للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَا عَبْدَ اللَّهِ، وَإِنْ أَكْرَمَتْنِي أَكْرَمْتُك وَيُقَالُ لِهَذِهِ شَرْطِيَّةٌ، وَأَمَامُك أَوْ فِي الدَّارِ مِنْ زَيْدٍ أَمَامُك أَوْ فِي الدَّارِ وِفَاقًا لِلْبَصْرِيِّينَ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي تَقْدِيرِهِمْ مِثْلُهُ بِنَحْوِ حَصَلَ أَوْ اسْتَقَرَّ وَيُقَالُ لِهَذِهِ ظَرِيفَةٌ وَخِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ فِي تَقْدِيرِهِمْ إيَّاهُ بِنَحْوِ حَاصِلٌ أَوْ مُسْتَقِرٌّ فَجَعَلُوهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ السَّرَّاجِ بِجَعْلِهِ قِسْمًا بِرَأْسِهِ لَا مِنْ الْمُفْرَدِ وَلَا مِنْ الْجُمْلَةِ (أَوْ نَاقِصَةً) أَيْ، وَإِنْ أَفَادَ نِسْبَةً نَاقِصَةً، وَهِيَ تَعَلُّقٌ لِأَحَدِ جُزْأَيْهِ بِالْآخَرِ غَيْرُ مُفِيدٍ مَا يَصِحُّ السُّكُوتُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ ذَاتِهِ.

(فَالتَّقْيِيدِيُّ) أَيْ فَهُوَ الْمُرَكَّبُ التَّقْيِيدِيُّ لِتَقْيِيدِ كُلٍّ مِنْ جُزْأَيْهِ بِالْآخَرِ، وَالنَّاقِصُ لِنُقْصَانِ نِسْبَتِهِ عَنْ نِسْبَةِ الْأَوَّلِ فَيَشْمَلُ سَائِرَ الْمُرَكَّبَاتِ حَاشَا الْإِسْنَادِيِّ (وَمُفْرَدٌ أَيْضًا) أَيْ، وَهُوَ مُفْرَدٌ أَيْضًا فِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ؛ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ عِنْدَهُمْ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ عَلَى هَذَا كَمَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِهِ فِي تَقْسِيمِ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ إلَى مُفْرَدٍ وَجُمْلَةٍ، وَعَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ اسْتِطْرَادًا بِقَوْلِهِ (وَكَذَا فِي مُقَابَلَةِ الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَقْسِيمِ الِاسْمِ إلَيْهِ وَإِلَيْهِمَا، وَفِي مُقَابَلَةِ الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ جَمْعُ سَلَامَةَ لِغَيْرِ الْمُؤَنَّثِ كَمَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِهِ فِي بَابِ الْإِعْرَابِ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ (وَالْمُضَافِ) أَيْ، وَعَلَى مَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُضَافِ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ الْمُنَادِي الْمُفْرَدُ الْمَعْرِفَةُ يُبْنَى عَلَى مَا يُرْفَعُ بِهِ فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ هَذَا بِاسْمِ الْفَاعِلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ كَقَائِمٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ نِسْبَةً نَاقِصَةً مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَكَّبٍ تَقْيِيدِيٍّ فَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَنَحْوَ قَائِمٍ) مِنْ الصِّفَاتِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (لَا يَرِدُ) عَلَى الْمُرَكَّبِ (؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ) لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الْمُفْرَدِ عَلَيْهِ (وَأَيْضًا) لَيْسَ بِمُفِيدٍ نِسْبَةً نَاقِصَةً وَضْعًا بَلْ هُوَ وَضْعًا (إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ) بِالْمَعْنَى الَّذِي اُشْتُقَّ هُوَ مِنْهُ (فَتَلْزَمُ النِّسْبَةُ) أَيْ نِسْبَتُهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ (عَقْلًا) ضَرُورَةَ أَنَّ الْوَصْفَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِمَوْصُوفٍ (لَا مَدْلُولِ اللَّفْظِ) أَيْ لَا أَنَّ النِّسْبَةُ الْمُشَارِ إلَيْهَا مَقْصُودَةُ الْإِفَادَةِ مِنْ لَفْظِهِ مَدْلُولًا لَهُ فَلَا نِسْبَةَ وَضْعِيَّةً فِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا تَامَّةً وَلَا نَاقِصَةً ثُمَّ لَوْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْفَاعِلِ الْمَخْبَرُ بِهِ عَنْ الْمُبْتَدَأِ الْمُسْنَدِ إلَى ضَمِيرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ مَعَ الضَّمِيرِ جُمْلَةً كَالْفِعْلِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ فِي جَوَابِهِ (وَحَالَ وُقُوعِهِ) أَيْ اسْمُ الْفَاعِلِ (خَبَرًا فِي نَحْوِ زَيْدٌ قَائِمٌ نِسْبَتُهُ إلَى الضَّمِيرِ) الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، وَهُوَ هُوَ الرَّاجِعُ إلَى زَيْدٍ (لَيْسَتْ تَامَّةً بِمُجَرَّدِ ذَاتِهِ) أَيْ قَائِمٌ (بَلْ التَّامَّةُ) نِسْبَتُهُ (إلَى زَيْدٍ) فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ ضَمِيرِهِ جُمْلَةٌ (وَلِذَا) أَيْ وَلَكَوْن نِسْبَةِ قَائِمٍ إلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ لَيْسَتْ بِتَامَّةٍ (عُدَّ) قَائِمٌ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ ضَمِيرِهِ (مُفْرَدًا) لَا جُمْلَةً كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى مَا فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ لِمُصَنِّفِهِ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجُمْلَةَ هِيَ الَّتِي تَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَنْسُوبِ وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مَعَ ضَمِيرِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ لَفْظُهُ بِاخْتِلَافِ الْعَوَامِلِ، وَهُوَ حُكْمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَعَبَّرَ ابْنُ مَالِكٍ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ لِتَسَلُّطِ الْعَوَامِلِ عَلَى أَوَّلِ جُزْأَيْهِ الثَّانِي أَنَّ وَضْعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُعْتَمِدًا عَلَى مَنْ هُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى أَنْ يُفِيدَ فِي ذَاتِ تَقَدُّمَ ذِكْرِهَا فَيَسْتَقِلُّ مَعَ الْمُعْتَمِدِ عَلَيْهِ بِالْإِفَادَةِ فَاسْتِعْمَالُهُ مُبْتَدَأً مُسْتَقِلًّا بِفَاعِلِهِ خُرُوجٌ عَنْ وَضْعِهِ اهـ.

عَلَى أَنَّ مِنْهُمْ مِنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ مَرْفُوعِهِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ لَيْسَ بِجُمْلَةٍ حَالَ كَوْنِهِ خَبَرًا أَيْضًا قَالَ، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي نَحْوِ زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ خَبَرَانِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْفِعْلُ مَعَ مَرْفُوعِهِ حَالَ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا جُمْلَةً تَامَّةً اسْتَصْحَبُوا إطْلَاقَ الْجُمْلَةِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاسْمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالْمُشْتَقُّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعَ مَرْفُوعِهِ جُمْلَةً تَامَّةً ضَرُورَةَ احْتِيَاجِهِ إلَى ضَمِيمَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجْعَلُوهُ جُمْلَةً، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْفِعْلِ مَعَ مَرْفُوعِهِ جُمْلَةً دُونَ اسْمِ الْفَاعِلِ مَعَ مَرْفُوعِهِ.

هَذَا كُلُّهُ عَلَى اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ (وَعَلَى الْمَنْطِقِيِّينَ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ (فِي اعْتِبَارِهِ) أَيْ اعْتِبَارِهِمْ الضَّمِيرَ (الرَّابِطَةَ) الْغَيْرَ الزَّمَانِيَّةِ فِي الْقَضَايَا الْحَمْلِيَّةِ لِيَرْتَبِطَ بِهَا الْمَحْمُولُ بِالْمَوْضُوعِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ وُقُوعِ النِّسْبَةِ أَوْ لَا، وُقُوعُهَا سُمِّيَ بِهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى النِّسْبَةِ الرَّابِطَةِ بَيْنَهَا تَسْمِيَةً لِلدَّالِّ بِاسْمِ الْمَدْلُولِ فَيَكُونُ اسْمُ الْفَاعِلِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ قَائِمٌ لَيْسَ بِجُمْلَةٍ (أَظْهَرُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>