمْ، وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخَالِفُ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ إذْ اتِّفَاقُهُمْ لَيْسَ إجْمَاعًا بَعْدُ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ الْخِلَافُ مُعْتَبَرًا وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُخَالِفِ إذْ ذَاكَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ وَذَهَبَ الْبَاقُونَ إلَى أَنَّهَا جَوَازُ الرُّجُوعِ وَإِدْخَالُ مَنْ أَدْرَكَ عَصْرَهُمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي إجْمَاعِهِمْ، ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ عَصْرِ الْمُدْرَكِ الْمُدْخَلِ فِي إجْمَاعِهِمْ وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ انْعِقَادُ إجْمَاعٍ أَصْلًا كَمَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمْ (لَنَا) الْأَدِلَّةُ (السَّمْعِيَّةُ تُوجِبُهَا) أَيْ حُجِّيَّةَ الْإِجْمَاعِ (بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ الِاتِّفَاقِ مِنْ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ إذْ الْحُجَّةُ إجْمَاعُهُمْ لَا انْقِرَاضُهُمْ فَلَا مُوجِبَ لِاشْتِرَاطِهِ (قَالُوا) أَيْ الْمُشْتَرِطُونَ (يَلْزَمُ) عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ (مَنْعَ الْمُجْتَهِدِ عَنْ الرُّجُوعِ) عَنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ (عِنْدَ ظُهُورِ مُوجِبِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (خَبَرًا) كَانَ الْمُوجِبُ (أَوْ غَيْرَهُ) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ.
أَمَّا إذَا كَانَ خَبَرًا فَلِاسْتِلْزَامِهِ عَدَمَ الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ خَبَرًا بِإِنْ كَانَ إجْمَاعُهُمْ عَنْ اجْتِهَادٍ فَلِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ بَيَانُ اللُّزُومِ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ بَعْضِ الْمُجْمِعِينَ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِاجْتِهَادِهِ فَنَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِهِ الثَّانِي لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ (أُجِيبُ) وُجُودُ الْخَبَرِ مَعَ ذُهُولِ الْمُجْمِعِينَ عَلَيْهِ (يُعِيدُ بَعْدَ فَحْصِهِمْ) عَنْهُ وَالْإِطْلَاعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الذُّهُولِ الْكَائِنِ بَعْدَ الْفَحْصِ أَبْعَدُ (وَلَوْ سُلِّمَ) وُجُودُهُ بَعْدَ ذُهُولِهِمْ الْكَائِنِ بَعْدَ فَحْصِهِمْ وَالْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ (فَكَذَا) يُقَالُ لِلْمُشْتَرِطِينَ إجْمَاعُكُمْ بَعْدَ الِانْقِرَاضِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِاسْتِلْزَامِ حُجَّتِهِ إلْغَاءَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مَنْ بَعْدَكُمْ (فَهُوَ) أَيْ هَذَا الْإِلْزَامُ (مُشْتَرَكٌ) بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَنْهُ هُوَ جَوَابُنَا وَهَذَا جَوَابٌ جَدَلِيٌّ (وَالْحَلُّ) وَهُوَ الْجَوَابُ الْجَدَلِيُّ (يَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ إلْغَاءُ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْمُخَالِفِ حُكْمُهُ لِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ تَقْدِيمًا لِلْقَاطِعِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ وَهُوَ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ الَّذِي اُطُّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَنْ الرُّجُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute