قَالَ يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرُ مَا يَضَعُ ذَلِكَ الْعَيْبُ أَوْ الدَّاءُ مِنْ ثَمَنِهَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَالنُّعْمَانُ، وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَدَّهَا وَلَا يَرُدُّ مَعَهَا شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا الِاقْتِضَاضُ مِنْ ثَمَنِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَلَمْ يَرُدَّهَا بَلْ يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الرَّدِّ وَبَذْلُ الْأَرْشِ وَالْبَقَاءُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ فَإِنْ تَشَاحَّا فَالصَّحِيحُ يُجَابُ مَنْ يَدْعُو إلَى الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ.
وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الثَّيِّبِ رِوَايَتَيْنِ لَا يَرُدُّهَا كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَرُدُّهَا بِلَا شَيْءٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَنَّهَا الصَّحِيحَةُ (وَمُقَاسَمَةُ الْجَدِّ) الصَّحِيحِ وَهُوَ مَنْ لَا يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى (الْإِخْوَةَ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَمَا هِيَ مُسْتَوْفَاةٌ فِي عِلْمِ الْمَوَارِيثِ (وَحَجْبُهُ الْإِخْوَةَ فَلَا يُقَالُ بِحِرْمَانِهِ) أَيْ الْجَدِّ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ رَافِعٌ لِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ لِلْجَدِّ حَظًّا مِنْ الْمِيرَاثِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ وَفِي هَذَا الْمِثَالِ أَيْضًا نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مَشْهُورَةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ حَجْبُهُ لَهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الْمُقَاسَمَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَجَاءَ حِرْمَانُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ، ثُمَّ رَجَعَ زَيْدٌ وَعَلِيٌّ إلَى الْمُقَاسَمَةِ قُلْت اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ إجْمَاعُ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى بُطْلَانِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْحِرْمَانُ فَالْقَوْلُ بِهِ بَعْدَ مَنْ بَعْدَهُمْ يَكُونُ ثَالِثًا رَافِعًا لِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَلَا يُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ اللَّاحِقَ يَرْفَعُ الْخِلَافَ السَّابِقَ (وَعِدَّةُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا (بِالْوَضْعِ) لِحَمْلِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ (أَوْ أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ) مِنْ الْوَضْعِ وَمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ (لَا يُقَالُ) تَنْقَضِي عِدَّتُهَا (بِالْأَشْهُرِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ رَافِعٌ لِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْفَسْخِ) لِلنِّكَاحِ (بِالْعُيُوبِ) مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْقَرْنِ وَالرَّتْقِ وَعَدَمِ الْفَسْخِ بِهَا (وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ زَوْجٍ) وَأَبَوَيْنِ (لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْكُلِّ أَوْ ثُلُثُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَيْنِ.
(يَجُوزُ التَّفْصِيلُ فِي الْعُيُوبِ) وَكَيْفَ لَا وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِيهَا مَشْهُورَةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالتَّفْرِيقِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُفْسَخُ بِهِ كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ وَقَدْ وَقَعَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْخِلَافِيَّاتِ (وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ) كَمَا سَتَعْلَمُ فَإِنَّ التَّفْصِيلَ فِي كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ لَمْ يَرْفَعْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَافَقَ فِي كُلِّ صُورَةٍ قَوْلًا (وَطَائِفَةٌ) كَالظَّاهِرِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ بَرْهَانٍ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ قَالُوا (يَجُوزُ) إحْدَاثُ ثَالِثٍ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُجْمِعُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ الصَّحَابَةَ أَوْ غَيْرَهُمْ وَسَوَاءٌ رَفَعَ الثَّالِثُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَرْفَعْ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ نَقْلِ قَوْلَيْنِ عَنْ أَهْلِ عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ ظُهُورِ إجْمَاعِهِمْ عَلَيْهِمَا فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ إحْدَاثِ ثَالِثٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ نَفْيُ بَيَانِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَقَالَ (الْآمِدِيُّ) إنَّمَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ إذَا لَمْ يَرْفَعْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ (لَمْ يُخَالِفْ مُجْمَعًا) عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ خِلَافُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (الْمَانِعُ) مِنْ الْإِحْدَاثِ؛ لِأَنَّهُ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ وَلَمْ يُوجَدْ (بَلْ) الثَّالِثُ حِينَئِذٍ (وَافَقَ كُلًّا) مِنْ الْقَوْلَيْنِ (فِي شَيْءٍ) فَيَجُوزُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْجَوَازِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ وَارْتِفَاعُ الْمَانِعِ مِنْهُ وَهُوَ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ فَإِنْ قِيلَ كَوْنُ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلٍ وَلَمْ يُفَصِّلُوا إجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ لِلْإِجْمَاعِ لَازِمَةٌ لِكُلِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ إحْدَاثٍ ثَالِثٍ فَالْجَوَابُ الْمَنْعُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَكَوْنُ عَدَمِ التَّفْصِيلِ مُجْمَعًا) عَلَيْهِ (مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ) أَيْ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ (الْقَوْلُ بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ التَّفْصِيلِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوهُ بَلْ سَكَتُوا عَنْهُ (وَإِلَّا) لَوْ كَانَ السُّكُوتُ عَنْ التَّفْصِيلِ قَوْلًا بِعَدَمِهِ (امْتَنَعَ الْقَوْلُ فِيمَا يَحْدُثُ) مِنْ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَا قَوْلَ لِأَحَدٍ فِيهَا (إذْ كَانَ عَدَمُ الْقَوْلِ قَوْلًا بِالْعَدَمِ) لِلْقَوْلِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الشَّيْءِ وَعَدَمِ الْقَوْلِ بِالشَّيْءِ أَنْ لَا حُكْمَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
(وَلَنَا) عَلَى الْمُخْتَارِ وَهُوَ الْأَوَّلُ (لَوْ جَازَ التَّفْصِيلُ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِخَطَئِهِ) أَيْ التَّفْصِيلِ (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّفْصِيلَ لَا عَنْ دَلِيلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute