(مَعَ أَرْبَعَةِ الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ فِيهِمَا (يُقَدَّمُ صَحِيحُهُمَا) أَيْ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (مِنْهُ) أَيْ الِاسْتِحْسَانِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى بَاقِي حَالَاتِ الْقِيَاسِ لِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَيُرَدُّ فَاسِدُهُمَا) أَيْ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ لِفَسَادِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَسَقَطَتْ أَرْبَعَةٌ (تَبْقَى أَرْبَعَةٌ) حَاصِلَةٌ (مِنْ) ضَرْبِ (بَاقِي كُلٍّ) مِنْ حَالَاتِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِي الْآخَرَيْنِ أَحَدُهَا اسْتِحْسَانٌ صَحِيحُ الظَّاهِرِ فَاسِدُ الْبَاطِنِ مَعَ قِيَاسٍ بِالْقَلْبِ ثَانِيهَا اسْتِحْسَانٌ فَاسِدُ الظَّاهِرِ صَحِيحُ الْبَاطِنِ مَعَ قِيَاسٍ بِالْقَلْبِ ثَالِثُهَا اسْتِحْسَانٌ صَحِيحُ الظَّاهِرِ فَاسِدُ الْبَاطِنِ مَعَ قِيَاسٍ كَذَلِكَ رَابِعُهَا اسْتِحْسَانٌ صَحِيحُ الْبَاطِنِ فَاسِدُ الظَّاهِرِ مَعَ قِيَاسٍ كَذَلِكَ (فَالِاسْتِحْسَانُ الصَّحِيحُ الْبَاطِنِ الْفَاسِدُ الظَّاهِرِ مَعَ عَكْسِهِ) أَيْ فَاسِدِ الْبَاطِنِ صَحِيحِ الظَّاهِرِ (مِنْ الْقِيَاسِ مُقَدَّمٌ) عَلَى عَكْسِهِ مِنْ الْقِيَاسِ (وَفِي قَلْبِهِ) أَيْ الِاسْتِحْسَانِ الْفَاسِدِ الْبَاطِنِ الصَّحِيحِ الظَّاهِرِ مَعَ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ الْبَاطِنِ الْفَاسِدِ الظَّاهِرِ (الْقِيَاسُ) مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ (كَمَا) الْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ (مَعَ الِاسْتِحْسَانِ الصَّحِيحِ الْبَاطِنِ إلَخْ) أَيْ الْفَاسِدِ الظَّاهِرِ (مَعَ مِثْلِهِ) أَيْ الصَّحِيحِ الْبَاطِنِ الْفَاسِدِ الظَّاهِرِ (مِنْ الْقِيَاسِ لِلظُّهُورِ) فِي الْقِيَاسِ (وَيَرِدُ قَلْبُهُمَا) أَيْ صَحِيحِ الظَّاهِرِ فَاسِدِ الْبَاطِنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ لَا أَنَّ الْقِيَاسَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ فِي هَذَا كَمَا ذَكَرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.
(قِيلَ) أَيْ وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (وَالظَّاهِرُ امْتِنَاعُ التَّعَارُضِ فِي هَذَيْنِ) أَيْ صَحِيحِ الْبَاطِنِ مِنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ سَوَاءٌ كَانَ صِحَّتُهُمَا الْبَاطِنَةُ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي صِحَّةِ الظَّاهِرِ أَوْ دُونَهُ (وَفِي قَوِيِّ الْأَثَرِ) مِنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ (لِلُزُومِ التَّنَاقُضِ فِي الشَّرْعِ) عَلَى تَقْدِيرِ التَّعَارُضِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ وَصْفًا مِنْ الْأَوْصَافِ عِلَّةً لِحُكْمٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ ذَلِكَ الْوَصْفُ مُطْلَقًا أَوْ بِلَا مَانِعٍ يُوجَدُ ذَلِكَ الْحُكْمُ لَكِنَّهُ قَدْ وُجِدَ ذَلِكَ الْوَصْفُ فِي فَرْعٍ فَوُجِدَ الْحُكْمُ فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الشَّرْعُ أَيْضًا وَصْفًا آخَرَ عِلَّةً لِنَقِيضِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ ثُمَّ يُوجَدُ هَذَا الْوَصْفُ فِي ذَلِكَ الْفَرْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ حُكْمُهُ بِالتَّنَاقُضِ وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى الشَّارِعِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ التَّعَارُضُ لِجَهْلِنَا بِالصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ (وَبِقَلِيلِ تَأَمُّلٍ يَنْتَفِي التَّرْجِيحُ بِالظُّهُورِ أَيْ التَّبَادُرِ إذْ لَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ لِلظُّهُورِ (مَعَ اتِّحَادِ جِهَةِ الْإِيجَابِ) لِلْحُكْمِ (بَلْ يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ) لِلْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الْكَائِنَيْنِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ (إنْ جَازَ تَعَارُضُهُمَا بِمَا تَتَرَجَّحُ بِهِ الْأَقْيِسَةُ الْمُتَعَارِضَةُ غَيْرَ أَنَّا لَا نُسَمِّي أَحَدَهُمَا اسْتِحْسَانًا اصْطِلَاحًا) .
وَحَيْثُ انْجَرَّ الْكَلَامُ إلَى التَّرْجِيحِ فِي تَعَارُضِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ فَلْنُتِمَّهُ بِذِكْرِ التَّرْجِيحَاتِ بَيْنَ الْأَقْيِسَةِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا فَنَقُولُ (وَهَذِهِ تَتِمَّةٌ فِيهِ) أَيْ فِيمَا تُرَجَّحُ بِهِ الْأَقْيِسَةُ الْمُتَعَارِضَةُ (يُقَدَّمُ) الْقِيَاسُ الَّذِي هُوَ (مَنْصُوصُ الْعِلَّةِ) أَيْ مَا كَانَتْ عِلَّتُهُ ثَابِتَةً بِالنَّصِّ (صَرِيحًا عَلَى مَا) أَيْ عَلَى الْقِيَاسِ الثَّابِتَةِ عِلَّتُهُ (بِإِيمَاءٍ) مِنْ النَّصِّ لِأَنَّهُ دُونَ الصَّرِيحِ ثُمَّ فِي الْإِيمَاءِ يُرَجَّحُ مَا يُفِيدُ ظَنًّا أَغْلَبَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَطْعِ عَلَى غَيْرِهِ (وَمَا بِقَطْعِيٍّ عَلَى مَا بِظَنِّيٍّ وَمَا غَلَبَ ظَنُّهُ) أَيْ وَالْقِيَاسُ الثَّابِتُ عِلِّيَّةُ عِلَّتِهِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ عَلَى الْقِيَاسِ الثَّابِتِ عِلِّيَّةُ عِلَّتِهِ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ أَوْ غَالِبِ الظَّنِّ لِأَنَّ الْقَاطِعَ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْعِلِّيَّةِ بِخِلَافِهِمَا وَمَا غَلَبَ ظَنُّهُ عَلَى مَا لَمْ يَغْلِبْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقَطْعِ مِنْهُ (وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ) الْعِلَّةِ (ذَاتِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ) أَيْ الثَّابِتَةِ بِهِ (عَلَى) الْعِلَّةِ (الْمَنْصُوصَةِ) بِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ قَطْعِيًّا كَمَا نَقَلَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ تَقْدِيمَ الْقِيَاسِ الثَّابِتِ حُكْمُ أَصْلِهِ بِالنَّصِّ عَلَى الْقِيَاسِ الثَّابِتِ حُكْمُ أَصْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْحَاصِلِ وَالْبَيْضَاوِيُّ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ اللَّفْظِيَّةَ قَابِلَةٌ لِلتَّخْصِيصِ وَالتَّأْوِيلِ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ هَذَا بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ فَرْعٌ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ حُجِّيَّتَهُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالْأَدِلَّةِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْأَصْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفَرْعِ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ نَعَمْ إنْ كَانَ وَجْهُ تَقْدِيمِ الْمَنْصُوصَةِ بِإِجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ عَلَى الْمَنْصُوصَةِ بِقَطْعِيٍّ غَيْرِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ احْتِمَالِ الْإِجْمَاعِ التَّخْصِيصَ وَالتَّأْوِيلَ فَلَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَنْصُوصَةُ ثَابِتَةً بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ مُفَسَّرٍ أَوْ مُحْكَمٍ بِاصْطِلَاحِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِهَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ احْتِمَالِ الْإِجْمَاعِ النَّسْخَ فَلَا يَتِمُّ فِي الْمَنْصُوصَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute